
حالات السعال الديكي تقفز 5 أضعاف
الشاهين الاخباري
يحذر الأطباء حول العالم من ارتفاع مقلق في حالات السعال الديكي مع اقتراب فصل الشتاء، وهو مرض يُعرف بين الأطباء باسم “القاتل الشتوي” نظراً لخطورته الشديدة على الرضع والأطفال الصغار.
تؤكد التقارير الحديثة أن عدد الإصابات بالسعال الديكي قد ارتفع إلى خمسة أضعاف مقارنة بالعام الماضي، ما أثار قلق الجهات الصحية ودفعها إلى إصدار تحذيرات عاجلة.
يشير الخبراء إلى أن موسم الشتاء عادة ما يشهد زيادة كبيرة في حالات الأمراض التنفسية، إلا أن السعال الديكي يُعد من أكثرها خطورة على الأطفال، خاصة من تقل أعمارهم عن 3 أشهر، إذ لم تتطور أجهزتهم المناعية بشكل كافٍ بعد.
يُسبب هذا المرض نوبات سعال عنيفة متكررة، تصاحبها صعوبة في التنفس وصوت مميز أشبه بصوت “الشخير” أو “الصياح”، وغالباً ما تكون هذه العلامة من أوضح دلائل الإصابة.
توضح مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن عدد الحالات قد بدأ بالارتفاع مجدداً بعد انخفاض كبير خلال جائحة كورونا، وذلك بسبب تقلص معدلات التطعيم آنذاك، وانخفاض التواصل الاجتماعي الذي حدَّ من انتشار العدوى. ومع عودة الحياة إلى طبيعتها، ظهرت موجة جديدة من الإصابات، وهو ما يُعتبر جزءاً من النمط الدوري الطبيعي للمرض، إذ تصل الحالات إلى ذروتها كل ثلاث إلى خمس سنوات.
ورغم أن السعال الديكي قد يكون مزعجاً فقط لدى الأطفال الأكبر سناً والبالغين، إلا أنه يمثل خطراً حقيقياً على الرضع. ففي هذه الفئة العمرية، يمكن أن تؤدي العدوى إلى مضاعفات خطيرة تشمل الالتهاب الرئوي، والنوبات، وتلف الدماغ، والجفاف، وصعوبة التنفس، وقد تصل في بعض الحالات إلى الوفاة. وتؤكد الدراسات أن الأطفال دون العام الواحد هم الأكثر عرضة للمضاعفات القاتلة، خاصةً في الأشهر الأولى من حياتهم.
وفي مقال نشر مؤخراً في مجلة طب الأطفال الأمريكية، شدد الأطباء على أهمية الوقاية عبر التطعيم، مؤكدين أن اللقاح المضاد للسعال الديكي يظل الوسيلة الأكثر فاعلية لحماية الأطفال.
وقالت الباحثة كايتلين لي، أخصائية الأمراض المعدية في مستشفى آن وروبرت هـ. لوري للأطفال في شيكاغو، والأستاذة المساعدة في كلية فاينبرج للطب بجامعة نورث وسترن، إن أعراض المرض لدى الرضع تختلف عن غيرهم، ما يجعل التشخيص صعباً في بعض الأحيان. وأشارت إلى أن أحد أهم المؤشرات التي ينبغي على الأطباء والآباء الانتباه لها هو انقطاع النفس، وهو عرض خطير قد يغفل عنه كثيرون.
وأضافت لي أن الرضع المصابين بالسعال الديكي غالباً ما يظهرون ارتفاعاً شديداً في عدد خلايا الدم البيضاء، وهو ما قد يُسبب التباساً في التشخيص، حيث يظن بعض الأطباء أن الطفل يعاني من مرض آخر مثل السرطان أو التهابات غير معدية. لذا، فإن الاشتباه المبكر بالسعال الديكي يُعد خطوةً حاسمة لإنقاذ حياة الرضيع.
ما هو السعال الديكي؟
يُعرف السعال الديكي بأنه عدوى بكتيرية شديدة العدوى تُصيب الجهاز التنفسي العلوي. تبدأ الأعراض عادةً بنزلة برد خفيفة مع سعال بسيط واحتقان في الأنف، لكن بعد أسبوع أو أسبوعين تتطور الحالة إلى نوبات سعال حادة تستمر لأشهر، حتى إن البعض يطلق على المرض اسم “سعال المئة يوم”. هذه النوبات قد تكون مرهقة إلى درجة تُعيق الطفل عن تناول الطعام أو النوم أو حتى التنفس بشكل طبيعي.
يُصدر المصاب أثناء محاولة التنفس بعد نوبة السعال صوتاً حاداً يشبه الصياح، وهو ما أعطى المرض اسمه بالإنجليزية (Whooping Cough). أما الرضع، فقد لا يظهر لديهم هذا الصوت بوضوح، بل يعانون من صعوبة في التنفس وانقطاع مؤقت له دون سعال واضح، ما يجعل الأمر أكثر خطورة وأصعب في الاكتشاف المبكر.
يشدد الأطباء على ضرورة الالتزام بجدول التطعيمات الأساسي، والذي يشمل جرعات السعال الديكي ضمن لقاح DTaP. كما يُنصح بأن تحصل الأمهات الحوامل على جرعة وقائية خلال الثلث الأخير من الحمل، لضمان انتقال الأجسام المضادة إلى الجنين وحمايته بعد الولادة.
وأكد الأطباء أن وعي الأهل ومراقبة الأعراض المبكرة هما خط الدفاع الأول ضد هذا “القاتل الشتوي”. فالسعال المستمر، أو انقطاع النفس، أو صعوبة الرضاعة، أو تغير لون الجلد إلى الأزرق أثناء السعال، جميعها علامات تستوجب مراجعة الطبيب فوراً. ومع استمرار الجهود العالمية لتعزيز التطعيم والوقاية، يأمل الخبراء أن تنخفض معدلات الإصابة تدريجياً، وأن يتمكن الأطفال من تجاوز موسم الشتاء بأمان وصحة.
تايمز ناو