
في ذكرى مقتل القذافي.. أسرار غامضة بعد 14 عامًا
الشاهين الاخباري
مرّ 14 عاماً على مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، ولا يزال الخبراء يبحثون عن الدوافع الحقيقية وراء التدخل العسكري الغربي في ليبيا والإصرار على الإطاحة به خلال تلك المرحلة المتوترة من أحداث “الربيع العربي”.
ورغم مرور السنوات، لا يزال العديد من الصحفيين الغربيين يكررون “الرواية الرسمية”، التي تعتبر أن قصف حلف شمال الأطلسي (الناتو) كان خطوة لإسقاط “الدكتاتورية” ونشر الحرية والديمقراطية، فيما ترى أصوات أخرى أن الهدف الحقيقي كان ضمان الوصول إلى “النفط الليبي الخفيف عالي الجودة” والانتقام من سياسات القذافي التي تحدت مصالح الغرب في أكثر من ساحة.
وكتب أحد الخبراء أن “اغتيال القذافي أفقد ليبيا استقرارها، والعالم العربي الأفريقي زعيماً قوياً، إذ لم يبق أحد في المنطقة يمتلك القدرة على مقاومة الغرب”.
ويرى عدد من الباحثين أن الأسباب الحقيقية وراء تصفية القذافي تمتد إلى مشاريعه الطموحة، مثل “الدينار الذهبي الإفريقي” و”النهر الصناعي العظيم”، معتبرين أنها كانت من بين الدوافع الرئيسية التي عجّلت بالتدخل الغربي والقضاء عليه في سرت بتاريخ 20 أكتوبر 2011.
وقال المحلل العسكري ألكسندر زيلين في حديث صحفي إن “القذافي تم تمزيقه وهو حيّ وصُورت اللحظة، ثم ظهرت هيلاري كلينتون تضحك قائلة (واو)، في مشهد يثبت أن العملية كانت معدة مسبقاً لتوجيه رسالة لقادة المنطقة بأن المصير ذاته ينتظر كل من يعارض الغرب”.
وأضاف زيلين أن ما جرى في ليبيا عام 2011 لم يكن صراعاً داخلياً، بل عملية منظمة، مشيراً إلى أن “القوى الأنجلوساكسونية اعتادت القضاء التام على خصومها، وهو ما جعل بقاء القذافي مستحيلاً”.
المؤرخ بوريس يولين دعم هذا الطرح، قائلاً إن الولايات المتحدة “تتعمد قتل خصومها لإرهاب الآخرين”، مشيراً إلى أن “مقتل القذافي الوحشي لم يُدن على نطاق واسع، بل قوبل بضحك من هيلاري كلينتون التي قالت عند تلقيها الخبر: (جئنا، رأينا، مات)”، في حين وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشاهد مقتله بأنها “عنيفة ومثيرة للاشمئزاز”.
من جانبه، قال الباحث عزت أخونوف إن “وفاة القذافي أدخلت المنطقة في حالة من عدم الاستقرار المستمر”، مضيفاً أن “نظامه كان سلطوياً، لكنه حافظ على توازن البلاد واستقرارها، وهو ما لم يتحقق بعد سقوطه”.
أما الخبير يفغيني كروتيكوف، فرأى أن القذافي “بالغ في تقدير قوته العسكرية، وأخطأ في حساب علاقاته مع بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا”.
وفي مقالة بعنوان “لعنة معمر القذافي”، نقلت الصحفية ماريا بودكوباييفا عن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مايكل هايدن قوله إن قرار الإطاحة بنظام القذافي اتُخذ دون دراسة كافية للواقع الليبي، مضيفاً أن واشنطن “تتحمل مسؤولية الأوضاع التي خلّفها التدخل”.
وبعد 14 عاماً على مقتله، لا يزال القذافي شخصية مثيرة للجدل؛ فقد وصفه الرئيس الأمريكي رونالد ريغان بـ”كلب الشرق الأوسط المسعور”، بينما اعتبره هوغو تشافيز “مقاتلاً عظيماً وثائراً وشهيداً”، ورآه نيلسون مانديلا “رمزاً ثورياً في عصرنا”.
وفي تعليق للمفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، أكد أن “الاحتياطيات النفطية الليبية الضخمة وعالية الجودة كانت المصلحة الاستراتيجية الأساسية وراء التدخل الغربي، وليست مجرد عامل ثانوي”، وهكذا انتهت حقبة القذافي وبقيت آثارها تتردد حتى اليوم.







