
نهر الأمازون يتحول إلى طريق رئيسي لتهريب الكوكايين نحو أوروبا وإفريقيا
الشاهين الاخباري
على مدى العقد الماضي، أصبح نهر الأمازون، أشهر أنهار أمريكا الجنوبية، طريقًا رئيسيًا لتصدير الكوكايين، الذي يخرج من بيرو وكولومبيا مُتجهًا إلى أوروبا وإفريقيا.
و بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، يُجبر المُتاجرون مجتمعات السكان الأصليين الضعيفة على إخفاء مخابئ المخدرات وتهريبها عبر النهر، بل وشراء الكوكايين الخاص بهم، والذي غالبًا ما يكون جاهزًا للتدخين.
واستعرضت الصحيفة توغل تجارة الكوكايين في البرازيل، التي تُعدّ ثاني أكبر سوق استهلاكي لهذا المخدر في العالم بعد الولايات المتحدة.
وضبطت جهات إنفاذ القانون البرازيلية 128 طنًا من الكوكايين العام الماضي، وفقًا لمؤسسة “برويندي”، وهي شركة مسؤولة عن معالجة مطالبات التأمين على الشحن البحري.
لكن هذا الرقم لا يمثل سوى جزء ضئيل من إجمالي الكميات المُهرّبة عبر القارة الأمريكية الجنوبية.
عجز أمني
يعترف مسؤولو الشرطة والأمن المحليون المرهقون بأنهم يخوضون معركة خاسرة ضد تجار الكوكايين الذين يتمتعون بموارد كبيرة، وينشرون زوارق سريعة مجهزة بالرادار، ونظارات للرؤية الليلية، واتصالات الإنترنت (ستارلينك)، لنقل حمولاتهم الثمينة عبر نهر الأمازون.
وتنقل فايننشال تايمز عن مسؤول أمني برازيلي كبير قوله: “لدينا 50 ضابطًا فقط لدوريات في منطقة تمتد على مسافة 1100 كيلومتر. ليس لدينا مروحيات، لذا نُجري دوريات في الأنهار بالقوارب، لكن المُهرِّبين لديهم شبكة من المُخبرين يُبلِّغونهم قبل وصولنا بوقت طويل”.
وقال فرانسيسكو جونزالفيس بيريز، رئيس الشرطة الفيدرالية المحلية، إن عصابات تجار المخدرات المنظمة جيدًا، والتي انتقلت إلى منطقة الأمازون العليا في السنوات الأخيرة، وجدت في السكان الأصليين هدفًا سهلاً.
وأضاف: “أدى هذا التداخل بين الجريمة المنظمة والمجتمعات المحلية إلى ازدهار استهلاك المخدرات. تُستخدم المجتمعات المحلية لتخزين المخدرات، وتُباع لها أيضًا”.
وأشار إلى أن الشرطة داهمت إحدى القرى العام الماضي، وعثرت على أربعة أطنان من الكوكايين مخزّنة في منزل واحد.
المجتمعات الأصلية
لا توجد لدى مجتمعات السكان الأصليين في منطقة الأمازون في البرازيل أي تقاليد في استخدام الكوكايين، وهو مخدر عالي التركيز يتم استخلاصه من أوراق نبات الـ”كوكا”، التي كانت تُزرع تقليديًا في مرتفعات الأنديز، واعتادت شعوب “الإنكا” و”الأيمارا” على مضغها منذ قرون لمساعدتهم على البقاء نشيطين بدنيًا على ارتفاعات عالية.
وفي السنوات الأخيرة، طوّر المُتجرّون سلالات من شجيرة الـ”كوكا” قادرة على النمو في بيئة الأمازون المنخفضة، الأكثر دفئًا ورطوبة. كما ظهرت مزارع “كوكا” ضخمة ومختبرات لمعالجة أوراقها عبر الحدود في بيرو المجاورة.
في “أتالايا دو نورتي”، وهي بلدة برازيلية تُعدّ بوابةً إلى سهول “جافاري” النائية، التي تُعدّ موطنًا لأكبر عدد من القبائل المنعزلة في الأمازون، بدأ السكان المحليون ببيع كميات صغيرة من المخدرات لزيادة دخلهم.
ومع انتشار تجارة الكوكايين عبر مساحة واسعة من الغابات، حيث تعيش المجتمعات على صيد الأسماك وزراعة المحاصيل، فإن الثروات السريعة التي يقدمها المتاجرون، والنشوة السريعة الناجمة عن المخدرات التي يبيعونها، يصعب على السكان الأصليين مقاومتها؛ وفق فايننشال تايمز.
وصوّرت حكومة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليسارية، نفسها على أنها مدافعة عن الشعوب الأصلية والبيئة، وتعهدت باستعادة الحماية القانونية ووكالات إنفاذ القانون، التي تم تفكيكها أو تقليصها خلال إدارة سلفه اليميني المتطرف جايير بولسونارو.
ولكن في “تاباتينجا”، وهي بلدة رملية تقع على ضفة النهر على الحدود مع كولومبيا، حيث تجلس النسور على الجدران، وتُطلى المباني المتداعية بالأحرف الأولى من اسم عصابة “كوماندو فيرميلهو” التي تتخذ من مدينة “ريو دي جانيرو” مقرًا لها، يشكو مسؤولو الأمن من أن حكومة لولا لم تفِ بالعديد من وعودها.