أقلام حرة

انقذوا ما تبقّى من شبابي

بقلم يوسف الفقهاء

اعتبروه بقلم شاب وصل الثلاثين وما زال ينتظر بداية ما كنت أتخيل يومًا أوصل لهذا العمر وأنا لسه واقف بمكان ما تحركت منه.عمري صار ثلاثين… بس حياتي ما بلشت.

وهذا الكلام مش شكوى، ولا محاولة لاستعطاف…هذا كلام واحد تعب، تعب لدرجة إنه ما عاد قادر يخبي على نفسه قبل الناس.

كبرت… بس مشاريعي ما كبرت.نضجت… بس الظروف ما نضجت.تعبت… بس التعب ظلّ أكبر مني.ليالي طويلة كنت أقول لحالي: “اصبر، أكيد رح تيجي الفرصة.”بس الفرصة ما إجت.

والأبواب اللي كنت أطرقها سكّرت، وكلمة “راح نرجع نحكي معك” صارت مثل النكتة المؤلمة اللي بتتكرر وما عاد إلها طعم.أصعب شي ممكن يعيشه شاب بعمري… إنّه يشوف شبابه عم ينسرق منه وهو واعي، وهو واقف، وهو عم يحاول… بس ما في شي عم يتغيّر.تسمع الناس تحكيلك: “ليش ما تشتغل أي شغلة؟”وكإنهم مش شايفين إنك جربت، ونزلت، واشتغلت، وقدّمت، وركضت…بس كل شي بإيدك كان يوقع قبل ما يوصل لمكان.

أنا ما بخاف من الفقر…أنا بخاف من الوقت.بخاف من العمر وهو يمشي بسرعة وأنا لسه واقف على أول خطوة ما قدرت آخدها.عمري ثلاثين…يعني المفروض يكون إلي بيت، عمل ثابت، طريق واضح.بس الحقيقة؟كل يوم بصحى وبسأل حالي: “هو أنا وين رايح؟ ولحد إمتى رح أبقى هيك؟”أقسى لحظة لما توقف قدّام المراية وتشوف حالك…مش لأنك كبرت،بل لأنك ما بلشت.

أنا ما بطلب معجزة…ولا بطلب شي أكبر من حقي.أنا بطلب “فرصة” واحدة بس… فرصة أوقف عليها، فرصة أرجّع فيها ثقتي بنفسي، فرصة أحس إني جزء من هاي الحياة، مش مجرد متفرج.لهيك بحكيها اليوم بصوت واضح، بدون خجل، بدون خوف:

(انقذوا ما تبقّى من شبابي…لأنه والله العمر عم يمشي، والقلب عم يتعب، والحلم عم يختنق من طول الانتظار.أنقذوه… قبل ما يصير كله ذكريات ضاعت وأنا واقف مكاني.)

زر الذهاب إلى الأعلى