
36 حفرية إسرائيلية نشطّة تخترق أساسات الأقصى وتُهدد بانهياره
الشاهين الاخباري
لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن إجراء الحفريات أسفل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، بل تسارعت وتيرتها بشكل ممنهج، حتى وصلت لمستويات خطيرة باتت تُهدد بشكل حقيقي أساسات المسجد وأبنيته التاريخية.
وحوّلت سلطات الاحتلال هذه الحفريات إلى مقرات تلمودية توراتية سياحية، وأقامت المتاحف والمعارض فوق الأرض وتحتها، ودمّرت بشكل كامل كل الآثار التاريخية العريقة.
وخلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والتي استمرت عامين، تسارّعت وتيرة الحفريات والأنفاق أسفل ساحات الأقصى، في محاولة لطمس المعالم والآثار العربية الإسلامية وتغييرها، واصطناع تاريخ عبري موهوم.
تصاعد ممنهج
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يتحدث لوكالة “صفا” عن تصاعد الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه، قائلًا إن هذه الحفريات التي ينفذها الاحتلال وجمعياته الاستيطانية تجري بشكل متسارع وممنهج، مما يُمثل تهديدًا حقيقيًا لأساسات المسجد والمنطقة المحيطة به، والمعالم العربية الإسلامية القديمة.
ويشير إلى أن هناك سلسلة من الحفريات الواسعة التي تُجريها سلطات الاحتلال بشكل دؤوب أسفل الأقصى وفي محيطه، وتحديدًا في المنطقتين الجنوبية والجنوبية الغربية للمسجد.
ويؤكد أن سلطات الاحتلال استغلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وانشغال العالم بها، وصعّدت من عمليات الحفر بشكل كبير أسفل الأقصى، وخاصة في السنة الأخيرة.
وبدأ الاحتلال، وفقًا لأبو دياب، بتنفيذ مخطط ممنهج لتغيير وطمس الآثار العربية الإسلامية في القدس بشكل كبير جدًا، وتجيير بعضها ووضع رموز مصطنعة لتخدم مشروع التهويد والروايات التلموذية.
ويبلغ عدد الحفريات النشطة 36 حفرية، تتركز في مناطق حساسة جدًا، مثل جنوبي الأقصى، بلدة سلوان، عين سلوان، القصور الأموية، باب المغاربة، باحة البراق، وبعض المناطق المحيطة بالمسجد المبارك.
ويضيف أبو دياب “دائمًا ما يدعي الاحتلال أن الهدف من الحفريات الكشف عن آثار أو بقايا (الهيكل) المزعوم، رغم أنه لم يستطع منذ عشرات السنين إيجاد أي دليل على ذلك، لذلك عمّل على تغيير الخطط والاستراتيجيات بهدف طمس المدينة وسرقة تاريخها وحضارتها”.
ويلفت إلى أن شبكة الأنفاق تمتد لمئات الأمتار في المنطقة الجنوبية، وعشرات الأمتار أسفل ساحات الأقصى، وبعضها يصل إلى البوائك الداعمة للمسجد من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية.
ويوضح أن هذه الحفريات تهدف إلى محاولة طمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، واستبدالها بروايات توراتية مفتعلة، لأن الاحتلال يبحث الآن عن سلخ هذه المدينة عن إرثها التاريخي والعربي، وتجيير آثارها كي تتماشى مع الرؤية البهودية لإثبات أحقيتهم المزعومة فيها. وفق أبو دياب
وباتت هذه الحفريات، وفقًا للباحث المقدسي، من أخطر الممارسات التي تستهدف المكانة الدينية والتاريخية والحضارية لمدينة القدس ومحيط الأقصى.
خطر جسيم
ويحذر أبو دياب من أن أساسات الأقصى أصبحت معلقة بالهواء، نتيجة استمرار الحفريات وتسارعها، مما ينذر بسقوطها إما نتيجة عوامل طبيعية أو “زلزال مصطنع”، وربما نتيجة تساقط كثيف للثلوج في المنطقة المستهدفة.
وتشكل هذه الحفريات خطرًا جسيمًا على استقرار الأبنية التاريخية وأساسات الأقصى، حيث تسبّبت باضعاف التربة وفقدان تماسكها، نتيجة سحب الحجارة والصخور والأتربة، بما يهدد بانهيارات حقيقية في المسجد المبارك. ويؤثر سلبًا على التاريخ والآثار الموجودة بالمنطقة.
ويبين أن هذه الآثار تعود للفترات الكنعانية والبيزنطية والرومانية، والإسلامية والمملوكية والأيوبية، وصولًا إلى الفترة الإسلامية المعاصرة والعثمانية.
ولم تقتصر مخاطر الحفريات والأنفاق على المباني وأساسات الأقصى، بل تستهدف الهوية والآثار التاريخية والحضارية لمدينة القدس، والتي تعمل سلطات الاحتلال على سرقتها وطمسها، وتزوير التاريخ وكي الوعي العالمي.
ويؤكد الباحث المقدسي أن الحفريات تشكل جزءًا من مخطط سياسي أيديولوجي يستهدف تغيير معالم القدس ومكانتها الدينية والتاريخية،
ويوضح أن استمرار الحفريات تسبّب بحدوث تصدعات وتشققات في المنازل المحيطة بالمسجد الأقصى، مما يؤدي إلى تهجير المقدسيين قسرًا والسيطرة عليها.
تهويد الأقصى
وحسب أبو دياب، فإن الاحتلال يعمل على تهويد الأقصى من خلال الاقتحامات وفرض الطقوس التلمودية داخل باحاته، وإقامة مشاريع تهويدية، بغية تغيير المشهد العام في المنطقة، وتصفية الوجود العربي والفلسطيني.
وتشكل الحفريات، كما يرى أبو دياب، انتهاكًا صارخًا للتراث الإنساني وللمعاهدات الدولية وللحق الإنساني والديني والتاريخي، مع استمرار الاحتلال باستبعاد المؤسسات الدولية، بما فيها منظمة “يونسكو” المسؤولة عن الحفاظ على الإرث التاريخي والإنساني.
ويطالب المختص في شؤون القدس بتحرك فلسطيني رسمي وشعبي لتوثيق انتهاكات الاحتلال بحق الآثار والتاريخ، والتدخل العاجل والفوري لوقف عمليات الحفريات وتدمير الإرث التاريخي والعربي في مدينة القدس.
ويحذر قائلًا: “إذا بقيت الأمور على ما هي عليه بالنسبة للمسجد الأقصى ومحاولات تغيير الواقع القائم فيه، فإننا قد لا نجد الأقصى، أو أنه قد تحوُل لكنيسًا يهوديًا”.







