
“بيوت الطين”.. وسيلة مؤقتة لأهالي غزة لمواجهة برد الشتاء
الشاهين الاخباري
“بيوت الطين”.. وسيلة جديدة بدأ بعض أهالي قطاع غزة يلجأون إليها كحل مؤقت للسكن، لحين إعادة إعمار منازلهم التي دمرتها حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، في ظل استمرار الحصار الخانق ومنع الاحتلال دخول مستلزمات البناء.
هذا المشهد يُعيد إلى الذاكرة بدايات التهجير القسري للفلسطينيين خلال سنوات مضت، لكنها تمثل الملاذ الوحيد لهم، في ظل الواقع المأساوي الذي يعيشونه، وكبديل عن الخيام التي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.
وتسبّبت حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من عامين، في تدمير آلاف المنازل والوحدات السكنية، مما ترك أهالي غزة بلا مأوى.
ومع تأخر الإعمار، وارتفاع أسعار الإيجارات وندرة السكن، لم يجد الكثير من النازحين سوى اللجوء إلى بناء مساكن من الطين، بجهود ذاتية وموارد شحيحة، في محاولة لتوفير الحد الأدنى من الأمان للأطفال والنساء.
ورغم افتقارها لأدنى معايير الأمان، ومحدوديتها في مواجهة تقلبات الطقس القاسية خاصة في فصل الشتاء، إلى أن هذه البيوت المؤقتة تمثل مرارة واقعية في القرن الحادي والعشرين.
وسيلة جديدة
منذر شحادة، والذي قُصف بيته في مخيم جباليا شمالي القطاع، قبل إعلان وقف اطلاق النار بأيام، قام باستصلاح بعض الحجارة من ركام منزله وتنظيف ما يقارب 50 مترًا، ومن ثم بدأ بإعادة بنائه وفق الطريقة البدائية التي اعتمدها أجداده ابان النكبة الفلسطينية عام 1948.
يقول شحادة لوكالة “صفا”: “بعدما أُجبرنا على النزوح، قصف الاحتلال بيوت الحارة جميعها، البيت الذي دفعنا فيه تعب وشقى العمر راح بلحظة دون أن نستطيع إخراج شيء منه”.
ويضيف “بعد اتفاق وقف إطلاق النار وعودتنا إلى منطقة سكننا، نصبنا خيام بالقرب من منازلنا المدمرة، إلا أننا غرقنا مع المنخفض، فقررت انتقاء بعض الحجارة ووضعها فوق بعضها البعض وتسليحها بحشوة من الطين، عوضًا عن الإسمنت”.
ويتابع “لم يكن بناء بيت الطين سهلًا كاسمه، فمع قرار البناء بدأت خطة البحث عن الطين، والذي كنا نستخدمه سابقًا في صناعة الأفران.
و”هنا يجب أن نقترب من أماكن وجود الاحتلال قرب الخط الأصفر، والمخاطرة بحياتنا، ثم بدأت مرحلة الجبل (خلط الطين بالماء)، ثم البناء والتسقيف بألواح من الزينكو والنايلون”.
ويردف شحادة “لجأنا إلى تدعيم الحجارة بالطين، عوضًا عن الإسمنت، لأنه غير متوفر بالأسواق، وإن وجد فسعره يفوق القدرة الشرائية للمواطنين”.
ومع كل منخفض جوي، تتفاقم معاناة آلاف النازحين الذين يقطنون بخيام مهترئة في قطاع غزة، مما تسبُب بغرقها في مياه الأمطار الغزيزة، فضلًا عن انهيار عدد من المنازل المدمرة جزئئٕا فوق رؤوس ساكنيها، مما أدى لسقوط شهداء ومصابين.
الوقاية من البرد
المواطن أدهم حمودة تحدث لوكالة “صفا” عن سبب اللجوء لبناء بيت من الطين للعيش فيه مع عائلته، قائلًا: “بدنا نستر حالنا بالمتوفر في الوقت الحالي، فلا إسمنت، ولا حجارة، ولا إعمار، والحياة في الخيام صعبة لا تقي من حرّ الصيف ولا برد الشتاء”.
ويضيف حمودة، وقطرات العرق تتصبب على جبينه، “لجأنا إلى بيوت الطين علنا ننجو من الغرق بالمنخفض القادم، صحيح أنها ليست حلًا دائمًا، لكنها مؤقت يقينا من البرد حتى يحدث الإعمار”.
ويتابع “العمل متوقف وإيجارات البيوت تتجاوز 500 دولار، وبين هذا وذاك لم يتبق لنا سوى العودة إلى حياة أجدادنا، ولفها بالشوادر حتى لا تغرقها المياه والأمطار وتنهار علينا”.
صفا







