![441626 12 1726913691](https://www.shahennews.com/wp-content/uploads/441626_12_1726913691.jpg)
الحكومة والقطاع الخاص والكعكة وابر المورفين …
إبراهيم ابو حويله …
أشعر بالصدمة من الحال التي وصلت إليها الحكومة في التعامل مع الملف الإقتصادي وتبعاته.
لقد اخذت حصتها من الكعكة وتركت الشعب يطاحن بعضه بعضا، السعي لتحقيق العدالة بين مكونات الشعب هو مسؤولية الحكومة، ويجب أن تضع القوانين والإنظمة والشروط التي تضمن تحقيق هذه المعادلة، ما تحاول الحكومة تجاوزه او نسيانه ان التحسن الإقتصادي مرتبط بشكل مباشر بما تقوم به الحكومة من إجراءات، فما أن تصرف مكافأة ما حتى تشهد الكثير من الأسواق تحسنا، وما أن ترفع الرواتب بقدر معين حتى ينعكس ذلك القدر على حياة الجميع في الوطن، وما أن تخفض ضريبة حتى ينشط ذلك القطاع.
ولكن عندما تسعى الحكومة لتحصيل أموالها بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة، وتتفنن في إيجاد طرق تفرض فيها على المواطن فوترة نشاطاته المهنية او الصناعية او التجارية، وتفرض عليه ضرائب وإشتراكات في الضمان، ورفع للحد الأدنى للأجور في وقت لا تستطيع فيه الكثير من المنشأت التجارية والصناعية تأمين ما عليها من إلتزامات قبل هذا الرفع.
وترك الأمر بدون إيجاد الطرق والوسائل اللازمة لتحقيق هذا الهدف، فهي هنا تعلن عن حلبة مصارعة بين مكونات الشعب وتضع نفسها في مقام القاضي والخصم، ادرك تماما ان الحكومة تسعى لحل مشكلة الرواتب المتدنية، وتغول بعض المنشأت ذات الدخل الجيد على هذه الفئة، ولكنها هنا وضعت المنشأت ذات الدخول المتدنية في مواجهة مع العمالة، ولم تضمن من الجهة الأخرى طريقة قانونية لتتمكن هذه المنشأت من تحصيل إيراداتها المالية، الكثير من المنشأت اليوم تتعرض لضائقة كبيرة، وتم إغلاق الكثير منها بسبب عدم قدرتها على تحصيل أموالها.
هذا الوضع سيخلق حالة من التوتر بين مكونات الشعب، فمن جهة تسعى فئة للإستفادة من هذه الخدمات التي تستطيع الحصول عليها، بدون أن تكون ملزمة بطريقة جدية لدفع هذه الإلتزامات للجهات المعنية، وهنا اتكلم عن فئة من المواطنين تمارس التمنع عن آداء الحقوق المالية ولا يوجد طريقة لإلزامها بالدفع، ومن جهة أخرى لا تستطيع هذه المنشأت دفع ما عليها سواء من رواتب وأجور وغيره من إلتزامات ضريبية وضمانية وتشغيلية.
هنا ستسعى المنشأة لتخفيض العمالة من جهة، وزيادة الحمل على الفئة المتبقية من جهة أخرى، أو ستسعى للتخلص من بعض النشاطات الجانبية التي من الممكن ان تحصل عليها من طرف ثالث بسعر أقل، وهذا يعني تخفيض اليد العاملة وزيادة البطالة بدل حل مشكلة البطالة، على سبيل المثال منشأة لديها عشر موظفات من أجل القيام بالتنظيف، وهي في الأصل مصنع او شركة تجارية او مستشفى او مدرسة خاصة، هنا سيتم إنهاء عقد هؤلاء ويتم التوجه إلى شركة خدمات تقوم بالعمل بنصف التكلفة أو أقل، دون الدخول في حيثيات الضمان وعقود العمل والعقود السنوية والحد الأدنى للأجور.
وتستطيع صرف هذا المثال على الكثير من الخدمات التي ستقوم المنشأت بإيقافها، والتحول إلى طرف ثالث من اجل خفض النفقات. هذا بصرف النظر عن أن المنشأت التي لا تستطيع تحصيل أموالها ستغلق أبوابها، وهكذا بدل أن ترتفع إيرادات الحكومة من نشاطات هذه المنشأت، ستنخفض تدريجيا إلى أن تصل إلى حد الكارثة لا قدر الله.
إبر المورفين التي تعطيها الحكومة للعمالة من خلال إيهامها بحل مشاكلها ورفع أجورها، ستكون له أثار كارثية ما لم تقم الحكومة بدورها على الوجه الصحيح، وهنا أعود إلى تلك النقطة التي أذكرها دائما وهي تلك المساحة التي تتقاطع فيها الدوائر بين الحكومة والمواطن والقطاع الخاص، وهنا لن يستطيع المواطن القيام بحركة الحياة إلا من خلال قدر كافي من المال، ولن تستطيع منشأت القطاع الخاص القيام بدورها بدون حد معين من الأرباح وضمان تدفق إيراداتها، لضمان استمرارها وتوسعها وزيادة الحركة في القطاع الاستثماري بشكل مجدي.
وبعد ذلك تستطيع الحكومة ان تشارك جميع الأطراف بحصة من هذه الكعكة، اما أن تأخذ الحكومة نصيبها اليوم بدون القيام بدورها، فغدا لن تجد شيئا تأخذه.