إرادة شعبية في الإنتخابات النيابية … قراءة بين السطور
داود شاهين
بداية لا بد من تهنئة الشعب الاردني وحزب جبهة العمل الاسلامي على نجاح العرس الديمقراطي الحر. والذي كانت إحدى نتائجه. فوز كاسح للقائمة الوطنية لجبهة العمل الإسلامي. والعديد من القوائم المحلية. هذه الإنتخابات التي لم تدع مجال لشك في نزاهتها وديمقراطيتها. وبخلوها من أي تدخلات أو مؤثرات على إرادة الناخب. لتخرج علينا بمفاجئة مدوية ليس على صعيد نجاح جبهة العمل الإسلامي وحسب بل بفارق الاصوات بين جبهة العمل الاسلامي و أقرب منافسيها.
وبتحليل متواضع لنتيجة الإنتخابات نجد أن السبب الرئيسي والذي دفع الناخب الاردني الى إنتخاب قائمة جبهة العمل الإسلامي. هو وجود برنامج عمل لهذا الحزب. بغض النظر إن كان البرنامج جديد ام قديم. لكنه موجود وتم طرحة الى الناخبين. ليجدوا أن هذا البرنامج يلامس واقعهم و متطلباتهم. وهذا ما فقد في اغلب البرامج الإنتخابية للأحزاب الأخرى. والتي كانت برامجها عبارة عن شعارات أطلقتها الاحزاب في محاولة منها لمداعبة مشاعر الناخبين.
فوز جبهة العمل الإسلامي لا يعني تمكنها من تشكيل حكومة حزبية في المرحلة الحالية. ولكنه يعلق الجرس ويدق ناقوس الخطر أمام العديد من الأحزاب على ضرورة العمل خلال السنوات الاربع القادمة على أعداد برامج حزبية تلامس واقع المواطن الاردني. ويستقطب العدد الاكبر من المؤيدين لها لمساعدتها على خوض غمار المعركة الإنتخابية القادمة.
فوز جبهة العمل الإسلامي يعني أن هناك العديد من الأحزاب الهلامية. عليها العمل على إعادة هيكلة وترتيب بيتها الداخلي. لتتمكن مستقبلاً من خوض غمار الإنتخابات بقوة وإقتدار.مستندة الى برامجها التي لم تكن موجودة في هذه الجولة.
المتصفح لقانون الانتخاب الاردني يجد أن عملية الإنتقال الى مجلس نواب حزبي بالكامل سيكون على مدار ثلاث دورات إنتخابية للوصول الى حكومة حزبية. أول هذه الدورات كانت دورة 2024 والتي من الممكن ان يقال عنها. ان حزب جبهة العمل الإسلامي قد فاز بها بإكتساح. هذا الإكتساح الذي يضع حزب جبهة العمل الإسلامي والأحزاب الأخرى أمام تحديات مستقبلية أهمها:
أولاً : ان يحافظ حزب جبهة العمل الإسلامي على دعم الشارع الاردني الذي وصل بهم الى الإكتساح. الذي لا يستطيع أي من قيادات الحزب إنكاره. فعدد الناخبين الذين إختاروا قائمة الحزب يفوق عدد اعضائه باضعاف مضاعفة. وبالتالي فعلى نواب حزب جبهة العمل الإسلامي إثبات وجودهم تحت قبة البرلمان والعمل على إستقطاب المزيد من المؤيدين والمؤازرين من خلال أدائهم تحت القبة.
ثانياً : على الاحزاب الهلامية العمل على ترتيب بيتها الداخلي وإعادة هيكلة هذا البيت. كما عليها العمل على إعداد برامج تحاكي اوجاع وهموم الشارع الأردني مبتعدة عن الشعارات البراقة والشعبويات.
ثالثاً : لا ضير في أن تعمل الاحزاب الضعيفة التي لم يمكن لها وجود في مجلس النواب الجديد على الإندماج في حزب واحد تصلح من خلاله مواطن الضعف بها. مسلطة الضوء على أسباب ضعفها وأسباب خسارتها لهذه الجولة.
رابعاً : وبالعودة الى حزب جبهة العمل الإسلامي. فلا بد من العمل على تحديث برامجه ليتناسب والوضع العام . ملبياً لتطلعات الشارع والناخب الأردني.
ختاماً أقول جولة الإنتخابات الحالية ليست نهاية المطاف. بل بداية طريق التحديث السياسي. وخسارة اليوم لا تعني خسارة أبدية . تحديد الأهداف و وضع الخطط والبرامج وتحديث سياسة العمل. مفتاح للفوز في جولات قادمة. وفوز اليوم مسؤولية على حزب جبهة العمل الإسلامي الحفاظ عليها بالتحديث والتطوير وملامسة هموم المواطن الأردني.
حمى الله الوطن والمواطن