واحة الثقافة

ماذا قالت الشهوان عن كتابها الجديد ” همس الريم “

الشاهين الإخباري

في حفل إشهار و توقيع كتابها الجديد ” همس الريم ” والذي أقيم في رحاب المكتبة الوطنية مساء أمس الأربعاء تحت رعاية معالي الدكتور أحمد عويدي العبادي، وزير الدولة الأسبق وحضور جمع غفير من المهتمين بالثقافة و في حديث يداعب المشاعر و يلامس الروحانية والعمق وكأن الحديث جزء من الشعر نفسه. وبصوت هادئ، يتردد صداه كـنغمة كمان خفيفة وصفت الدكتورة ريما الشهوان كتابها الجديد ” همس الريم ” :

يشرفني أن أقف أمامكم في هذا المساء الذي تلتقي فيه الكلمة بالروح، والفكر بالعاطفة، لنحتفي معًا بميلاد عملٍ أدبيٍّ جديد حمل اسم “همس الريم”. كتابٌ كتبني قبل أن أكتبه، وصاغ ملامح وجداني قبل أن أضع فيه حرفًا واحدًا.

لقد وُلد “همس الريم” من لحظاتِ تأملٍ صامتة، ومن أسئلةٍ عميقةٍ تطرقتُ بها إلى الذات والوجود والإنسان. هو ليس مجموعة خواطر فحسب، بل رحلة روحية وفكرية حاولتُ من خلالها أن ألتقط ما يمرّ بين الكلمات، أن أسمع ما لا يُقال، وأن أترجم صوت القلب حين يعجز اللسان عن البوح.

أردتُ لهذا الكتاب أن يكون مساحة صدق، أن يحمل الأنوثة في أنقاها، والحرية في أصفاها، والإنسانية في أبهى صورها.
فالريم — تلك الغزالة العربية الأصيلة — لم تكن مجرد رمزٍ للجمال، بل كانت رمزًا للصفاء والرقّة والنبالة.
ولذلك كان “الهمس” لغتها… لغة الرقة لا الضجيج، لغة المشاعر لا المظاهر، لغة تذكّرنا أن الجمال الحقيقي هادئ، وأن القوة يمكن أن تكون ناعمة حين تأتي من عمق الوعي.

قد يتساءل البعض: ما الذي يدفع باحثة في علم الجريمة إلى أن تكتب أدبًا وجدانيًا؟
وأقول: لأنني حين درست الجريمة، أدركت أن كثيرًا من الانكسارات تبدأ من الداخل… من غياب المعنى، من فقر الروح، من غياب التوازن بين العقل والعاطفة. لذلك كتبتُ لأداوي لا لأدين، لأفتح نوافذ النور في النفوس التي أنهكتها التجارب، ولأقول إن الوقاية من القسوة تبدأ من الكلمة.

في “همس الريم” ستجدون مزيجًا من التأمل الإنساني، والفكر الاجتماعي، والنَفَس الروحي.
نصوصه تتحدث عن المرأة التي تصبر وتحب وتحلم، عن الرجل الذي يبحث عن ذاته في زحام الحياة، وعن الإنسان الذي يتساءل في كل مرة: من أنا؟ وأين أجد نفسي؟

أردتُ من خلاله أن أقول إن الأدب ليس ترفًا فكريًا، بل هو رسالة تربية وتهذيب ووعي.
إنه مرآةٌ تعكس جمال الحياة وتذكّرنا بأننا خُلقنا لنعطي، لا لنتناحر.

ومن هنا جاء اهتمامي بأن تكون الكلمة في هذا الكتاب حاملة لقيم الأسرة والرحمة والتوازن، فهي امتداد لعملي في الشأن الأسري والدعوي، حيث أرى أن بناء الإنسان يبدأ من البيت، وأن الأسرة الواعية هي اللبنة الأولى في مجتمعٍ متماسكٍ آمن.

لقد حاولتُ أن أكتب بروحٍ تُحب، لا بروحٍ تُحاكم… أن أجعل من الأدب وسيلة لتطهير الروح، لا لتجميل المظهر.
فكل نصٍّ في هذا الكتاب هو حالة شعورية، دعوة للتأمل، أو رسالة حب، أو وقفة مع الذات.

لقد تغيّر العالم كثيرًا… صارت الأصوات عالية، لكن القلوب صامتة. وصار الإنسان يركض بحثًا عن شيءٍ لا يعرفه، يملك كل شيء، لكنه يفتقد الطمأنينة. ولذلك كنت أقول دائمًا: إن الكتابة اليوم ليست ترفًا، بل فعل مقاومة ضد الزيف، وضد التفاهة، وضد كل ما يُفرغ الإنسان من معناه.

أكتب لأن الكلمة الصادقة ما زالت قادرة على أن تُوقظ الجمال فينا، وتُعيد للإنسان إنسانيته. وأؤمن أن الكاتب الحقيقي لا يسعى إلى شهرةٍ أو تصفيق، بل إلى أثرٍ يبقى، ونورٍ يُلهم، وصوتٍ يهمس في القلوب: “ما زال في الحياة ما يستحق أن نؤمن به”.

إن “همس الريم” ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلةٍ جديدة أبحث فيها عن عمقٍ أكبر، وصفاءٍ أصدق، ورسالةٍ أسمى.
رحلةٍ تؤمن أن الكلمة قادرة على الإصلاح، كما هي قادرة على الإلهام، وأن المرأة المثقفة ليست صدىً للعالم، بل نبضه الحيّ، حين تحمل فكراً وقيمًا، لا مجرد صوتٍ عابر.

وختمت الشهوان حديثها عن ” همس الريم ” بالشكر الجزيل لعائلتها وكل من دعمها وكل من حضر حفل إشهر وتوقيع الكتاب. ثم بختمت بإهداء كتابها الجديد الى روح والدتها “رحمها الله ” حيث قالت :

وأخيرًا… اسمحوا لي أن أُهدي هذا العمل لروحٍ ما زالت تهمس في وجداني،
لروحٍ كانت لي ملاذًا وسندًا ودعاءً لا يغيب…
إلى روح والدتي الغالية،
التي علّمتني أن القوة لا تعني القسوة،
وأن الحنان هو أعظم أشكال الحكمة،
وأن الإيمان لا يُختبر في اليسر، بل في الصبر الجميل على البلاء.

إليها أقول:
كل حرفٍ في هذا الكتاب يحمل بصمتك، وكل سطرٍ كتبته كان امتدادًا لدعائك،
وإن غبتِ عن العين… فأثرك باقٍ في الروح لا يغيب.

زر الذهاب إلى الأعلى