
صحيفة أمريكية: إطلاق سراح البرغوثي سيوحد الفلسطينيين
الشاهين الاخباري
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريرًا حول القيادي الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي والذي فاوضت حركة حماس على تحريره من سجون الاحتلال الإسرائيلي خلال مفاوضات صفقة التبادل الأخيرة.
وفي أول فيديو علني منذ 14 عامًا للأسير البرغوثي؛ ظهر عيناه غائرتين، وعظام ترقوته بارزة، ويتعرض لتوبيخ من الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، فيما رد البرغوثي، بصوت يصعب سماعه.
وجسّد الفيديو الذي نشر في أغسطس على قنوات التواصل الاجتماعي لبن غفير، المكانة التي احتلها البرغوثي (66 عاماً) في الوعي الإسرائيلي والفلسطيني، إذ إنه رمز قوي ولكن أيضاً لغز؛ رجل كثيراً ما تتم مناقشة آرائه ولكن نادراً ما يتم سماعها، وفق ترجمة وكالة “صفا” عن “واشنطن بوست”.
وبحسب الصحيفة؛ فالبرغوثي الذي يؤيد “حل الدولتين” ويدعم أيضا المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، يتفوق باستمرار على جميع المرشحين الفلسطينيين الآخرين في استطلاعات الرأي التي تقيّم شعبية القادة المحتملين، حتى مع أنه يقضي خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة لدوره المزعوم في هجمات على الإسرائيليين بين عامي 2001 و2002.
ولم يظهر البرغوثي إلا في عدد قليل من الصور والفيديوهات خلال العقد الماضي، كانت آخر مقابلة مهمة له قبل 12 عامًا.
ومؤخرًا، أشارت روايات عائلته ومحاميه إلى أنه تعرض لسوء معاملة من حراس السجن الإسرائيليين من أجل “كسر إرادة السجناء عبر كسر إرادته”، كما قال ابنه، عرب، في مقابلة حديثة.
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول، أثار الرئيس دونالد ترامب احتمال إطلاق سراح البرغوثي، بعد 24 عامًا من السجن، في إطار صفقة تبادل أسرى لإنهاء الحرب في غزة.
لكن “إسرائيل” رفضت إطلاق سراح البرغوثي في صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين.
وقال خالد الجندي، الزميل البارز في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول: “الإسرائيليون لا يريدون إطلاق سراحه ويعتبرونه ملطخًا بالدماء، لكنهم يدركون أيضًا أنه شخصيةٌ قادرةٌ على توحيد الفلسطينيين، وآخر ما يريده نتنياهو وائتلافه هو إعادة إحياء حماس الفلسطينيين ومنحهم الأمل أو منحهم شعورًا بإمكانية وجود قائدٍ موحدٍ لهم”.
وبحسب الصحيفة؛ فبعد أكثر من عامين على الحرب على غزة يتزايد إلحاح التساؤل حول مكانة البرغوثي؛ فيما يبلغ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يحكم الضفة الغربية المحتلة، 90 عامًا، وهو رئيس غير محبوب على الإطلاق، ولا تزال خطة خلافته في حال وفاته غامضة.
وفي استطلاع رأي أُجري مؤخرًا حول من يُفضّله الفلسطينيون رئيسًا جديدًا لهم، حصل البرغوثي على دعمٍ يُعادل دعمَ المرشحين الثاني والثالث مجتمعين.
وتعارض حكومة بنيامين نتنياهو بشدة إطلاق سراح البرغوثي، بحجة أنه سيشكل خطرًا كرجل حر، ولا يبدو في الوقت الراهن، أن موقفها سيتغير.
وقال الجندي: “أعتقد أن الأمر سيتطلب رئيسًا أمريكيًا ليقتنع بأن هذا يصب في مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين على المدى الطويل، ثم يستغلّ رأس المال السياسي”.
وقال مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مسموح له بالحديث للصحافة، ردا على سؤال: “لم يتخذ الرئيس قرارا بعد”.
وفي عام 2002، كتب البرغوثي مقالة رأي بصحيفة واشنطن بوست قال فيها إن الاحتلال الإسرائيلي يُمثل أكبر عقبة أمام إقامة “دولتين جارتين مستقلتين ومتساويتين (إسرائيل وفلسطين)”.
وأضاف “أحتفظ بحقي في حماية نفسي، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي لبلدي، والنضال من أجل حريتي. أنا لست إرهابيًا، لكنني لست مسالمًا أيضًا”.
داخل السجن، ظلت آراء البرغوثي ثابتة نسبيًا، وفقًا لعائلته ومؤيديه. وظهرت أولى علامات ذلك في عام 2006 حين قاد صياغة ما عُرف لاحقًا بوثيقة الأسرى الفلسطينيين، التي وقّعها معتقلون من جميع الفصائل السياسية خلال تصاعد التوترات بين فتح وحماس خارج أسوار السجن.
ويبدو أن الوثيقة تشير إلى إمكانية إنشاء دولة فلسطينية على الأراضي عام 1967، وتؤيد حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال، بما في ذلك من خلال النضال المسلح ضد المستوطنين والجنود، بينما تدعو في الوقت نفسه إلى إصلاحات سياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال البرغوثي في مقابلة من سجنه عام 2015، نشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية: “لسنا بحاجة إلى وثائق أو أطر عمل جديدة، ما نحتاجه هو الالتزام بما اتفقنا عليه واحترامه”. وأضاف أن الوحدة الوطنية شرط أساسي لتعزيز القضية الفلسطينية.
وذكر أن استمرار المفاوضات مع “إسرائيل”، في غياب دعم دولي حقيقي لإتمامها، لا طائل منه، فهو أشبه بـ”عكازٍ ابتلعته سوسة الخشب منذ زمن”.
وبعد بدء العدوان على غزة ساءت معاملة البرغوثي في السجن، وفقًا لعائلته. حيث قال نجله عرب، في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست”: “ذهبوا إليه بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأمام أسرى آخرين، طلب منه مدير سجن عوفر الركوع ووضع يديه خلف ظهره، وهو ما رفضه”. وأضاف: “ومن هنا بدأ الاعتداء”. وقالت عائلته إنه احتُجز معظم الوقت في الحبس الانفرادي بعد ذلك.
وقبل شهرين، أفاد نشطاء دوليون يدافعون عن إطلاق سراحه أن العديد من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم بموجب اتفاق غزة شهدوا اعتداءً عنيفًا من حراس السجون على البرغوثي، وأنه فقد وعيه.
وقال الأسير الفلسطيني السابق أيهم فؤاد كمامجي، الذي نشرت الحملة الدولية لتحرير مروان البرغوثي شهادته: “عندما عاد إلى الزنزانة، كانت ملابسه غارقة في الدماء”.
وقال الجندي “أعتقد أنه من أجل أن يصبح شيء مثل إطلاق سراح البرغوثي قابلاً للتطبيق، فإنه يتعين أن تكون هناك قيادة إسرائيلية مختلفة، وهي قيادة تدرك أن السياسة الفلسطينية الموحدة تشكل في الواقع أصلاً وليس تهديداً”.







