تكنولوجياصحة وجمال

الذكاء الاصطناعي يحدث نقلة نوعية في الرعاية الصحية

الشاهين الإخباري

تبرز تحليلات صحيفة فاينانشال تايمز أن الشركات الأمريكية تبالغ في الإشادة بوعود الذكاء الاصطناعي، كما أن قلة من مجالس الإدارة تبدو قادرة على وصف كيفية تغيير هذه التكنولوجيا لأعمالها نحو الأفضل.

ومع ذلك، هناك قطاع واحد تتجلى فيه النجاحات الواعدة بوضوح أكبر، حتى وإن كان هذا القطاع أقل جاذبية حتى الآن للمستثمرين الساعين وراء الربح: الصحة العامة.

وفي قطاع يتطلب دقة وكفاءة كبيرتين، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يحدث نقلة نوعية في تقديم الرعاية الصحية والنتائج المفيدة للمرضى. والفوائد المحتملة للمجتمع والاقتصاد والميزانيات العامة المرهقة يمكن أن تكون هائلة.

وقد يأتي أكبر عائد من الذكاء الاصطناعي من الكشف المبكر الأكثر دقة عن الأمراض المهددة للحياة.

وفي يونيو الماضي، أعلنت مايكروسوفت أنها طورت أداة طبية تشخيصية حققت نجاحاً أكبر بأربع مرات من الأطباء في تحديد الأمراض المعقدة.

وقد تكون بعض النماذج قوية بما يكفي لتحديد المخاطر الصحية البعيدة، ففي الشهر الماضي، أفاد علماء يستخدمون نظام الذكاء الاصطناعي «ديلفي -2 إم»، الذي بني في مختبر الأحياء الجزيئية الأوروبي في كامبريدج.

وتم تدريبه على سجلات صحية واسعة النطاق، أنه يمكنه التنبؤ بقابلية الإصابة بأكثر من 1000 مرض لعقود مقبلة.

ولكن تأثير الذكاء الاصطناعي يمتد إلى ما هو أبعد من الدعم الوقائي.

ففي المستشفيات، يمكن لهذه التقنية تحليل الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي بسرعة.

ويمكن لأنظمة الجراحة الروبوتية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تحسين دقة العمليات الجراحية.

كما تسخر المختبرات نماذج لغوية كبيرة لتسريع اكتشاف الأدوية أيضاً. والأهم من ذلك، أن جميع هذه التطبيقات تأتي لتدعم العاملين في مجال الصحة وتتيح لهم تقديم رعاية أفضل لمزيد من المرضى.

ومن بين الأمور التي تحظى باهتمام أقل ولكنها بالقدر نفسه من الأهمية هي تلك المتعلقة بقدرة الذكاء الاصطناعي على تخفيف الأعباء الإدارية.

ويقدر صندوق الكومنولث الأمريكي أن تكاليف الأعمال الورقية، المرتبطة جزئياً بفحوصات التأمين المرهقة، قد تمثل حوالي 30% من الإنفاق الصحي الزائد للفرد في أمريكا مقارنة بالدول الأخرى.

في الجراحات والمستشفيات، يمكن استخدام تقنيات معالجة الكلام لنسخ المحادثات مع المرضى، وإنشاء ملاحظات طبية منظمة، وكتابة مسودات الرسائل.

وقد وجدت دراسة حديثة أجراها مستشفى جريت أورموند ستريت بلندن انخفاضاً في وقت التوثيق للأطباء الذين يستخدمون ما يسمى بتقنيات الصوت المحيطي بنسبة تزيد علىن 50%.

لذلك، من الواضح أن تسريع اعتماد الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أولوية للحكومات في جميع أنحاء العالم.

وتساهم زيادة معدلات شيخوخة بين السكان والانتشار المتزايد للأمراض المزمنة في الاقتصادات المتقدمة في ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.

وهذا يثقل كاهل الميزانيات العامة المرهقة أصلاً، ويصعب على الأفراد تحمل تكاليف التأمين الخاص، وهو يتضح بجلاء من الجدل الدائر بين الجمهوريين والديمقراطيين حول دعم التأمين.

وتتوقع منظمة الصحة العالمية نقصاً في العاملين في مجال الرعاية الصحية بنحو 11 مليوناً بحلول عام 2030، وسيكون هذا النقص أكثر وضوحاً في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وكما أظهرت جائحة كوفيد 19، فإن صحة السكان على مستوى العالم تساعد في الحد من انتشار الأمراض، وهو ما يعود بالنفع على الجميع.

وبرغم كل هذه المزايا، لا يزال استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية في مراحله الأولى وغير مكتمل بالمرة.

يعود ذلك جزئياً إلى أن هذه التقنية لا تزال في طور التطوير، وتتطلب اختبارات دقيقة قبل استخدامها على نطاق واسع في الطب.

كما يحتاج العاملون في مجال الرعاية الصحية إلى التدرب عليها.

وتضيف مخاوف خصوصية البيانات، وشبكات المشاركة المجزأة، وأنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة المزيد من التعقيدات.

وقد يتردد المديرون أيضاً في إدخال الذكاء الاصطناعي، حيث قد يشعر الموظفون بأن وظائفهم مهددة، أو في الأنظمة الخاصة حيث تعتمد الإيرادات على حجم الخدمات المرتفع.

لذلك، هناك حاجة إلى جهد منسق بين الحكومات والهيئات التنظيمية الصحية وشركات التكنولوجيا للمساعدة في تمويل تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتجربتها ونشرها في المستشفيات، والتغلب على عقبات التنفيذ الثقافية والتقنية.

بطبيعة الحال، لن يكون هذا سهلاً، لكن حجم المكافأة – المتمثلة في تحسين صحة السكان وأنظمة الرعاية الصحية الأكثر استدامة – ينبغي أن يحرك العقول ويجعلها أكثر تركيزاً على الأمر.

زر الذهاب إلى الأعلى