عربي و دولي

واشنطن تضغط لنزع سلاح حزب الله وباريس تدفع بورقة الضمانات

الشاهين الاخباري

أكد خبراء في العلاقات الدولية، أن الدور الأمريكي هو الغالب في ترتيب الملف اللبناني خلال الآونة الأخيرة في ظل العمل على تجاوز التهديد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان في وقت وضعت فيه واشنطن أمام بيروت مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لإنجاز نزع سلاح حزب الله في جنوب الليطاني.

وأوضحوا في تصريحات، أن الضمانة الوحيدة للبنان قائمة على الداخل وليس الخارج الدولي، وذلك من خلال نزع سلاح حزب الله عبر الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني قبل آخر الشهر الجاري، وذلك في محاولة ثانية لتنفيذ قرارات الحكومة التي صدَرَت في الـ5 من أغسطس الماضي لحصرية السلاح بيد الدولة.

وأشاروا إلى أن باريس تسوق أمام الإدارة الأمريكية، ما قام به الرئيس اللبناني جوزيف عون، بتعيين مدني في لجنة الميكانيزم، على أنه إنجاز مهم في التفاوض مع إسرائيل، وأن ذلك يسير بالتوازي مع التحرك في نزع السلاح بالجنوب، سعيًا منها بإظهار الدولة اللبنانية أمام البيت الأبيض على أنها تحقق طفرات على الأرض في حصر السلاح وفي الوقت ذاته على المستوى الدبلوماسي.

وتمارس واشنطن ضغوطها على بيروت إذ منحتها مهلة حتى الـ30 من ديسمبر الجاري، لإتمام الجيش اللبناني عملية نزع السلاح في منطقة جنوب الليطاني، لمنع إسرائيل من شن حرب جديدة على الميليشيا اللبنانية للقضاء على ترسانتها العسكرية.

فيما تعمل باريس على طمأنة لبنان ودفعه نحو إنجاز عملية نزع السلاح، وذلك من خلال الزيارة التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والذي أثنى خلال لقائه الرئيسَ اللبناني جوزيف عون على الخطوة التي قام بها الأخير بتعيين السفير سيمون كرم رئيسًا للوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم في وقت شدد فيه من جهة أخرى خلال جلسته مع وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي، على أهمية إيجاد آلية تتيح التحقق من مدى التقدم المحرز فعليًّا لحصر السلاح بيد الدولة.

وتقول المتخصصة في العلاقات اللبنانية العربية والدولية، ثريا شاهين، إنه من الطبيعي أن يمر موضوع إنهاء السلاح غير الشرعي في لبنان بضمانات لكن من يطلب ذلك إسرائيل وليس حزب الله، لافتة إلى أن واشنطن وباريس تقفان مع تقديم ضمانات إلى تل أبيب.

وأضافت شاهين في تصريحات، أن المفاوضات عبر الميكانيزم التي انتقلت إلى مستوى مدني والتي ستستمر المرحلة المقبلة بعد 14 اجتماعًا للجنة، لم يتم إحراز أي تقدم خلالها، وينتظر أن يناقش فيها خلال الانعقادات القادمة في الـ19 من ديسمبر الجاري، المشاكل العالقة بين لبنان وإسرائيل وهي وقف الهجمات والسيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي اللبناني، واستعادة بيروت للأسرى المحتجزين لدى تل أبيب ثم انسحابها من النقاط الخمس التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة على لبنان.

وتتوقع شاهين، عدم سير إسرائيل في تنفيذ المطالب اللبنانية، دون الحصول على ضمانات كافية من بيروت أو من أطراف دولية، تتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، وكلما أسرع لبنان في تنفيذ هذه العملية، استجابت تل أبيب لمطالبه، ولا سيما في ظل وجود أطماع إسرائيلية دائمة.

