إعادة تدوير في الزمن الشرير
كامل النصيرات
هل جرّب أحدكم إعادة تدوير القهوة..؟ طبعًا لا يفعلها إلّا “خِرّيم شرب القهوة” أمثالي.. حتى وأنا أكتب لكم الآن؛ كنتُ قد انقطعتُ من البُن.. والانقطاع هنا تعني استحالة الوصول إليه بكل السُّبل.. فاضطررتُ للجوء إلى “أقعار الفناجين” واستخلاص “الحِثل” وإعادة تدويره فوق النار مع قليل من الماء..!
لا تظنّوا أنني أشتكي.. أفعل ذلك كي أصنع السعادة.. وها أنا سعيد.. وكل شيبة في رأسي تتنطنط فرحًا مما لحق بها من مساحيق السعادة..!
ولا تظنّوا أيضًا أن القهوة هي الوحيدة التي يعيد تدويرها أمثالي من الحكماء والعباقرة في الشارع العربي العريض .. بل لو ألقيتم القبض على “لابس بدلة” وأمرتم بتفتيشه لرأيتم كيف أن البدلة الوحيدة أخفت إعادة تدوير ملابسه الداخلية عوضًا عن الخارجية..!
ولا تظنّوا أيضًا أن المواطن العربي لا يجيد تدبير أموره..! بالعكس، هو فلتة زمانه الشرير في التدوير.. يجيد تدوير لقمة متروكة من أسبوع في أحد رفوف ثلاجته الفارغة أو المتروكة على “حِفّة” شًبّاك..!
لا تظنّوا ولا تظنّوا.. واطمئنوا نحن بخير ما دمتم بخير ولا “تُدوِّرون” الأشياء كلها مثلنا.. التدوير لنا.. فوقًا وتحتًا لنا.. طولًا بعرضٍ لنا.. نحن اختصاصيو التدوير.. ندوِّر كلَّ شيء.. والله كلّ شيء، حتّى الحقد والكره والجفاء وانتظار اللحظة المناسبة ؛ كل هذه الأشياء نستطيع تدويرها كي نصنع “الدَّوَر”.. أتعرفون الدَّوَر ..؟ّ إنه فاكهة لذيذة أنتم محرومون منها للآن في الشارع العربي العريض..!