
غزة، درس في الممنوع من الصرف
الدكتور محمد محاسنة
غزّة، درس في الممنوع من الصرف
لم يكن في ذهنِ العرب الذين فتحوا باب الممنوع من الصرف أنهم سيغلقون في وجه العدوّ أبوابا من الغطرسة.
وبعد،
لأوّل مرّة أعي حقيقة تعبير المصطلح النحويّ عن الواقع العربيّ وعمقه،كما أعي لأوّل مرّة، أنّ غزّة جسّدت المنع من الصرف بأسمى تمثّلاته، وأوثق احتمالاته.
غزّة في هذه المرّة، وفي كلّ مرّة، قدّمت أمثلة معرَبة معرِبة، معرَبة بعلامة تأبى التعذّر والتقدير،
معرِبة عن النصر، إن صاغه بارع في تأليف المعاني وإحكام المباني.
المنع من الصرف في السياق الغزّيّ تجاوزَ اللغويّ، ونجح عميقا في الاشتباك مع ما فوق اللغويّ وما قبله وما بعده، إذ بقيت صامدة برغم محاولات إعادة الصياغة، وتنويع الاشتقاق.
وبرغم الريح المتدفقة عبر مدن التيه، بقيت الدفّة الغزّيّة في وجهَي عملتها، جواهرَ في زمن دراهمِ الذليل.
غزّة، لم يعد التأنيث ولا علميّة المكان علّة المنع، بل صار لزاما أن نبحث في ذواتنا عن علل، كي لا نُصرفَ، في زمن العلّات.
ملاحظة، في مقولة هي الأخطر، حسب السياق الغزّيّ في مقولات النحو المقارن والتقابلي، لا وجود لظاهرة المنع من الصرف في غير العربيّة.
ليس غريبا هذا، فغزة في كل مرّة تعيد تفسير كلّ العلاقات الكونية،ومن بينها عجز المحتل وصانعيه عن فهم درس الممنوع من الصرف.







