
الملك والقهر …
إبراهيم أبو حويله…
ومن ظن أنه قادر وقاهر لخلق الله بظلم فقد تطاول على الله ، وكم من هؤلاء من ظن عندما ملك القوة أنه قادر وقاهر وظالم وفاعل، ولكن هذه السلطة الممنوحة ممن يهب الملك لمن يشاء ولم يقل يأخذه ولكن ينتزعه انتزاعا ممن يشاء، فلا فعل لمخلوق إلا بسماح من خالق، ومن ملك فظلم وقهر فقد استعلى وتسلط وتجاوز في الفعل في ملك الله بغير ما أراد الله.
لذلك وعد الله الصابر على الابتلاء بالعفو والمغفرة، بشرط أن يكون صبره صبرا جميلا، والصبر الجميل هنا بفهمي البسيط، هو أن يكون فعلك وانفعالك منضبط بما أراد الله، فترد الظلم وتقاومه بما تقدر وكيف تقدر، وبعد ذلك فمرد كل قوة إلى صاحبها، وكل مخلوق إلى خالقه، فمنهم شقي وسعيد، فأما الذين شقوا، ففي النار خالدين فيها، وأما السعيد ففي رضوان من الله ورحمة وفضل .
يقول الشعراوي في خواطره عن : وهو القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةٌ حَتى إذا جَاءَ أَحَدَكُمُ الموت توفتهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ )
حين يتكلم الحق عن ذاته بما يسمى لدينا ضمير الغيب، فإنه سبحانه يريد أن يبين لنا أنه في أجلى مجال المشاهدة والحضور، فكأنه إذا قال وَهُوَ لا تنصرف إلا إلى ذاته العليا، فكأنه لا يوجد ضمير إلا هو .
الْقَاهِرُ : المتحكم بقدرة فائقة محيطة مستوعبة وكل شيء في الكون مقهور له قهر العدم فأوجد، وقهر الوجود فأعدم، وقهر الغنى فأفقر، وقهر الفقر فأغنى، وقهر الصحة فأمرض ، وقهر المرض فأصح. يقهر المادة ويقهر الروح فيأخذ الروح من غير آفة أو إصابة.
أما العبيد فهم من يتمردون على التكليف مع القهر يرسل الله حفظة ، فقهر الله لنا لمصلحتنا، يقولها الضعيف فيتذكر القوى، ويرتدع عن قهره، فيمتنع عن الذنب، وفي ذلك رحمة له، والحفظة : هم الملائكة يحفظون ويحصون أعمالكم ويسجلونها.
الملائكة لَا يُفَرِّطُونَ في أمرين حفظ تصرفاتك وأفعالك، وأخذ الروح، أي لا يهملون ولا يقصرون وإذا كانت بغير تشديد أي يُفرطون تكون بمعنى جاوز الحد والقدر وهي في إحدى القراءات.
- ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الحكمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَسِينَ رُدُّوا : تفيد أنه كان لهم التقاء به أولاً، لقد كانوا منه إيجادا، ثم ردوا إليه حساباً ؛ ثوابا وعقابا. مولَهُمُ :: القريب ، الناصر ، المعين الله هو المولى الحق فلن يخذلك فلا تتكل على واحد من الأغيار وتطلق كلمة (مولى) على السيد، وحين يعتق عبده تطلق على العبد أيضا، وحين يعتقنا ربنا من النار أليس في ذلك أعظم ولاية ؟
الا : أداة تنبيه حتى لا تفلت أي جزئية مما يأتي بعدها. الحكُم إنه سبحانه يحكم بين الخلق بداية من آدم إلى أن تنتهي الدنيا، وكل واحد منا تتشابك مسائله مع غيره. ( فنحتاج إلى حكم الله ليفصل بين الخلائق ) .