أقلام حرة

المواقف الأردنية الهاشمية ليست بحاجة لتوضيح

المستشار الاعلامي / جميل سامي القاضي

في عالم السياسة، حيث تتغير التحالفات وتتحرك المصالح وفق متطلبات اللحظة، يظل الأردن ثابتا على مبادئه، غير مكترث بضغوط أو إغراءات قد تدفعه لتغيير بوصلته الوطنية والقومية.

فمنذ تأسيس الدولة الأردنية، ظل الهاشميون يسيرون على نهج واضح لا لبس فيه، مستندين إلى الإرث التاريخي للثورة العربية الكبرى التي رفعوا رايتها لحرية العرب واستقلالهم ،
والمسؤولية الأخلاقية تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ورغم محاولات البعض تأويل المواقف الأردنية أو التشكيك فيها، فإن الحقيقة تبقى أن الأردن لم يكن يوما بحاجة إلى تبرير مواقفه، لأنها تنبع من ثوابت لا تقبل المساومة.
ومن المعلوم بانه لا يمكن الحديث عن ثبات المواقف الأردنية دون التطرق إلى قضية القدس وفلسطين، حيث يتصدر الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني. المعظم ، الصفوف الأولى في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، رغم الظروف الإقليمية الصعبة والضغوط الدولية المستمرة.
ومنذ عقود، حرص الأردن على تقديم التضحيات الجسام والداعم الصادق للقضية الفلسطينية، بعيدا عن أي حسابات ضيقة أو مصالح آنية ،فالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ليست مجرد التزام سياسي، بل واجب تاريخي وديني وأخلاقي يحمله الهاشميون منذ أجيال ،
وحتى في أصعب الأوقات، لم يتراجع الأردن عن موقفه الرافض لأي تسوية لا تضمن حقوق الفلسطينيين، ولم يسمح بأن تكون القضية الفلسطينية ورقة للمساومة أو المقايضة، فقد أعلنها الملك عبدالله الثاني صراحة في مختلف المحافل الدولية “القدس خط أحمر”، و”لا سلام دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية”. هذه العبارات لم تكن مجرد شعارات، بل مواقف تُترجم إلى سياسات ثابتة، لا تتغير بتغير الإدارات الأميركية أو الحكومات الإسرائيلية.
من السمات الأساسية للموقف الأردني أنه قرار مستقل لا يخضع لأي ضغوط خارجية ، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي مر بها الأردن، رفض أن يكون رهينة للمساعدات المشروطة أو الضغوط السياسية التي تحاول التأثير على مواقفه الوطنية ، فقد أثبتت القيادة الهاشمية مرارا أن السيادة الأردنية لا تخضع للمساومة، وأن كرامة الوطن أهم من أي دعم خارجي.

وفي هذا السياق، جاءت تصريحات الملك عبدالله الثاني واضحة وحاسمة: “نحن دولة ذات سيادة، وقراراتنا تنبع من مصالحنا الوطنية أولاً وأخيرا ” و هذه الاستقلالية جعلت الأردن يحظى باحترام دولي، حيث يُنظر إليه كدولة ذات مواقف مبدئية، لا تغيرها الضغوط ولا تزعزعها
التحديات

إضافة إلى مواقفه الثابتة، أثبت الأردن أنه حليف موثوق وقوة إقليمية تحظى بالاحترام ، فعلى مدار العقود، لعب دورا محوريا في تحقيق الاستقرار في المنطقة، وكان دائما صوت الاعتدال في زمن التطرف والتصعيد.

ورغم الظروف المحيطة، لم ينحرف الأردن نحو سياسات المغامرة أو التصعيد غير المحسوب، بل ظل ركيزة للاستقرار، وداعما للحلول الدبلوماسية والحوار السياسي وهذا الدور جعله محط أنظار العالم، حيث ينظر إليه كـدولة صامدة، ذات موقف واضح، وصوت عاقل في منطقة تعج بالفوضى والتناقضات. وليس أدل على ذلك من الاحترام الكبير الذي يحظى به الملك عبدالله الثاني في مختلف العواصم الدولية، حيث يُعتبر من أكثر القادة العرب قدرة على بناء الجسؤحر والتواصل مع مختلف الأطراف.
ويحق لنا معرفة لماذا تحاول بعض الجهات التشكيك في الموقف الأردني؟ رغم وضوح المواقف الأردنية، إلا أن بعض الجهات، سواء من الداخل أو الخارج، تحاول أحيانا التشكيك في ثباتها أو تفسيرها وفق أجنداتها الخاصة هذا التشكيك لا يعود إلى غموض في الموقف الأردني، بل إلى أن البعض لا يريد الاعتراف بأن هناك دولة عربية لا تزال ثابتة على مبادئها، رغم الضغوط والتحديات ، خاصة في عالم تحكمه المصالح، فقد يكون الثبات على المبادئ أمرا نادرا ، لكن الأردن أثبت أن المواقف الحقيقية لا تتغير، حتى لو تغيرت الظروف. ومن هنا، فإن أي محاولات لتشويه الموقف الأردني أو تأويله بطرق مغرضة لن تؤثر على الحقيقة، لأن الحقيقة ببساطة لا تحتاج إلى تفسير أو توضيح.
فالاردن ليس بحاجة إلى توضيح مواقفه، لأنها واضحة وثابتة لا تتغير تجاه القضية الفلسطينية إلى السيادة الوطنية، ومن الدور الإقليمي إلى السياسة الخارجية، وسيبقى الأردن مثالا على الدولة التي تعرف ماذا تريد، وتدرك أين تقف.
ونؤكد في زمن التغيرات السريعة والمواقف المتقلبة، سيبقى الأردن نموذجا للاستقلالية والثبات، يقود مسيرته بثقة، غير آبه بتأويلات أو تحليلات لا تعكس إلا رغبات أصحابها.

وفي النهاية، الأردن لا يغيّر مواقفه وفق الظروف، بل يصنع موقفا ثابتا يجبر الآخرين على احترامه.

زر الذهاب إلى الأعلى