أقلام حرة

القدس: عنوان وضمير وهدف

حمادة فراعنة

إذا لم يدرك العرب والمسلمون والمسيحيون أن القدس عنوان وضمير وهدف يكونون فقدوا الكثير مما يتباهو به، كثيراً من ماضيهم، كثيراً من كرامتهم، من قناعاتهم من إيمانهم، من تطلعاتهم نحو الكرامة، والاستقلال، والسيادة.
المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، يستهدف فلسطين بكامل خارطتها، وكامل تفاصيلها، وشطب ماضيها العربي الإسلامي المسيحي، وشطب حضورها البشري الديمغرافي العربي الإسلامي والمسيحي، والتخطيط والعمل والبرمجة على تهويدها وأسرلتها وعبرنتها وصهينتها.
صمود أهل القدس، المدعومين من قبل فلسطييني مناطق 48، أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، حيث لا يتمكن أهل الضفة والقطاع من الوصول إلى القدس سواء من المسلمين أو المسيحيين لتأدية وظائفهم ومشاعرهم وإنحيازهم للقدس، ولأهلها ومسجدها وكنيستها، فالصراع وعنوانه ومظاهره وأفعاله من قبل المستعمرة وأدواتها وأنظمتها وأحزابها وحاخامتها، عنيف، عنصري، متطرف، يعمل مستعجلاً، ويسعى لإختزال عوامل الزمن لفرض حقائق ووقائع وتعديل المعالم والأنظمة، بإتجاه أن تكون القدس عاصمة موحدة للمستعمرة، إلى جانب الضفة الفلسطينية باعتبارها يهودا والسامرة .
صمود القدس مع تنظيماتهم الفلسطينية، ومجلس الأوقاف، وموظفي وزارة الأوقاف الأردنية 972 موظفاً متفرغاً بمثابة حراس الحضور والوفاء، المدعومين من أهل الداخل: من أحزابهم وفي طليعتها الحركة الإسلامية بشقيها الجنوبي والشمالي، ونوابهم، ورؤساء بلدياتهم، يستحقون الاحترام والتقدير والفعل النبيل، وطنياً وقومياً ودينياً.
لا تكفي مظاهر الصمود والدعم المحلي، فالواجب العربي الإسلامي المسيحي، ضرورة وواجب ووظيفة، فالقدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين للمسلمين، وقيامة السيد المسيح للمسيحيين، وهي عاصمة ليس فقط لفلسطين بل عنواناً عالمياً يحتاج للرعاية والمحافظة في مواجهة سياسات المستعمرة التي تسعى لسرقتها ونهبها وشطب ماضيها، وما تُمثل، وتغيير معالمها وتبديل سكانها، مما يستوجب أقصى درجات الاهتمام العربي الإسلامي المسيحي.
وطالما هي أولى القبلتين للمسلمين ومسرى سيدنا محمد ومعراجه، وثاني المسجدين: المسجد الحرام والمسجد النبوي، وثالث الحرمين، لماذا لا ترتبط بالواجب الملزم لجعل كل حاج في تأدية فريضة الحج، وكل معتمر يؤدي مناسك العمرة يدفع: مساهمة وضريبة، وواجب مهما بلغ متواضعاً، ولكن حصيلته سيساهم في تغطية احتياجات أهل القدس، خاصة أهل البلدة القديمة وسكانها، وبرامج مجلس أوقاف القدس، وكل ما يمكن تحقيقه، لا أن يقتصر ذلك على الجهد الأردني في تغطية الاحتياجات الضرورية لمجلس أوقاف القدس وموظفي وزارة الأوقاف إلى جانب ما تقدمه السلطة الفلسطينية الممنوعة رسمياً وتعسفاً من تأدية واجباتها نحو القدس، ومعاقبة ومحاسبة موظفيها وإغلاق مؤسساتهم المتفرغة في القدس وللقدس.
الصراع على القدس عنوان فاقع، وله الأولوية من قبل المستعمرة، كما هو واجب وطني وقومي وديني من قبل الفلسطينيين داخل وطنهم كافة، وما جمع عشرات الالاف من المصلين أيام الجمع والأعياد أو المناسبات سوى تحصيل لهذا المعنى والهدف والنضال، وما جريدة القدس إلا عنواناً أصيلاً معبراً منذ عشرات السنين عما يجري في القدس وللقدس وحائط صد لها وعنها، فقد وُلدت في المدينة المقدسة قبل الاحتلال عام 1967، حينما كانت المدينة جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، وبقي تراثها صامداً، ومنبراً مميزاً يجب الحفاظ عليه وحمايته لأنها تتعرض كما مؤسسات القدس للضغط والإضعاف المتعمد، على طريق التراجع والانحسار.
دعم القدس، واجب وضرورة وحاجة، فهل يتم تلبية ما يمكن إدامتها وتقويتها، كجزء من الصراع، وجزء من أدوات الصراع في مواجهة المستعمرة ومشاريعها وعدوانها؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!