
أزمة الطاقة تُبطئ النمو الألماني… واقتصاد يواجه ركودًا وشيكًا
الشاهين الاخباري
شهد بحر البلطيق في 26 سبتمبر 2022 تفجير خطي أنابيب الغاز “السيل الشمالي 1 و2″، ما حرم ألمانيا والاتحاد الأوروبي من أحد أهم مصادر الغاز منخفض التكلفة.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، واجه الاقتصاد الألماني، وهو الأكبر في أوروبا، أزمة حادة تمثلت في ارتفاع أسعار الطاقة، وتراجع النمو، وزيادة البطالة، إضافة إلى إغلاق آلاف المنشآت الصناعية وانتقال شركات عديدة إلى خارج البلاد.
وبحسب مركز أبحاث الاقتصاد الأوروبي (ZEW)، فإن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا قد يسجل نمواً شبه معدوم في عام 2025 بنسبة لا تتجاوز 0.2%، وهو ما أكدته تقديرات معهد “إيفو” للأبحاث الاقتصادية، حيث اعتبر رئيس قسم الأبحاث في المعهد، كلاوس فولراب، أن البلاد ستكون في حالة ركود فعلي هذا العام.
من جانبها، أشارت وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية، كاترينا رايشه، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي يعيش حالة جمود منذ عام 2019، مع تسجيل 3 ملايين عاطل عن العمل وارتفاع مستمر في تكاليف الكهرباء، مؤكدة أن النمو توقف خلال الأشهر الأخيرة.
وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الألماني سجل نمواً بنسبة 1% عام 2019، ثم انكمش بنسبة 4.1% عام 2020 بسبب جائحة كورونا، قبل أن يتعافى بـ3.7% في 2021. إلا أن النمو تباطأ لاحقاً إلى 1.4% عام 2022، ليدخل في انكماش بلغ 0.3% عام 2023 و0.2% عام 2024.
وترى المحللة ناتاليا ميلتشاكوفا أن الاقتصاد الألماني يواجه مجموعة من التحديات، أبرزها التخلي عن الطاقة الروسية الرخيصة، الأزمات الهيكلية في منطقة اليورو، التضخم، شيخوخة السكان، ونقص العمالة. وأضافت أن عدداً كبيراً من المهاجرين المؤهلين للعمل يعتمدون على الإعانات الاجتماعية دون البحث عن وظائف دائمة.
أما الخبير في الجامعة المالية والصندوق الوطني لأمن الطاقة، إيغور يوشكوف، فأكد أن أزمة الطاقة المطولة التي بدأت منتصف 2021 تعد التحدي الأكبر لألمانيا، لافتاً إلى أن تقليص الاستثمار في الفحم والنفط والغاز لصالح الطاقة الخضراء أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الطاقة بأوروبا.
ورغم هذه الصعوبات، يتوقع خبراء أن يعود الاقتصاد الألماني إلى مسار إيجابي تدريجياً، مع نمو متوقع بنسبة 1% في 2026 و1.4% في 2027، مدفوعاً بالسياسة المالية التوسعية وزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية. ومع ذلك، يرجح أن يبقى الانتعاش أضعف من الدورات السابقة بفعل التحديات الهيكلية مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة، ونقص الكفاءات، وتراجع الطلب على الصادرات بسبب الرسوم الجمركية الأميركية.