
توجيهات ملكية وشراكات استراتيجية.. وقف ثريد يُحقق نقلة نوعية في العمل التطوعي لصناعة إرثٍ مستدام للأمن الغذائي
الشاهين الاخباري – عمر المهيدات
في أجواءٍ تجسّد روح التضامن والعطاء التي يُميّزها شهر رمضان المبارك، شهدت مبادرة “حملة رمضان للتطوع” – التي نظمها الديوان الملكي الهاشمي بالشراكة مع وقف ثريد الخيري – مشاركةً واسعةً من المتطوعين الذين انخرطوا يوم أمس في جهود إنسانية لمواجهة الجوع وتقديم الدعم الغذائي لضيوف الوقف. هذه المبادرة، التي تُعدّ جزءاً من رؤية أعمق لتعزيز العمل التطوعي كركنٍ أساسي في بناء المجتمعات، تأتي في إطار مسيرة وقف ثريد الذي أطلق أعماله في الأول من رمضان 1445هـ (12 مارس 2024م)، وتمكّن منذ ذلك الحين من توزيع أكثر من 319 ألف وجبة غذائية متوازنة داخل الأردن، عبر شبكة مراكز توزيع أبرزها الموقع المركزي القريب من المسجد الحسيني في عمّان، والذي يُشكّل نواةً لإدارة العمليات اللوجستية والإدارية بكفاءة عالية.
لا تقتصر جهود الوقف على الحدود المحلية، بل تمتدّ إلى آفاقٍ إقليميةٍ إنسانية، حيث نجح – عبر شراكات استراتيجية مع القوات المسلحة الأردنية والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية – في توفير أكثر من 3.5 مليون وجبة غذائية لأهالي غزة عبر حملات متتالية (غزة 1، 2، 3)، بدعمٍ من متبرعين استراتيجيين وأكثر من 25 ألف متبرع فردي. هذه المبادرات تُبرز دور التعاون المشترك في تحويل التحديات إلى فرصٍ لإغاثة المُعتََرين، وتذكير العالم بأنّ الإنسانية لا تعرف حدوداً.
وفي إطار دعم المبادرة، زار رئيس الديوان الملكي الهاشمي معالي السيد يوسف العيسوي مقرّ الوقف، حيث نقل تحيات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين للمتطوعين، مشيداً بجهودهم التي “تُترجم القيم الهاشمية الأصيلة في العطاء”. كما أكّد على اهتمام جلالة الملك بمسيرة الوقف ودوره في تعزيز الأمن الغذائي، لافتاً إلى أن هذه الجهود تُضفي بُعداً إنسانياً على مفهوم التنمية المستدامة.
تميّزت الحملة بمشاركة فاعلة من الشباب الأردني والناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، الذين حوّلوا طاقاتهم إلى أدواتٍ للتغيير الإيجابي، حيث مثّلوا جسراً بين الوقف والمجتمع في نشر الوعي بأهمية التطوع. فالعمل التطوعي – كما تجسّد في هذا اليوم – ليس مجرد مبادرة عابرة، بل استثمارٌ في رأس المال البشري، وفرصةٌ لتعزيز الانتماء عبر المشاركة في صناعة الأمل.
يظلّ باب التطوع في وقف ثريد مفتوحاً أمام كلّ من يرغب في أن يكون جزءاً من هذه المسيرة الإنسانية، عبر مراسلة البريد الإلكتروني volunteer@thareed.org، كما يُمكن دعم جهود الوقف بالتبرع المالي عبر منصات الدفع الإلكتروني المُتاحة مثل “أي فواتيركم”، أو البطاقات الائتمانية، أو نظام [THAREED] CliQ للدفع الفوري. فكلّ تبرعٍ – مهما كان حجمه – يُترجم إلى خطوةٍ عملية نحو تخفيف معاناة إنسان.
في الختام، تُذكرنا مبادرات مثل “وقف ثريد” بأنّ التحديات الإنسانية الكبرى لا تُحلّ إلا بالتضافر الجماعي. فخلف كلّ وجبةٍ تُوزع، وكلّ يدٍ تُمدّ بالخير، تكمن قصةُ إصرارٍ على صناعة فرقٍ ملموس في حياة الآخرين، وهو ما يُجسّد جوهر الرسالة التي يحملها رمضان: شهرٌ يُذكّرنا بأنّ العطاء ليس فعلاً عابراً، بل إرثٌ يُبنى يومياً بسواعد أبناء الوطن الواحد.