عربي و دولي

 علامات التقدم بالعمر تحاصر ترامب..مؤشرات خطيرة وإرهاق متزايد

الشاهين الاخباري

منذ دخوله الحياة السياسية، بنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جزءًا كبيرًا من صورته على القوة الجسدية والقدرة على التحمل.

غير أنّ اقترابه من عقده الثامن بدأ يكشف تدريجيًّا حدود هذه الصورة، رغم محاولات البيت الأبيض الإبقاء على سردية “الطاقة التي لا تنضب”.

وبينما يواصل ترامب الإيحاء بتفوّقه الصحي على سلفه جو بايدن، تشير الوقائع إلى مسار مختلف يتشكّل بهدوء خلف الكواليس، بحسب ما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”.

جدول عام أقصر ومؤشرات على التعب المتزايد

وكشف تحليل حديث لـ”نيويورك تايمز” لجدول أعمال الرئيس تغييرات واضحة في نمط ظهوره؛ فبعد عام تقريبًا على ولايته الثانية، أصبح ترامب يظهر في مناسبات عامة أقل بكثير مما كان عليه خلال عامه الأول في 2017، حيث تراجع عدد فعالياته الرسمية بنسبة 39%.

كما باتت معظم أنشطته تبدأ بعد الظهر، في المتوسط الساعة الـ12:08 ظهرًا، مقارنة بـالـ10:31 صباحًا خلال ولايته الأولى.

ورغم استمرار ظهوره الإعلامي الكثيف عبر المنصات الرقمية، بدأت لحظات إرهاق ظاهرة تسجَّل في المناسبات العامة؛ ففي إحدى فعاليات المكتب البيضاوي في السادس من نوفمبر، بدا ترامب في حالة نعاس واضح، حيث تدلّت جفونه بضع مرات وكاد يغفو لثوانٍ، قبل أن يفيق على صراخ إثر سقوط أحد الضيوف مغشيًّا عليه.

هذه المؤشرات، إلى جانب قلة رحلاته الداخلية وتراجع مدة نشاطه اليومي العلني، تثير تساؤلات حول قدرته على الحفاظ على الوتيرة نفسها التي ميّزت بداياته السياسية.

ومع ذلك، لا يزال ترامب قادرًا على إجراء رحلات خارجية مكثفة، من بينها زيارات سريعة ومتلاحقة إلى آسيا والشرق الأوسط؛ ما يعكس استمرار اعتماده على الدبلوماسية الشخصية وتوظيف الزيارات الخارجية لتأكيد حضوره الدولي.

غموض حول التقارير الطبية و”صورة الصحة المطلقة”

لطالما أحاط ترامب صحته بهالة من القوة البدنية والذهنية، مدعومة بخطاب سياسي يسخر فيه باستمرار من الحالة الصحية لبايدن، قائلًا: “إنه ينام طوال الوقت، أنا لست نائمًا”؛ لكن خلف هذا الخطاب، ثمة أسئلة لا تزال بلا إجابات واضحة.

فخلال زيارته الأخيرة إلى آسيا، كشف ترامب أنه خضع لتصوير بالرنين المغناطيسي، رغم أن التقرير الطبي الصادر عن طبيبه لم يذكر ذلك؛ وعندما طُلب منه توضيح التفاصيل، قال: “ليس لدي أي فكرة عما حللوه؛ لكنهم قالوا إنني حصلت على أفضل نتيجة رأوها على الإطلاق”؛ وأثار هذا التناقض شكوكًا واسعة حول ما يتم الكشف عنه وما يتم حجبه.

كما زاد وضع مساحيق تجميل على كدمة في يده اليمنى، والتي عزتها حملته إلى تناول الأسبرين، من التكهنات، خصوصًا عندما اقترنت بتورم كاحليه خلال الخريف الماضي.

ومع أن طبيبه يؤكد أن ترامب “بصحة بدنية وإدراكية ممتازة”، إلا أن البيانات القليلة المنشورة عن فحوصه الطبية لا تزيل الغموض.

إلى جانب ذلك، لا يمارس الرئيس الرياضة بانتظام، وهو ما يبرره بقناعة قديمة بأن الإنسان يمتلك “مخزونًا محدودًا من الطاقة” وأن ممارسة الرياضة تستنزفه.

ومع أنّ وزنه ثابت تقريبًا عند 124 كغم، وهو ما يصنف كسمنة، لم يتضح ما إذا كان يتناول أدوية إنقاص الوزن التي يمدحها علنًا، مثل “أوزيمبيك”.

ويشير مختصون في الرعاية الصحية الرئاسية إلى أن غياب مؤتمر طبي أو إفادة مفصلة منذ سنوات لا يساعد على تبديد القلق العام، خاصة بعد إصابته بكوفيد-19 عام 2020 ومحاولة اغتياله العام الماضي في بنسلفانيا.

صورة سياسية تتحدى العمر

رغم تراجع ظهوره العام، يواصل ترامب الحفاظ على حضوره السياسي والإعلامي عبر الخطابات المطولة والمنشورات المثيرة على منصات التواصل.

لكنه خلال ولايته الثانية بدأ يغوص أكثر في موضوعات روحية، إذ أشار إلى “الجنة” 6 مرات منذ بداية العام، وتحدث عن “بطاقة تقرير في مكان ما هناك”، في انعكاس قد يعكس مزيجًا من التأمل الشخصي والرسائل الانتخابية للقاعدة الإنجيلية التي يدّعي تحقيق 88% من أصواتها.

يأتي هذا التغيير في نبرة الخطاب في وقت تتراجع فيه شعبيته بين الناخبين مع تزايد الإحباط الاقتصادي. وقد حثه حلفاؤه على تكثيف نشاطه داخل الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي، رغم اهتمامه المستمر بالسفر إلى اجتماعات دولية مثل دافوس.

من جهة أخرى، يواصل البيت الأبيض مهاجمة حملة بايدن السابقة، متهمًا إياها بإخفاء “التدهور المعرفي” للرئيس السابق، بينما يرى خبراء، مثل: المؤرخ ماثيو داليك، أن ما يحدث هو مجرد “إعادة إنتاج لنمط قديم” يتم فيه تضخيم صورة الصحة وإخفاء مظاهر الضعف، خاصة عندما يكون الرئيس في أواخر السبعينات من عمره.

في المحصلة، يقدم نمط أداء ترامب اليوم صورة مزدوجة: رئيسًا لا يزال يحافظ على جرأة خطابية وحضور خارجي لافت، لكنه يواجه في الوقت نفسه حقائق العمر التي قد لا تخطئها العين.

وبينما يسعى فريقه لإحكام رواية “الصحة الاستثنائية”، تكشف الوقائع اليومية عن تحديات جديدة قد تفرض نفسها على إيقاع رئاسته ومسارها.

زر الذهاب إلى الأعلى