
50 مليار دولار استثمارات سعودية في الأردن… هل يفعلها ابن سلمان لتعزيز صمود الجار الشمالي؟
الشاهين الإخباري – أ.د. محمد الفرجات
علاقات راسخة بين الشقيقتين
تجمع المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية علاقات تاريخية متينة قائمة على الأخوة والجوار والمصالح المشتركة، حيث تعززت هذه العلاقات عبر العقود بفضل الحكمة السياسية لقيادتي البلدين، وحرصهما على التعاون في مختلف المجالات. فمنذ تأسيس الدولتين، لعبت الروابط العائلية والاجتماعية والاقتصادية بين الشعبين الشقيقين دورًا أساسيًا في بناء علاقات متينة، تعززها رؤية قيادتي البلدين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي عهده الحسين بن عبدالله.
الاستثمار في الجار الشمالي… خيار استراتيجي
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، فإن استثمارات سعودية بحجم 50 مليار دولار ستكون بمثابة ركيزة أساسية لتعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي، ولتوفير حلول حقيقية لمشاكل الفقر والبطالة. كما أن هذه الاستثمارات ستسهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي، حيث إن الأردن يُعتبر خط الدفاع الأول عن الخليج العربي، ويمثل استقراره مصلحة سعودية وعربية.
يمكن لهذه الاستثمارات أن تتركز في قطاعات حيوية مثل المياه والطاقة والبنية التحتية، مما يعزز الأمن المائي للأردن، ويقلل من اعتماده على المصادر الخارجية، خاصة في ظل أزمة المياه المتفاقمة. كما يمكن للمشاريع الاستثمارية السعودية أن تشمل قطاع التكنولوجيا، والسياحة، والتعدين، والزراعة الذكية، وهي قطاعات توفر فرصًا كبيرة للنمو وتحقق عوائد اقتصادية ضخمة للطرفين.
الأمن القومي في قلب المعادلة
لا تقتصر أهمية هذه الاستثمارات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل إنها تساهم في تعزيز الأمن الوطني والقومي لكلا البلدين. فالأردن يلعب دورًا استراتيجيًا في حماية الحدود الشمالية للسعودية، وفي دعم الاستقرار الإقليمي، ما يجعل دعمه اقتصاديًا استثمارًا في الأمن القومي للمنطقة.
إن دعم الأردن اقتصاديًا ليس فقط التزامًا أخويًا، بل هو قرار استراتيجي يصب في مصلحة المملكة العربية السعودية، التي تسعى لتعزيز نفوذها الإقليمي وتأمين حدودها من أي اضطرابات محتملة. كما أن استقرار الأردن يضمن استمرار دوره كحليف استراتيجي وشريك في تحقيق الأمن العربي المشترك.
دور القيادتين في الدفاع عن قضايا الأمة وفلسطين والصف العربي
تاريخيًا، لعبت القيادتان السعودية والأردنية دورًا محوريًا في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث تقف الرياض وعمان في صف واحد لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، ودعم حل الدولتين، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
كما أن المواقف الأردنية والسعودية تتطابق في دعم وحدة الصف العربي، وتعزيز التضامن بين الدول العربية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وتعمل القيادتان معًا في المحافل الدولية للدفاع عن قضايا الأمة، وحماية استقرار المنطقة من التدخلات الخارجية، والإرهاب، والتطرف.
جهود الملك عبد الله الثاني على المستويين العربي والدولي
يُعد جلالة الملك عبد الله الثاني من أبرز القادة العرب الذين يسعون بشكل متواصل لتعزيز التضامن العربي والدفاع عن القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية. فهو صاحب مواقف ثابتة في حماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ويقود جهودًا دبلوماسية كبيرة لحشد الدعم الدولي لتحقيق السلام العادل والشامل.
كما أن الدور الأردني في استضافة اللاجئين، والمشاركة في محاربة الإرهاب، ودعم الحلول السلمية للنزاعات، جعله شريكًا أساسيًا في استقرار المنطقة، وهو ما يعزز أهمية دعم الأردن اقتصاديًا ليواصل أداء دوره المحوري.
الأردن أرض الفرص الواعدة
الأردن، رغم تحدياته الاقتصادية، يتمتع ببيئة استثمارية جاذبة، حيث يمتلك إطارًا قانونيًا واضحًا، وقوى عاملة مؤهلة، وموقعًا استراتيجيًا يربط الخليج بالشام وأوروبا. كما أن اتفاقيات التجارة الحرة التي وقّعها الأردن مع العديد من الدول تتيح فرص تصديرية هائلة للمستثمرين السعوديين.
هل يفعلها ابن سلمان؟
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المعروف برؤيته الطموحة “رؤية السعودية 2030″، يدرك أهمية التكامل الاقتصادي العربي، ويؤمن بضرورة دعم الدول الشقيقة لتعزيز الاستقرار في المنطقة. وفي ظل هذه الرؤية، فإن استثمارات سعودية بحجم 50 مليار دولار في الأردن لن تكون مجرد مساعدة اقتصادية، بل استثمارًا استراتيجيًا مربحًا يعزز من نفوذ المملكة العربية السعودية في المنطقة، ويدعم أمنها الوطني، ويحقق النهضة الاقتصادية المشتركة.
الأردن ينتظر قرارًا تاريخيًا من الشقيقة الكبرى، والسعودية لديها القدرة والرؤية لتحويل التحديات إلى فرص استثمارية تعود بالنفع على البلدين. فهل يفعلها الأمير محمد بن سلمان، ليكون الاستثمار السعودي في الأردن أكبر مشروع دعم استراتيجي عربي في العصر الحديث؟