
حين تُصغي الأرض لخطوات البشر أسطورة شجرة اللبان بين الذاكرة والنجاة
الشاهين الاخباري
فداء الحمزاوي /تصوير :نجلاء الصباح
قدّم العرض العُماني أسطورة شجرة اللبان المتحولة عن الجنية موشكا التي تعشق الانسي غدير، تم وصفها كرحلة تعبر حدود الزمن لتعيد للخشبة روحًا تعود إلى عمق الأرض العُمانية، حيث تتحول شجرة اللبان إلى كائن أسطوري يختزن ذاكرة المكان ومشاق الإنسان خاصة عند ضربها بالسكين فيفوح منها عطرا يملأ الأرجاء .
جاء العمل ضمن مهرجان الأردن المسرحي بدورته الثلاثين دورة أشرف طلفاح، حاملاً معه لغة بصرية محكمة بناها المخرج يوسف البلوشي برؤية سينوغرافية تتقاطع فيها الأسطورة مع الواقع، فيما رسم محمد الصبحي ملامح ديكور يعيد تشكيل روح الطبيعة على الخشبة، وتكامل ذلك مع إضاءة عيسى الصبحي التي صنعت فضاءً يتحرك بين عالمين، عالم البشر وعالم الأرواح.
قاد الموسيقى يعقوب البدري بألحانٍ تتنفس من جسد الأرض، بينما منح الغناء الشعبي بصوت صلاح سالم للعرض بعدًا طقوسيًا يعيد المتلقي إلى ذاكرة اللبان القديمة، وعلى مستوى الأداء، شكّل حضور الممثلين مشعل العويسي، نادية عبيد ، عبير أنور، سامي البوسعيدي، معتز أبو الغنم، ماهر السعدي، سعيد الشكيلي نسيجًا جسديًا ودراميًا واحدًا، يتحرك بين الحكاية والأسطورة ويعكس الصراع بين الإنسان وأطماعه، وبين الطبيعة وسكينة قدسيتها.
وقد لفتت نادية عبيد حمد الأنظار بأداء محمّل بالانفعال الداخلي، إذ حملت على الخشبة طاقة عاطفية تتصاعد مع كل انتقالة، فأعطت للعرض ملمسًا إنسانيًا يخرج من حدود الرواية إلى مساحة الشعور والنبض.
يتقدم العرض عبر حركة جماعية تؤطّر حكاية اللبان كمرآة لروح عُمان روح تتعرض للتهديد، لكنها تستمر في مقاومة التلاشي. وبمساندة عبدالله البوسعيدي في المساعدة الإخراجية، يأخذ النص طريقه نحو قراءة رمزية أعمق، تطرح العديد من الأسئلة حول علاقتنا بالطبيعة.
في لحظاته الأكثر شاعرية، يعيد العرض إحياء العلاقة الأولى بين الإنسان والأرض، مستخدمًا الجسد والضوء والموسيقى كأدوات لاستعادة تلك الذاكرة وهكذا، لم يكن أسطورة شجرة اللبان مجرد عرض، بل تجربة روحية وفنية تفتح بابًا نحو تأمل الوجود وحماية الجذور، وقد شكّل حضوره في مهرجان الأردن المسرحي علامة واضحة على قدرة المسرح العُماني على تقديم خطاب بصري وفكري متجدد.













