![Img 20250214 Wa0037](https://www.shahennews.com/wp-content/uploads/IMG-20250214-WA0037.jpg)
الضغوط الأمريكية على الأردن ومصر: تحديات أم فرص للاستقلال؟
عميد ركن متقاعد خلدون حامد عليدي آل خطاب
تواجه كل من الأردن ومصر ضغوطًا متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة. فقد صرّح ترامب بأن على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت الحرب الإسرائيلية على القطاع في نزوح أعداد كبيرة من السكان. ورغم أن هذه الطلبات تبدو وكأنها تهديد مباشر لاستقرار البلدين، إلا أنه يجب النظر إليها من زاوية أخرى، باعتبارها فرصة لمراجعة الحسابات وتعزيز الاستقلالية في القرار الوطني.
السياسات الأمريكية وردود الفعل العالمية
إلى جانب الضغوط على الدول العربية، فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات كندا والمكسيك، كجزء من استراتيجيتها الاقتصادية الجديدة. لم يكن رد الفعل من هذه الدول تقليديًا أو استسلاميًا، بل جاء بحزم وقوة. أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده ستفرض رسومًا جمركية مماثله على المنتجات الأمريكية، محذرًا من أن هذه الإجراءات لن تؤثر فقط على كندا، بل ستنعكس سلبًا على الاقتصاد الأمريكي نفسه.
من جهتها، أعلنت الرئيسة المكسيكية عن موقف مشابه، مؤكدة أن بلادها ستستعيض عن المنتجات الأمريكية ببدائل صينية ويابانية وأوروبية، مما يدل على وجود بدائل وحلول بعيدًا عن الضغوط الأمريكية. هذه المواقف تعكس شعورًا قويًا بالاعتزاز الوطني والاستعداد لحماية المص9الح ال9قومية.
من التهديد إلى الفرصة: ماذا يمكن أن نتعلم؟
المواقف الكندية والمكسيكية تبعث برسالة واضحة: لا يجب أن تكون الضغوط الخارجية سببًا للانصياع أو الخضوع، بل يمكن تحويلها إلى فرص لتعزيز الاستقلال. وهذا الدرس يجب أن يكون مصدر إلهام للدول العربية، خاصة الأردن ومصر، في التعامل مع الضغوط الأمريكية.
بدلًا من النظر إلى التهديدات الاقتصادية والسياسية على أنها خطر محض، يمكن اعتبارها فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء اقتصاد أكثر استقرارًا، وتوسيع دائرة التحالفات الدولية، حتى لا تكون هذه الدول رهينة للضغوط الأمريكية مستقبلًا.
كيف يمكن للأردن أن يحوّل التحديات إلى فرص؟
- تنويع الشراكات الاقتصادية: بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر أساسي للمساعدات والاستثمارات، يمكن تعزيز العلاقات التجارية مع الدول العربيه والصين، اليابان، والاتحاد الأوروبي، وإقامة شراكات اقتصادية قوية مع دول أخرى.
- تعزيز الاكتفاء الذاتي: الاستثمار في القطاعات المحلية، مثل الزراعة والصناعة، لضمان الأمن الغذائي والحد من الاعتماد على الواردات.
- البحث عن مصادر تمويل بديلة: التوجه إلى المؤسسات المالية الدولية والدول الصديقة لتمويل المشاريع التنموية، والاستفادة من الاستثمارات الخليجية والآسيوية.
- تعزيز الإنتاج المحلي: دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع ريادة الأعمال لتوليد فرص عمل جديدة، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة.
- تطوير السياحة: يعتبر القطاع السياحي من أهم مصادر الدخل للأردن، لذا يمكن استثماره بشكل أوسع لجذب المزيد من السياح وزيادة العائدات المالية.
- تعزيز الدور السياسي والإقليمي: توثيق العلاقات مع الدول العربية والإسلامية لتشكيل جبهة أقوى في مواجهة الضغوط الخارجية، والتنسيق المشترك لتحقيق المصالح المشتركة.
الاستقلال الاقتصادي سبيل للاستقلال السياسي
التاريخ يثبت أن الدول التي تعتمد على نفسها اقتصاديًا هي الأقدر على اتخاذ قرارات سياسية مستقلة. إن التحديات التي يفرضها الرئيس الأمريكي على الأردن ومصر ليست مجرد تهديدات، بل هي فرصة لإعادة التفكير في المسار الاقتصادي والسياسي، وبناء نموذج تنموي يجعل هذه الدول أقل عرضة للابتزاز الخارجي.
إذا استطاعت الأردن ومصر استغلال هذه الفرصة بشكل صحيح، فستكون هذه المرحلة نقطة تحول نحو مستقبل أكثر استقلالية وقوة. التحديات التي تواجهنا اليوم يمكن أن تكون حجر الأساس لبناء اقتصاد أكثر قوة، وسياسة أكثر تماسكًا، تحفظ للأردن ومصر سيادتهما وكرامتهما الوطنية.