منوعات

كثرة المسكنات تُسبب الصداع بدل أن تُعالجه

الشاهبن الاخباري

يكتشف العديد من الأشخاص أن الأدوية التي يتناولونها لتخفيف الصداع قد تكون هي ذاتها السبب في استمراره أو تفاقمه، فيما تُعرف هذه الحالة باسم “الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية”، وهي ظاهرة طبية موثقة جيدًا، لكنها قابلة للعلاج في معظم الحالات بمجرد تشخيصها بدقة.

ضرورة التشخيص الدقيق
نظرًا لتعدد أسباب الصداع، يعد أخذ التاريخ الطبي المفصل والفحص السريري خطوة أساسية لتحديد مصدر الألم، وقد تستدعي بعض الحالات إحالة المريض إلى اختصاصي.
ويكمن التحدي أمام الأطباء في التمييز بين الصداع الناتج عن مشكلة خطيرة، وذلك الناتج عن أسباب حميدة، مع التأكيد أن الصداع “غير الخطير” يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية.

العلاج يعتمد على نوع الصداع

يختلف العلاج باختلاف نوع الصداع؛ فالصداع النصفي مثلًا يمكن التعامل معه بأدوية مضادة للغثيان أو حاصرات بيتا، بينما قد يستفيد المصابون بصداع مرتبط بالقلق أو الاكتئاب من دعم الصحة النفسية. كما تساعد تغييرات نمط الحياة، مثل ممارسة الرياضة وتحسين النظام الغذائي، في تقليل نوبات الصداع المزمن.

ويلاحظ الأطباء أحيانًا نوعًا آخر من الصداع يبدأ أو يزداد سوءًا بعد استخدام المسكنات لفترة طويلة، عادة بعد استعمال منتظم للأدوية لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر. ويصيب هذا النوع الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي أو صداع التوتر أو حتى آلام الظهر والمفاصل، حيث يلجأ المرضى غالبًا إلى عدة أنواع من المسكنات بجرعات متزايدة دون وعي بأنهم عالقون في حلقة مفرغة.

المسكنات الشائعة ليست بريئة

تشمل الأدوية المسببة لهذه الحالة المسكنات القوية مثل الكودايين، المستخدم بعد الإصابات أو العمليات الجراحية، والمسكنات الشائعة مثل الباراسيتامول والإيبوبروفين. كما تحتوي بعض التركيبات، مثل الكوكودامول، على مزيج من الباراسيتامول ومادة أفيونية في دواء واحد.

ورغم أن الباراسيتامول يُعد آمنًا عند الالتزام بالجرعات الموصى بها، فإن الإفراط في استخدامه أو تجاوز الحد اليومي يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل فشل الكبد. وتشير دراسات إلى أن الاستخدام المنتظم له قد يسبب صداعًا مزمنًا لدى بعض الأشخاص.

ولا تقتصر المشكلة على المسكنات فقط، إذ قد تؤدي أدوية التريبتان المستخدمة لعلاج نوبات الصداع النصفي إلى “صداع الإفراط في الاستخدام” عند تناولها بصورة مفرطة.

وقد يعتقد البعض أن الإفراط يعني تجاوز الجرعة اليومية المسموح بها، لكن المشكلة قد تظهر حتى مع الالتزام بالجرعة المقررة في حال تكرار الاستخدام لفترات طويلة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تظهر الأعراض عند استخدام الباراسيتامول أو مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لمدة 15 يومًا أو أكثر شهريًا، أو عند تناول المواد الأفيونية عشرة أيام فقط في الشهر.

لذلك، يُنصح بمراجعة الطبيب عند الحاجة لاستخدام أي مسكن للألم لفترات طويلة، حتى وإن كان متاحًا دون وصفة طبية، لأن القابلية للإصابة تختلف من شخص لآخر.

طريق العلاج

يعد علاج هذا النوع من الصداع تحديًا، لأن المريض غالبًا لا يدرك أن الدواء الذي يخفف ألمه هو السبب وراء استمرار الصداع.
ويتمثل العلاج الأمثل في التوقف التدريجي عن الدواء تحت إشراف طبي حتى الوصول إلى التوقف الكامل. وقد يخشى المريض تفاقم الألم أثناء تقليل الجرعة، لذا فإن التعاون المستمر مع الطبيب ضروري لتأكيد التشخيص ومتابعة التحسن ووضع خطة علاجية مناسبة.

ورغم أن السبب الدقيق لتفاقم الصداع نتيجة بعض الأدوية لا يزال غير مفهوم تمامًا، فإن العلاقة بينهما مؤكدة علميًا، ما يجعل الوعي بهذه الظاهرة خطوة أساسية نحو الوقاية والعلاج.

التقرير من إعداد دان بومغاردت، المحاضر الأول في كلية علم النفس وعلم الأعصاب بجامعة بريستول.

زر الذهاب إلى الأعلى