أقلام حرة

نيف ومائة عام لهذا الحمى الهاشمي: مسيرة عزٍّ لا تُنسى

المستشار الاعلامي / جميل سامي القاضي

في قلبِ الشرقِ الأوسط، حيث تُلامسُ الشمسُ ترابَ الأرضِ المقدسة، وتُزيّنُ الجبالُ والوديانُ صفحاتِ التاريخ، يقفُ هذا الحمى الاردني الهاشمي شامخاً كالنسر، عزيزاً صامداً كالجبل، ينبضُ بروحِ الأجدادِ ويحملُ في جيناتهِ دماءَ الاحرار .

نيفٌ ومائةُ عامٍ مرّت على هذا الوطن، لم تكن مجرد سنواتٍ تُحصى، بل ملحمةٌ تُروى، وقصيدةُ كفاحٍ تُنشد، وعهدٌ من التضحياتِ والإنجازاتِ يكتبُ مجداً لا يُنكر. منذُ أن وضعَ الشريفُ الحسين بن علي حجرَ الأساسِ للنهضةِ العربيةِ الحديثة، وحملَ رايةَ الثورةِ الكبرى عام 1916، وهو يُذكّرُ العالمَ بأنَّ الدمَ الهاشميَّ ليس دمَ حُكامٍ فحسب، بل دمُ رسالةٍ إنسانيةٍ تحملُ العدلَ والكرامة.

والأردن، هذا الحمى الذي أُسسَّ بإرادةِ اللهِ وإرادةِ الرجال، أصبحَ قلعةً للعروبةِ وملاذاً لكلِّ طامحٍ نحو الحرية ، وفي ظلِّ القيادةِ الهاشمية، تحوّلَ الأردنُ من صحراءٍ يائسةٍ إلى واحةٍ خضراءَ تُزهِرُ بالعلمِ والثقافةِ والتنمية. وجاء ذلك بجهاد الملك الشهيد عبد الله الأول، المؤسسُ الذي حوَّلَ الحلمَ إلى دولة، والملك طلال، صاحبُ الدستورِ الذي جعلَ من الشعبِ شريكاً في الحكم، والملك الحسين البانيُ العظيمُ الذي حوَّلَ التحدياتِ إلى فرص، والملك عبد الله الثاني المعظم ، القائدُ الذي يسيرُ بالأردنِ نحو آفاقِ التكنولوجيا والابتكار، كلُّ هؤلاءِ صنعوا سلسلةً ذهبيةً من الإرثِ الذي لا ينقطع.

نيفٌ ومائةُ عامٍ والأردنُ يُصارعُ العواصفَ كالسنديانِ العتيق. حروبٌ ونكباتٌ مرّت على المنطقة، لكنَّ هذا الوطنَ بقيَ منارةَ أمانٍ في بحرِ الفوضى استقبلَ اللاجئينَ حينَ ضاقتْ بهم الأرض، ورفعَ صوتَ الحقِّ في المحافلِ الدولية، ودافعَ عن المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ في القدسِ كأنها جزءٌ من ترابه.
فالأردنُ ليسَ أرضاً فحسب، بل ضميرٌ حيٌّ يُذكّرُ العالمَ بأنَّ الإنسانيةَ لا تُقاسُ بالحدود.

اليوم، ونحنُ نحتفي بذكرى مرورِ نيفٍ ومائةِ عامٍ على هذا الحمى، نرفعُ رؤوسنا فخراً بإنجازاتِ ابناء الوطن الاجداد والاباء الذينَ حوّلوا الصخرَ إلى ذهب، والمرأةِ التي كسرتْ قيودَ التقاليدِ الباليةِ لتبنيَ معَ الرجلِ صرحَ المستقبل، والعلماءِ الذينَ أبهَروا العالمَ بإبداعاتهم حتى غدا الأردنُ، برغمِ شحِّ الموارد، يُدرّسُ العالمَ معنى “الإرادة”.

هذهِ الذكرى ليست وقفةً للماضي فحسب، بل شعلةٌ تُضيءُ دربَ المستقبل. فليعلمْ كلُّ حاقدٍ أنَّ الهاشميينَ ورثةُ النبوةِ والقيادة، وأنَّ الدمَ الذي يسري في عروقِهم هو نفسُ الدمِ الذي حملَ رايةَ “الله أكبر” فوقَ مآذنِ العزة والأردنُ باقٍ بعزِّه، شامخٌ بإرادته، وسيظلُّ درعَ الأمةِ وسيفَها حينَ تدعو الحاجة.

فإلى الأمامِ يا أردن العظماء، فما مرَّ من السنينِ هو مجردُ بداية، والغدُ يحملُ في طياته أمجاداً تُضافُ إلى سفرِ الخالدين.

زر الذهاب إلى الأعلى