تكنولوجيا

الأردن يتقدم عربياً وعالمياً في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي

الشاهين الاخباري

الاصطناعي، يعكس التزامه بتطوير بيئة رقمية مبتكرة وتعزيز التعليم التقني والتحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار.وكشف تقرير معهد اقتصاد الذكاء الاصطناعي التابع لشركة “مايكروسوفت” التقنية الأميركية، الصادر أخيرا، عن تحقيق الأردن تقدما لافتا في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي، إذ حصل المملكة على المركز الثالث عربيا بنسبة 25.4 بالمئة، والمركز 29 عالميا.وقالوا إن هذا التقدم هو ثمرة جهود متكاملة تشمل البنية التحتية الرقمية، وتبني استراتيجيات وسياسات وطنية للذكاء الاصطناعي، إلى جانب بناء القدرات البشرية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وأكدت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة لوكالة الأنباء الأردنية “بترا”، أن ترتيب الأردن في المؤشر جاء نتيجة تكامل عدة عوامل منها البنية التحتية الرقمية، وتوافر الكهرباء والإنترنت، وقدرات الحوسبة، وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والوصول إلى التعليم، وتنسيق السياساتوأشارت إلى وجود ارتباط وثيق بين انتشار الذكاء الاصطناعي ومستوى الدخل، مؤكدة أن تعزيز الوصول إلى التكنولوجيا والتعليم والسياسات الداعمة يسرع من تبني هذه التقنيات، كما يسهم الانتشار الواسع للغة الإنجليزية في تسريع استخدامها مقارنة بالدول ذات الموارد المحدودة.

وقالت إن الأردن يعمل على توفير بيئة تمكينية للابتكار والاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي عبر سياسات وتشريعات تشمل سياسة الذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي 2023–2027، والميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

وأضافت أن الوزارة تنفذ برامج لبناء القدرات الرقمية من خلال تدريب متخصص يرفع جاهزية الأفراد، إلى جانب إطلاق حاضنات ومسرعات أعمال متخصصة، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والجامعات لتسهيل نقل المعرفة.وأشارت إلى أن من المشاريع الوطنية البارزة مشروع رفع الوعي بالذكاء الاصطناعي للموظف الحكومي، الذي بدأ عام 2023 ويستهدف تدريب 3 آلاف موظف سنويا، وصولا إلى 15 ألف موظف بحلول 2027، ويشمل القيادات والإدارات العليا والموظفين والفنيين والتقنيين المتخصصين.

كما يشمل مشروع (Digiskills) تدريب خريجي الجامعات على مهارات سوق العمل في مجالات تقنية متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتحليل البيانات.وقالت الوزارة إنها توفر دورات مجانية وشهادات احترافية عبر منصات تعليم عالمية مثل “Oracle University” و”AWS”، إضافة إلى توسيع استخدام منصة “سراج” التعليمية الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تجاوز عدد مستخدميها 120 ألف مستخدم حتى تشرين الأول الماضي، كما تنفذ مشاريع تجريبية بالتعاون مع منظمات دولية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.

وأضافت أنها أعدت السياسة الأردنية للذكاء الاصطناعي التي أقرها مجلس الوزراء عام 2020، واستراتيجية الذكاء الاصطناعي 2023–2027، التي تتضمن خمسة أهداف رئيسية تشمل: بناء القدرات، ودعم البحث العلمي، وتعزيز بيئة الاستثمار، وتطوير الأطر التشريعية، وتطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاع العام والقطاعات ذات الأولوية، مع برنامج تنفيذي يمتد خمس سنوات ويضم 68 مشروعا ومبادرة تغطي 12 قطاعا حيويا.

وأكدت الوزارة أنها تعمل على تطوير المناهج الدراسية لتضمين مهارات الذكاء الاصطناعي، واستحداث التخصصات ذات العلاقة في الجامعات الأردنية، إذ اعتمدت 27 جامعة هذه التخصصات ضمن خططها الدراسية.كما جرى تنفيذ مشروع قياس جاهزية الذكاء الاصطناعي في 18 مؤسسة حكومية لتقييم البيانات والبنية التحتية والمهارات والسياسات، مع إعداد خطط لتحويل هذه المؤسسات نحو إدارة تعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي، وتدريب أكثر من 3 آلاف موظف، ورفع الوعي بنسبة 26 بالمئة.من جهتها، أكدت خبيرة الذكاء الاصطناعي، الدكتورة ريما دياب، أن حصول الأردن على مراتب متقدمة في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي يمثل مؤشرا مهما على التحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار.

