صيد الشاهين

عرس معان .. أمهات ثكلى.. وارملتان

داود شاهين

لا تختلف حادثة إطلاق النار في معان والتي ذهب ضحيتها المرحوم حمزة الفناطسة ” عريس معان” عن مثيلاتها من قصص اطلاق عيارات نارية في المناسبات في كافة أرجاء الوطن.فجميعها تنتهي نهاية مأساوية يكون نتيجتها حالة وفاة نتيجة عيار ناري.

تسلسل الأحداث في هذه المرة يختلف تماماً … هذه المرة المتوفي أو بلغة قانونية ” المغدور ” شاب في مقتبل العمر تحتفل به مدينته لتزفه عريس تجمع حوله الرفاق والأصدقاء ليحتفلوا به ويفرحوا لفرحه وكعادات الأردنيين حمام العريس ومن ثمة زفة العريس حتى باب منزله ….. في الجانب الآخر من الحي أم وأخوات وعمات وخالات وقريبات وجارات ينتظرن وصول زفة العريس بالزغاريت والحلويات وكل ما يعبر عن الفرح.

أحد أصدقائي الثقات روى لي معلومة موثوقة مفادها ( أن أقرب أصدقاء العريس المغدور والذي تزوج قبل مايقارب الأسبوع ” يعني عريس” حضر خصيصاً ليشارك صديقه فرحته. كان هو من أطلق النار بحسن نية كانت نتيجتها رصاصة في جسد المغدور تودي بحياته.

المشهد بعد إطلاق النار…..

صمت يعم المكان … صرخات و ويلات وآهات تصل الى عنان السماء … أم وأخوات ومدينة محتفلة بفرح يتحول فرحها الى ترح في لحظات … عروس تنتظر وصول عريسها تتفاجئ بأنه لن يصل أبداً وأنها قد أصبحت أرملة قبل أن تتزوج …. خسارة لا مجال ومن المحال تعويضها… في الجانب الآخر… أم فقدت ابنها القاتل… وعروس ترملت وزوجها على قيد الحياة … معان تدفن إثنين من شبابها … أحدهما قُتل والآخر قاتل دفن وهو حي…. أم قُتل أبنها … وأم قَتلها أبنها… عروس ترملت بوفات عريسها …. وعروس رملها عريسها.

هل هذا هو الفرح ؟؟ أهكذا نشارك الأعزاء أفراحهم ؟؟؟؟؟

في جميع حالات إطلاق النار التي يكون نتيجتها إصابة أو وفاة لأحد الأشخاص يسلط الضوء على الجانب الخاص بعائلة المغدور…و لم يتحدث أي منا عن الجانب الآخر من المأساة ” وأتمنى أن لا يعتقد أي شخص أني أدعوا للتعاطف مع عائلة الجاني” لكني أسلط الضوء اليوم على حجم مأساة تتكرر نتيجة لعمل طائش وعيار ناري لاقيمة له لكن نتيجته دمار لعائلات يضيع مستقبل أفرادها.

أنا لا أتعاطف مع القاتل لكني أدعوا مطلقي العيارات النارية الى التفكر قليلاً بعائلاتهم ومصيرها بعد عيار ناري قد يكون السبب في إنهاء حياة أحدهم كما حدث في معان…. عليهم التمعن والتفكير بمصيرهم ومصير عائلاتهم ومعاناة عائلاتهم بعد إرتكابهم لهذه الجريمة …. عليهم التفكير والتفكر بالتشرد و النبذ الذي سيرافق عائلاتهم نتيجة إطلاقه لعيار ناري يصيب أحدهم عن طريق الخطأ….. عليهم التفكير بما سيحدث مع عائلاتهم خلال سنوات حبسهم … والمعاناة التي سيعانونها.

ختاماً ادعوا الله وأطلب متمنياً على كل من قرأ ما كتبت أن يدعوا الله معي أن يربط على قلب أم حمزة وعروسه التي لم يزف اليها وأن يشد من أزرهن وأن يجبرهن في مصابهن وأن يحسن عزائهن … كما أدعوا الله أن يربط على قلب أم القاتل وزوجته وأن يشد من أزرهن فلهن من المصاب نصيبهن…. رحم الله حمزة الفناطسة وأسكنه فسيح جناته وتقبله عنده في عليين بين الأنبياء والشهداء والصالحين.

إنا لله وإنا اليه راجعون

زر الذهاب إلى الأعلى