
القطاع الخاص هل يقدر على الإستمرار…
إبراهيم أبو حويله…
الإقتصاد منظومة متكاملة، وبدون انتعاش حقيقي في كل المنظومة سيكون رفع التكاليف على القطاع الخاص خطوة كارثية، ليس بحق القطاع الخاص فقط ، ولكن بحق العمالة وهي الجزء الأضعف في المعادلة. في كثير من الأحيان للأسف صانع القرار لديه ذكاء جزئي ، هو قادر على رؤية المشكلة وتصورها من زاوية واحدة فقط وهي زاوية العامل .
ولكن ما الذي يحدث في سوق العمل حقيقة، اذا نظرنا إلى منشآت القطاع الخاص، نجد أن هناك انتعاش جزئي في قطاع معين، وهناك ركود في قطاعات عريضة، خذ ما حدث عندما تم تخفيض الضريبة على السيارات الكهربائية انتعش سوقها ثم بعد أن إرتفعت الضريبة ركد هذا السوق، وخذ ما يحدث في شهر رمضان المبارك للبقالة والمواد التموينية والمطاعم ينتعش سوقها فترة معينة ثم يركد هذا السوق، وفي المقابل هناك قطاعات اخرى أصابها ركود او هي في ركود دائم مثل الأثاث وغيرها.
وهنا عندما ترتفع تكاليف العمالة سواء من حيث الحد الأدنى للأجور، او من حيث التكاليف الإضافية المتعلقة بهم من ضمان وغيره، ولا تستطيع هذه القطاعات تأمين هذه التكاليف الإضافية فهنا تلجأ إلى تخفيض عدد العمالة، والاقتصار في النشاط الإقتصادي إلى الحد الذي تقدر على تأمين نفقاته.
ولذلك نقول بأن ما تقوم به الحكومة هو في الحقيقة ضد العمالة وليس معها، ولن تستطيع جهة خاصة تأمين متطلبات السوق الا اذا كانت الحركة التجارية مجدية، وفرض تكاليف اضافية على القطاع الخاص له تبعات سيئة على الأقتصاد الوطني، وعلى إيرادات الحكومة ايضا، لأنه يقلص سوق العمل.
وحاليا هناك تفكير جدي من قبل قطاعات واسعة بتقليص نشاطاتها التجارية، او الاستعاضة بوسائل اخرى اقل تكلفة ، سواء من حيث تأجير خدمات او الاستعانة بشركات للقيام ببعض المهام بعقود من الباطن، بسبب الأوضاع الاقتصادية في البلد.
فهل تعي الحكومة وبعض الأصوات التي ترى جزء من المشهد وتظن أنها تنتصر للعامل ما يحدث، انها في الحقيقة تدفع أصحاب العمل للتخلي عن العمالة، وتحرم هذه العمالة من الوضع الصعب الذي كانت فيه، ونقر ذلك لمعطيات السوق، وعدم القدرة على رفع السلع او الخدمات بحيث تغطي هذه الفوارق التي فرضتها الحكومة، ولكن كان هناك شيء هو قليل نعم، والان سوف يتم الاستغناء عن خدماتهم لعدم القدرة على تأمين رواتبهم وضمانهم وتكاليف وجودهم.
وهذه هي حقيقة ما يحدث لا ما تم التنظير له بأن سوق العمل قادر على تحمل هذه الرفعات، هو بالكاد قادر على الإستمرار، فليس هناك سعي جدي من قبل الحكومة لتمكينه ودعمه وتلبية حاجاته ومتطلباته للإستمرار ، وفي المقابل أرهقت عاتقه بفوترة من جهة وضمان من اخرى وضرائب ورفع للحد الأدنى، وترفع اكفها بالدعاء له ليستمر، والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.