وأوضحت أن هذه النتائج تعكس قدرة الأردن على تبني التقنيات الحديثة بوتيرة متسارعة مقارنة بدول ذات موارد أكبر، مشيرة إلى أن القاعدة الشابة في المملكة تشكل ركيزة أساسية لهذا التحول.وأضافت أن هذا التقدم يدل على ارتفاع الوعي بأهمية التحول الرقمي، وتعاظم جاهزية المواهب، ونضوج بيئة الأعمال، وزيادة الاعتماد على حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وأكدت أن المؤشرات الحالية تدفع الأردن نحو مرحلة النضج الرقمي، التي تمكنه من أن يكون مركزا إقليميا للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مشددة على أهمية تعزيز برامج التدريب في المدارس والجامعات، وإنشاء مراكز بحثية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص والشركات العالمية المختصة.ولفتت إلى أهمية دعم الشركات الناشئة وتمكين المرأة والشباب في جميع المناطق، مشيرة إلى أن منظمتها تنفذ برامج تدريبية تستهدف الفئات الأقل حظا.

وأكدت أن الأردن يمتلك إحدى أعلى نسب تبني الذكاء الاصطناعي بين الشباب عربيا، ما يعزز جاذبيته الاستثمارية، مشيرة إلى أن قطاع التعليم يشهد نموا ملحوظا في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مدفوعا بمبادرات حكومية ومجتمعية، إضافة إلى البرامج التدريبية.

أما القطاع الحكومي، فأصبح يستخدم النماذج اللغوية الكبيرة لتحسين الخدمات وتحليل البيانات، وارتفعت نسب استخدام “GitHub Copilot” في قطاع البرمجة، إلى جانب توسع استخدام تقنيات Vision AI والتحليل الذكي.وأوضحت دياب أن التوقعات الدولية تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيصبح محركا رئيسيا لاقتصادات الشرق الأوسط، وقد تتجاوز قيمته تريليون دولار بحلول 2030.

وتوقعت أن يتمكن الأردن من الاستفادة من هذه الفرصة عبر الاستثمار في المواهب الرقمية والبنية السحابية وتطوير محتوى عربي ذكي، مؤكدة أن التعليم الذكي يمثل فرصة مهمة للأردن ليصبح منصة إقليمية للتعلم الرقمي باستخدام تقنيات الواقع المعزز والافتراضي، وهي حلول تعمل عليها “جالاكسي للتكنولوجيا”.

بدوره، قال الأستاذ في الذكاء الاصطناعي بالجامعة الأردنية، الدكتور علي الروضان، إن تقدم الأردن على عدد من الدول العربية في مؤشر انتشار الذكاء الاصطناعي يعكس ثمرة رؤية وطنية متكاملة تجمع بين التحول الرقمي والتعليم والبنية التحتية الحديثة.

وأضاف أن الحكومة تبنت مبكرا استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، واستثمرت في مشاريع رقمية كبرى مثل شبكة الألياف الضوئية ومركز العقبة الرقمي، ما عزز الجاهزية الرقمية في مختلف القطاعات.وأشار إلى أن الجامعات أسهمت في إدخال تخصصات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وتفعيل شراكات مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت و”AWS”، إضافة إلى الانفتاح المجتمعي على التقنيات الحديثة.

وبين الروضان أن محدودية المحتوى والأدوات العربية تقيد توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم والمجتمع، مؤكدا ضرورة زيادة الاستثمار في البحث العلمي التطبيقي وتمويل الابتكار المحلي.وأشار إلى أن تطوير التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي يتطلب تدريبا أعمق للمعلمين وأعضاء هيئة التدريس على دمج التكنولوجيا في أساليب التدريس والتقييم، مع نشر ثقافة الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتقنيات الحديثة، ودمج مهارات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في المناهج المدرسية والجامعية بشكل تطبيقي، إلى جانب اعتماد شهادات مهنية عالمية ضمن المساقات الأكاديمية.

وأوضح أن الأردن يمتلك ميزة بشرية ومعرفية فريدة تؤهله ليكون مركزا إقليميا لتطوير وتصدير الكفاءات في الذكاء الاصطناعي، لكنه يحتاج إلى خطوات استراتيجية لتعظيم هذه الميزة، تشمل زيادة الاستثمار في البنية البحثية والحوسبة عالية الأداء، وتعزيز مراكز الابتكار الجامعية لتصبح منصات لتطوير حلول وطنية، وتفعيل الحاضنات الوطنية للمشاريع الذكية في التعليم والصحة والإدارة الحكومية.وأوضح الروضان أن الاستثمار في الإنسان المبدع هو المفتاح الحقيقي لتحويل الأردن من مستخدم للتقنيات إلى مطور لها، وجعل الذكاء الاصطناعي رافعة للتنمية الاقتصادية والتعليم الذكي في المملكة

زر الذهاب إلى الأعلى