وبينت شاهين أن الدور الفرنسي لا ينفصل قط عن الأمريكي إلا أن البيت الأبيض فضّل في الآونة الأخيرة لعب الدور البارز وأن يكون التعاطي الفرنسي مساعدًا له في مراحل معينة، موضحة أن الدور الأمريكي هو الغالب في ترتيب الملف اللبناني، أما الفرنسي لم ولن يغيب عن لبنان، في وقت يهم فيه إسرائيل أن تجد على الأرض تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار من جانب لبنان، متمثلًا في ملف نزع السلاح، وهي تنتظر حتى نهاية العام لتبني على الشيء مقتضاه، بحسب الدبلوماسيين الذين اطّلعوا على هذا الملف برمته.

واستكملت شاهين أن لبنان استجاب للمطلب الأمريكي بتوسيع الميكانيزم بخصوص مشاركة المدنيين وهو ما انعكس في تعيين السفير سيمون كرم باللجنة، هو لن يتوانى عن أي شي يحفظ حقوق لبنان, لافتة إلى أن هذه الاستجابة وفرت على بيروت حربًا كبيرة كان سينطلق فيها الجانب الإسرائيلي، لكن التهديد بشن المعركة لم يتوقف، في ظل انتظار تل أبيب ما ستجنيه المفاوضات، وهو ما يعكس حجم الضغوط الكبيرة على لبنان لإنجاز ملف حصر السلاح بيد الدولة.

وبدوره، يؤكد المحلل السياسي اللبناني، شاكر داموني، أن الضمانة الوحيدة للبنان قائمة على الداخل وليس الخارج الدولي، من خلال نزع سلاح حزب الله عبر الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني قبل آخر الشهر الجاري، وذلك في محاولة ثانية لتنفيذ قرارات الحكومة التي صدَرت في الـ5 من أغسطس الماضي لحصرية السلاح في يد الدولة، وهو ما واجهه تهديد من جانب الحزب، بافتعال فتنة في الداخل قد تقود إلى حرب أهلية؛ الأمر الذي وقف أمامه رئيس الجمهورية جوزيف عون.

وأوضح داموني في تصريحات، أن الضمانات الدولية حتى الآن تقوم بدور منع قيام إسرائيل بعدوان جديد على لبنان، ولكن كل ذلك يتعلق بمهلة هذا الشهر، في ظل ما يراود تل أبيب من حلم وهو فشل الجيش اللبناني في إتمام مرحلة حقيقية على الأرض بنزع السلاح في جنوب الليطاني، والتي مع تنفيذها سيكون هناك جانب من الثقة في المجتمع الدولي بلبنان بأنه يسير في تنفيذ تعهداته وهو ما يعرقل أي عمل من تل أبيب بشن حرب مدمرة ستكون خسائرها أكبر بكثير من تلك التي انتهت في آخر نوفمبر 2024.

واستكمل داموني أن الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة استطاعت تقليل دور فرنسا في حل الأزمة في لبنان، في وقت كانت تعمل فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب على إنهاء تهديد ترسانة حزب الله أو إعادة بنائها بعد الحرب الأخيرة، فيما كانت تتعامل باريس بإعطاء المجال للحكومة اللبنانية بوقت زمني أطول وفي الوقت ذاته، وقف الاعتداءات الإسرائيلية التي هي بمنزلة ممارسة ضغوط على الداخل للتعجيل بعملية حصر السلاح.

وأردف داموني أن باريس تسير في هذه المرحلة ضمن رؤية واشنطن بضرورة إنهاء ملف السلاح وعدم وجود أي عوارض من الداخل اللبناني، وتسوق من جهة أخرى أمام الولايات المتحدة، ما قام به الرئيس اللبناني بتعيين مدني في لجنة الميكانيزم، على أنه إنجاز مهم في التفاوض مع إسرائيل، وأن ذلك يسير بالتوازي مع التحرك في نزع السلاح بالجنوب، سعيًا منها لإظهار الدولة اللبنانية أمام البيت الأبيض على أنها تحقق طفرات على الأرض في حصرية السلاح وفي الوقت ذاته النجاح على المستوى الدبلوماسي بالتفاوض.

زر الذهاب إلى الأعلى