أقلام حرة

حسن معجب الحويزي… حين تتحوّل المسؤولية إلى أثر وطني باقٍ


محمد أبوحريد


في لحظات التحوّل الكبرى، لا تُقاس القيادات بعدد السنوات، بل بعمق الأثر، ولا تُخلَّد المناصب بمدّتها، بل بما تُحدِثه من فرق. وحين نكتب عن مرحلة من مراحل الغرف التجارية في المملكة العربية السعودية، فإننا لا نكتب عن إدارة عابرة، بل عن مسار وطني قاده رجل أدرك معنى التكليف قبل التشريف، وحمل الأمانة بروح الدولة لا بمنطق المنصب.
الأستاذ حسن معجب الحويزي لم يكن رئيسًا للغرف التجارية فحسب، بل كان شاهدًا وفاعلًا في مرحلة اقتصادية فارقة، تزامنت مع عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومرحلة التمكين التاريخي التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث انتقلت المملكة من إدارة الموارد إلى صناعة المستقبل، ومن اقتصاد تقليدي إلى نموذج تنموي متكامل.
قيادة تعرف الاتجاه وتفهم المرحلة
قاد الحويزي الغرف التجارية بعقلية استراتيجية تدرك حجم التحول الذي تعيشه المملكة، فعمل على إعادة تعريف دور الغرفة التجارية بوصفها شريكًا في القرار، ورافعة للاقتصاد، ومنصة لتكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص. لم تكن الغرف في عهده كيانات إجرائية، بل مراكز تأثير، وصوتًا موحدًا لقطاع خاص يواكب طموح الدولة.
امتد حضوره إلى مختلف مناطق المملكة، فكان داعمًا للغرف التجارية في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب، مؤمنًا بأن التنمية المتوازنة هي أساس الاستقرار الاقتصادي، وأن تمكين المناطق لا يقل أهمية عن تمكين المدن الكبرى.
الاستثمار الخارجي… حضور سعودي واثق
في زمن أصبحت فيه المملكة محور اهتمام عالمي، كان الحويزي حاضرًا في المشهد الاستثماري الخارجي، ممثلًا للقطاع الخاص السعودي بثقة ووضوح. أسهم في فتح آفاق تعاون اقتصادي مع دول الخليج، والدول العربية، والأسواق الأوروبية، والآسيوية، ناقلًا صورة المملكة الجديدة: دولة ذات رؤية، وبيئة استثمارية جاذبة، وشريك يعتمد عليه.
لم يكن التمثيل الخارجي بروتوكوليًا، بل قائمًا على بناء علاقات اقتصادية طويلة الأمد، وتعزيز الثقة في السوق السعودي، وربط المستثمرين الدوليين بفرص نوعية تتسق مع مستهدفات رؤية 2030.
الغرف الخليجية والعربية… تكامل لا شعارات
على مستوى الغرف الخليجية والعربية، مثّل الحويزي صوت المملكة الاقتصادي، وساهم في تعزيز العمل المشترك، والدفع نحو تكامل حقيقي يخدم مصالح الشعوب قبل الأرقام. طرح مبادرات، وشارك في صياغة رؤى، وعمل على إزالة العوائق التي تعترض حركة التجارة والاستثمار بين الدول.
أما على المستوى الدولي، فقد كان حضوره في اللقاءات الاقتصادية مع الجهات الأوروبية نموذجًا للمسؤول الذي يجمع بين فهم الواقع المحلي، واستيعاب متطلبات الاقتصاد العالمي.
الاقتصاد والمجتمع… مسؤولية واحدة
آمن الحويزي بأن الاقتصاد لا ينفصل عن المجتمع، فدعم المبادرات الاجتماعية، والفعاليات الاقتصادية، والورش، والدورات التي تهدف إلى رفع الوعي، وبناء القدرات، وتمكين رواد الأعمال، والشباب، وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة. كانت الغرفة في عهده بيتًا مفتوحًا للفكرة، والحوار، والتطوير.
رؤية 2030… عملٌ يُرى ولا يُقال
لم يتعامل الحويزي مع رؤية المملكة 2030 كشعار، بل كمسار عمل. فعمل على مواءمة برامج الغرف مع مستهدفات التنويع الاقتصادي، والتوطين، والاستدامة، ورفع كفاءة الأداء، وساهم في تمكين القطاع الخاص ليكون ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، لا تابعًا له.
ختام المهمة… وبقاء السيرة
تنتهي المهام، لكن السيرة تبقى. ويغادر القادة مواقعهم، ويبقى ما زرعوه من أثر، وما تركوه من تجربة، وما قدّموه من خدمة. لقد اختتم الأستاذ حسن معجب الحويزي مهمته، وترك خلفه مرحلة تُذكر، ومسيرة يُشار إليها، وعطاءً وطنيًا يستحق التقدير.
ختاما
نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء على ما قدّم، وأن يبارك في جهوده، وأن يوفق من يخلفه لمواصلة المسيرة بنفس الروح والمسؤولية، وأن يحفظ هذا الوطن، وقيادته الرشيدة، ويمدّه بمزيد من التمكين والازدهار في ظل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.

زر الذهاب إلى الأعلى