
سينما “شومان” تعرض الفيلم المغربي “كذب أبيض” غدا
الشاهين الاخباري
تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء، الفيلم المغربي “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير، وذلك في تمام الساعة السادسة والنصف مساء في قاعة السينما بمقر المؤسسة بجبل عمان.
في “كذب أبيض” نبدأ مع المخرجة رحلة الفيلم التي شكلت نقطة بدايتها لحظة شخصية بحتة؛ هي لحظة اكتشاف المخرجة أسماء المدير أن الصورة الوحيدة -غير واضحة المعالم- التي اعتقدت بأنها تعود لطفولتها ليست لها في الحقيقة، هذه الكذبة البيضاء الصغيرة التي كذبتها العائلة على ابنتها أسماء، ستصبح مدخلاً إلى متاهة من الذكريات المكبوتة والأسرار العائلية والتاريخ الخاص، الذي سيتقاطع مع حدث عام مؤثر وتاريخي، ألا وهو انتفاضة الخبز (أحداث 20 يونيو 1981) في الدار البيضاء، والتي وقعت في الحي نفسه الذي عاشت فيه عائلتها، وراح ضحية هذه الأحداث المئات من المواطنين الأبرياء. ستخضع هذه الحادثة للمساءلة، كما ستفتح المخرجة مساحة الفيلم على المزيد من الأسئلة المحتاجة إلى إجابة؛ لماذا تكره جدتها إلتقاط الصور؟ لماذا لم تُلتقط لها أي صور حتى بلغت الثانية عشرة من عمرها، حين ذهبت بمفردها إلى الاستوديو لالتقاط صورة؟ وماذا يعني بسط سيطرة الجدة على العائلة؟ من هي فاطمة؟ وكيف ماتت؟ .
إذا مجموعة من الأسئلة الخاصة بطفولة المخرجة وكاميرا سينمائية، كانت الشرارة الأولى لبدء مواجهة سينمائية مع العائلة ومع الذاكرة والماضي والوطن، بحثاً عن الحقيقة المسكوت عنها، وفي هذه المواجهة والبحث يتقاطع محوران: المحور الذاتي الذي يتمثل في البحث عن الحقيقة الشخصية عندما تكون كل الذكريات الأساسية “مشكوكاً فيها” والذي تمثلها المخرجة وعائلتها -بدءا من صورة غير واضحة المعالم- والمحور الثاني هو المحور العام الذي يتناول تاريخياً فترة صعبة من تاريخ المغرب.
“كذب أبيض”، هو أول فيلم وثائقي طويل للمخرجة المغربية أسماء المدير، وفي الحقيقة تتداخل حدود الوثائقي بالروائي في هذا الفيلم، فالمخرجة بمهارة الاستقصاء التي اكتسبتها من مهنة الصحافة، تبنت مدخلاً لمراجعة الماضي مغايراً ومختلفاً، فلم تعتمد الوثيقة المكتوبة، عوضاً عن ذلك استخدمت المواد البصرية وتوثيق التاريخ الشفهي ليسعفها في استعادة الماضي من خلال استخدامها المبتكر والرمزي لمجسمات مصغرة تمثل المنزل والشارع الذي وقعت فيه الأحداث، وتصور السجون، واستخدمت دمى منحوتة كرمز لكل الشخصيات المشاركة في العمل (الأب، الأم، الجدة، ومختلف أفراد العائلة والجيران…)، ابتكرتها هي ووالدها لتصبح هذه المجسمات وتلك الدمى مسرحاً نابضاً بالأحداث، تسائل الماضي وتجسد المشاعر والذكريات التي تحملها عائلة أسماء المدير.
شكل صوت أسماء المدير كراوٍ يعلق على الأحداث، وعدسة كاميرتها أدوات خاصة في استقصاء الحقيقة، كما تميز الفيلم بأسلوب بصري جميل وباهتمام واضح بأدق التفاصيل، وبتصميم إضاءة موظف بعناية، ولا تقل أهمية توظيف المادة البصرية عن المادة السمعية؛ كالمؤثرات السمعية، وأغاني “ناس الغيوان”، الذي كانت موظفة لتناسب الفترة الزمنية التي يتناولها الفيلم، ولتعكس معها نبض الشارع الثائر.
من الجدير بالذكر، أن فيلم “كذب أبيض” حاز عام 2023 على جائزة الإخراج في مسابقة (نظرة ما)، التي يقدمها أحد أهم المهرجانات السينمائية العالمية وهو مهرجان كان، وكذلك تم اختيار الفيلم لتمثيل المغرب في جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي لعام 2024.







