
بالمعلّم تُبنى الأوطان وتُصنع الحضارات
بقلم المحامي عبدالرحيم الزواهره
يُعَدّ المعلّم الركيزةَ الأولى في مسيرة البناء الوطني، واللبنةَ الأساسية في نهضة الأردن الحديثة. فهو الذي يصنع الأجيال، ويشكّل العقول، ويغرس القيم الوطنية والأخلاقية في نفوس الطلبة؛ فينشأ الجيل معتزًّا بوطنه، مؤمنًا برسالته، قادرًا على الإسهام في تطوير مجتمعه وخدمة أمّته. فالمعلّم هو صاحب الرسالة النبيلة، والموجّه الذي يزرع بذور العلم والمعرفة والانتماء في عقول أبنائنا وبناتنا.
لقد أكّد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظَّم، في أكثر من مناسبة، أنّ التعليم هو حجر الزاوية في بناء الوطن، وأنّ المعلّم هو جوهر العملية التعليمية وعمادها. وقد قال جلالته في أحد خطاباته:
“نحن نؤمن أن التعليم هو الاستثمار الحقيقي في مستقبل الوطن، وأنّ المعلّم هو حامل هذه الرسالة النبيلة وصانع أجيال الأردن القادمة.”
هذا التأكيد الملكي يعكس إيمان القيادة الهاشمية الراسخ بأنّ النهضة الوطنية تبدأ من المعلّم، وأنّ تطوير التعليم وتمكين المعلّم هما أساس بناء الإنسان الأردني المبدع القادر على المنافسة في عالمٍ متغيّر.
ومن هذا المنطلق، جاءت التوجيهات الملكية الداعية إلى تطوير التعليم، وتحسين أوضاع المعلّمين، ورفع مكانتهم في المجتمع، من خلال برامج تدريب وتأهيل متقدّمة، وربط التعليم بالتكنولوجيا والابتكار، وتوفير بيئة تعليمية حديثة تُعزّز دور المعلّم كمربٍّ وقائدٍ ومُلهم.
فالمعلّم الذي يحظى بالتقدير والرعاية هو القادر على تقديم تعليمٍ نوعيٍّ يواكب تطلّعات الدولة ويسهم في تحقيق رؤيتها الوطنية.
إنّ تمكين المعلّم الأردني ليس خيارًا، بل واجبٌ وطنيٌّ لضمان استدامة التطوّر التعليمي. ويبدأ هذا التمكين بالاعتراف بمكانة المعلّم الاجتماعية والمهنية، ومنحه ما يستحقه من دعمٍ ماديٍّ ومعنويٍّ، إلى جانب تهيئة الظروف التي تمكّنه من أداء رسالته بروح العطاء والإبداع.
ويُعدّ تطوير كفاءات المعلّمين، من خلال التدريب المستمر والاطلاع على أحدث الأساليب التربوية والتقنيات التعليمية، أحدَ أهم عناصر تمكينهم. كما يجب تعزيز ثقافة التقدير المجتمعي للمعلّم، لأنه القدوة الأولى في حياة الطالب، ومصدر الإلهام والتحفيز نحو النجاح.
ولا بدّ من ضمان حياةٍ كريمةٍ للمعلّمين تتيح لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي، ليؤدّوا رسالتهم النبيلة بأفضل صورة، فهم الأقدر على بناء العقول وتنشئة الأجيال الواعية المتسلّحة بالعلم والإيمان والانتماء.
⸻
المعلّم في رؤية الأردن الحديث
يُنظر إلى المعلّم في الأردن باعتباره صانع المستقبل وركيزة التنمية البشرية، ودوره يتجاوز التعليم الأكاديمي إلى ترسيخ القيم الوطنية والمجتمعية في نفوس الطلبة. فالمعلّم الأردني هو السفير الحقيقي لرسالة الدولة في نشر الوعي والمعرفة، وهو المحرّك الأساسي لمسيرة التطوير والتحديث التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني.
وقد جاءت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، بتوجيهات ملكية سامية، لتؤكد ضرورة تطوير مهنة التعليم ورفع مكانة المعلّم، باعتباره الأساس في تحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد المعرفة.
⸻
خاتمة
إنّ المعلّم الأردني هو روح الوطن وعقله المفكّر، وهو حامل شعلة النور في طريق التقدّم والنهضة. وبفضله تتوارث الأجيال حبّ الوطن والولاء للقيادة والانتماء للأرض.
وتكريم المعلّم وتمكينه ليس مجرّد واجبٍ أخلاقيٍّ أو مهنيٍّ، بل هو تجسيدٌ لرسالة الدولة في بناء الإنسان وتمكينه.
فبالمعلّم تُبنى الأوطان، وبجهوده تُصنع الحضارات، وبإخلاصه ووفائه تستمرّ مسيرة العطاء الأردني المشرق تحت راية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظَّم، حفظه الله ورعاه.