أقلام حرة

شكراً للمهندسين، شكراً لطلبة الجامعات

حمادة فراعنة

ذكرني نشاط «لجنة مهندسون من أجل فلسطين والقدس» لدى نقابة المهندسين الأردنيين، واستجابة طلبة الجامعات لمبادرتها في جمع التبرعات لصالح ترميم بيوت المقدسيين في بلدتهم القدس القديمة، ذكرتني ونحن أطفال لدى المرحلة الابتدائية في مدرسة وكالة الغوث في مخيم الحسين للاجئين.

كنا نتبرع لنضال الشعب الجزائري كل يوم سبت، وكان أستاذتنا من الحزبيين : علي عيسى الشيوعي، فؤاد دبور البعثي وإبراهيم إسماعيل من حزب التحرير، كانوا يحثون الطلاب على التبرع من مصروفاتهم اليومية الضئيلة، كان مصروف الواحد منا: تعريفة نصف قرش، أو قرش، وصاحب العائلة الميسورة ربما كان يحصل على قرش ونصف القرش، ولذلك كنا « نحوش» نقطتع من مصروفنا اليومي، نصف قرش، حتى نتنافس يوم السبت من يدفع تحويشته الاسبوعية لصندوق التبرع لشعب الجزائر وثورته ضد الاستعمار الفرنسي، ولم «تسعنا الدنيا» حينما تحررت الجزائر؛ لأن شعورنا كما قال لنا الأساتذة «أنتم شركاء في تحرير الجزائر» والدور المقبل على اليمن ومن ثم فلسطين، ويبدو أن وقت فلسطين حقاً قد حان نحو الحرية بعد الجزائر واليمن.

تبرعات طلبة الجامعات الأردنية، كانت ملفتة، لا يمكن تجاهل فرحة طلبة الجامعة الأردنية الذين حققوا رقماً قياسياً مقارنة مع تبرعات الجامعات الأخرى، بمائة وثلاثين الف دينار، فعبروا عن فرحهم بما انجزوه “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”.

شعب فلسطين يحتاج لروافع لدعم صموده أولاً على أرض وطنه، ودعم نضاله من أجل حرية وطنه ثانياً، ومن أجل عودة اللاجئين من مخيمات البؤس والشقاء إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، عودتهم إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها ثالثاً. تبرعات طلبة الجامعات الأردنية لفلسطين انعكاساً للوعي الوطني والقومي والديني والإنساني المليء في نفوسهم وتطلعاتهم وحس عائلاتهم وثقافتهم نحو فلسطين، ومقارنة بالفقر الذي كنا نعانيه اطفالاً أولاد اللاجئين في المخيم، يواجه طلبتنا اليوم ربما ليس نفس القسوة، ولكن على الأغلب أن عائلات شعبنا الأردني يواجه قسوة الحياة وضيقها، وفق المعطيات القائمة، من الفقر وتدني المداخيل، ومع ذلك لا يترددون باقتطاع جزء من مصاريفهم اليومية من أجل فلسطين. التبرع لفلسطين يحمي الأمن الوطني الاردني في مواجهة سياسات ومخططات المستعمرة الإسرائيلية في محاولاتها لإعادة رمي القضية الفلسطينية وتبعاتها خارج فلسطين، كما نجحت وفعلت عام 1948، خاصة بعد أن نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات ونضال شعبه على أثر الانتفاضة الأولى، بإعادة الموضوع والعنوان والنضال الفلسطيني من المنفى إلى الوطن.

مبادرة نقابة المهندسين ،و»لجنة مهندسون من أجل فلسطين والقدس» تستحق منا جميعاً، من شعبنا أبناء الريف والبادية والمدن والمخيمات التقدير العالي، لأنها حقاً تستجيب لضمائر الأردنيين المسكونة بحب فلسطين والتعلق بها، والمشاركة في تحرير فلسطين، كما فعلنا ونحن أطفال فقراء مع الجزائر.

زر الذهاب إلى الأعلى