
جلالة الملك صوت يصدح بالحق
رزان الكعابنة
بينما اكتفى العالم بالأقوال فقط، كان صوت جلالة سيدنا يصدح بالحق في أهم المنابر والمحافل الدولية، فكان نبراسًا للحق وصورة للإنسانية، رجل السلام والعدالة وعرّاب السياسة. فمنذ بزوغ شمس مملكتنا الأردنية الهاشمية، كان الهاشميون يتولّون مسؤولية الدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وحملوا على عاتقهم مهمة التحدث عن قضية الإسلام والمسلمين الأولى، القضية الفلسطينية.
فمنذ المؤسس إلى الباني ثم إلى المعزز، تجلّت السياسة الخارجية الأردنية في محاورها ومنطلقاتها وثوابتها، آخذة القضية الفلسطينية كأهم محور حتى أصبحت السمة البارزة لسياستها الخارجية. فقد بذل الهاشميون جهودًا تاريخية ومواقف مشرفة في الدفاع عنها، على أمل أن تشرق شمس الحرية على فلسطين العربية التاريخية.
قاد الأردن جهودًا كبيرة وجبارة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في مساعدة قطاع غزة، فقدّم خطابًا تاريخيًا يليق بقائد استثنائي تحدّث باسم وصوت كل من لم يستطع إيصال صوته في جميع المحافل الدولية والمنابر العالمية والاجتماعات المحلية والدولية. كان ولا يزال بصيص الأمل في تحويل وجهة نظر العالم حول القضية الفلسطينية.
وعبّر جلالته في خطابه الأخير بالجلسة الافتتاحية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80 عن قلقه إزاء تخلي المجتمع الدولي عن قواعد الإنسانية التي وضعها، وعن صمته على ما تفعله إسرائيل من مجازر وجرائم بشعة بحق أهل غزة، والاكتفاء فقط بالإدانة وكأن إسرائيل فوق القانون أو ضحية.
لقد خذل العالم بأسره غزة، ووقف يتأمل المجازر تتوالى، حتى وصل عددها إلى 700 جريمة شنيعة ارتكبها العدوان الإسرائيلي. ولكن الأردن كانت له مواقف مشرفة ولحظات مشرقة ستبقى محطات تاريخية تشهد على التزامه بوصايته الهاشمية وجيشه العربي الأردني.
منذ السابع من أكتوبر لعام 2023، والأردن بقيادة جلالة سيدنا قدّم جهودًا دبلوماسية وسياسية عظيمة في سبيل دعم فلسطين وإعادة حقها في الحياة والعيش الكريم. فقد كان أول من فك الحصار عن قطاع غزة عبر العديد من الإنزالات الجوية، ليلفت انتباه العالم إلى طريقة وحل لإيصال المساعدات بدلًا من الاكتفاء بالإدانة والاستنكار. فكان الأردن منارةً لهم وأمانًا في سبيل إيصال المساعدات..
قدّم الأردن العديد من الإنزالات الجوية، أردنية ودولية، بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة. ولم يكتفِ هذا البلد العظيم جوًا، بل وجّه جهوده إلى البر عبر إرسال العديد من الشحنات التي تحمل معها ما يمكن أن يساعد على صمود الغزيين وثباتهم على أرضهم. وأكد جلالة سيدنا على حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وعبّر عن رفضه التام لتهجير الغزيين في لقاء تاريخي جمعه مع الرئيس الأمريكي. وأعاد تأكيد هذا الحق عبر تكثيف الجهود الأردنية المبذولة.
فنَشامى الخدمات الطبية، وبتوجيهات ملكية سامية، لم يبخلوا على أهلنا في غزة بتقديم أي خدمة، فأرسلوا العديد من المستشفيات الميدانية والعيادات بجميع التخصصات لمعالجة الحالات المرضية والإصابات. لقد كان الأردن هو رئة فلسطين، وهو الأمل الذي تُرى من خلاله خيوط الشمس وخيوط الحرية.
الأردن بلد عظيم، حتى في رحم المعاناة يولد الأمل بل يخترعه، عبر العديد من المبادرات الطبية كالممر الطبي الأردني ورعاية مبتوري الأطراف. فقد كان السبّاق في مساعدة ومساندة أهالي القطاع..
عندما أتحدث عن دور الأردن التاريخي في هذه القضية، لا يكفيني بحر من الحبر ولا كون من الورق. فالأردن دولة عظيمة الإنجاز، صغيرة الحجم، كبيرة العطاء.
بحضور قوي وثبات وإيمان تام بأن رسالة الهاشميين ونهج الأردن الإنساني سيصل ويخترق كل جزء من العالم، سيبقى الأمل أن يشرق فجر الحرية يومًا على فلسطين العربية التاريخية.
سيبقى الأردن بقيادة الهاشميين، وولاء جيشنا وشعبنا، شريان الحياة لفلسطين وصوتًا لشعبها المستضعف.
دمت يا سيدنا فخرًا لنا ومجدًا نباهي به العالم أجمع.