فلسطين

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المكتبات الفلسطينية في القدس

الشاهين الإخباري

قبل 38 عاما، افتتحت المكتبة العلمية في شارع صلاح الدين في القدس المحتلة، لتصبح مع مرور السنوات واحدة من أهم المكتبات في فلسطين، وفي القدس على وجه الخصوص، حيث تعتبر مقصدا للدبلوماسيين والصحفيين والباحثين والطلبة.

وفازت المكتبة العلمية بجائزة أفضل مكتبة لعام 2011 على مستوى فلسطين، وثالث أفضل مكتبة على صعيد الشرق الأوسط من قبل مؤسسة “لونلي بلانيت” و”بي بي سي” في لندن.

هذه الأهمية التي تحظى فيها المكتبة وما تحويه من كتب ومراجع بلغات متعددة حول فلسطين والقدس، لم ترق للاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف كل ما هو عربي فلسطيني في المدينة المقدسة، ليقدم على إغلاق المكتبة واعتقال مالكيها محمود وأحمد منى، بذريعة بيع كتب “تحريضية”.

وسبق إغلاق المكتبة العلمية، إقدام الاحتلال على إغلاق مكتبتين في البلدة القديمة في القدس منذ مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي يكشف عن مخطط احتلالي يستهدف الفكر والثقافة والأدب في القدس.

ففي وقت سابق، اقتحمت شرطة الاحتلال مكتبتين في شارع خان الزيت، داخل أسوار البلدة القديمة، واعتقلت هشام العكرماوي صاحب مكتبة القدس لعدة أيام، وأغلقت مكتبته لمدة شهر بحجة بيع كتب” تحريضية”، كما فرضت على صاحب مكتبة أخرى داخل أسوار البلدة مبالغ باهظة الثمن لذرائع واهية.

ناصر عودة، محامي أصحاب المكتبة العلمية في القدس قال في تصريحات صحفية عقب انتهاء محاكمة الشقيقين، إن شرطة الاحتلال اقتحمت المكتبة في شارع صلاح الدين، وذلك بعد إصدارها أمر تفتيش من ما تسمى “محكمة الصلح” بادعاء احتوائها على كتب تتضمن “التحريض على الإرهاب والعنف”، واعتقلت الشقيقين محمود وأحمد منى، وقدمت طلبا للمحكمة من أجل تمديد اعتقالهما لمدة 8 أيام.

وأشار عودة إلى أن هذه سابقة إذ أنه أصدر الاحتلال في وقت سابق أمر إغلاق إداري لمكتبة في البلدة القديمة بالقدس، “وهذه المرة الأولى التي يتم خلالها إصدار أمر كهذا من دون قاعدة قرائن، بالإضافة إلى تقديم طلب تمديد اعتقال على الرغم من عدم وجود شبهات تدعم ادعاءات الشرطة والجهات الأمنية”.

وحرص عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين على حضور “جلسة محاكمة” الشقيقين منى. وقالت القنصلية الفرنسية في منشور لها إن “الهجمات على مكتبة ومؤسسة ثقافية مرموقة في القدس، يشكل انتهاكا صارخا لحرية التعبير والقيم الديمقراطية الأسياسية”، مطالبة بالإفراج الفوري عن الشقيقين.

الأديبة الفلسطينية المقدسية ديما السمان قالت إن إغلاق المكتبات يقع ضمن المخططات الإسرائيلية للتجهيل وتكميم الأفواه ومحو أي شيء له علاقة بالثقافة الوطنية الفلسطينية، مشيرةً إلى أن الاحتلال استولى على أي كتاب به أي مظهر من مظاهر الوطنية في المكتبة العلمية.

وأضافت أنه حتى “الصحف الإسرائيلية التي بها بعض المقالات الموضوعية إلى حد ما في طرحها مثل هآرتس يتم استهدافها، وهذا نهج غير مستغرب من دولة عنصرية تتبع أسلوب قائم على التجهيل واستهداف كل ما له علاقة بالوطنية الفلسطينية في القدس”.

وأوضحت السمان أن المناهج الفلسطينية حوربت بذريعة “التحريض” على مدى سنوات، واليوم تتهم المكتبات بأنها تحريضية، وهذا يندرج في إطار مخططات الاحتلال لمنع كل ما هو فلسطيني وهو ضمن مخطط مدروس وثابت، وحكومة الاحتلال تهدف في النهاية لإخلاء القدس من كل ما هو فلسطيني، لأن الثقافة والتعليم توأمان لهما علاقة بالعقل والوعي والانتماء والتفكير، وهو ما تحاول إسرائيل السيطرة عليه والتحكم به، لتمرير روايتها المزورة التي تخدم روايتها الاحتلالية.

في ذات السياق، قال الأديب الفلسطيني جميل السلحوت، إن من تدعي أنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” تخاف من الكتاب ومن الثقافة”، متسائلا: “لماذا كل هذا الخوف من الثقافة؟ هذا قمع للحريات ولحرية الرأي والتعبير”.

وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعادي كل شيء إنساني فهي تعادي الثقافة وحياة الإنسان، وذلك ضمن السياسة الجنونية لهذه الحكومة، والاحتلال يعلم أنه إن استطاع أن ينتصر عسكريا لن يستطيع الانتصار ثقافيا”.

وأكد أن الثقافة العربية في القدس غير مهددة من الاحتلال ولا خوف عليها “فنحن ورثة حضارة عريقة ممتدة عبر التاريخ ويستحيل أن تنجح القوة العسكرية في ضرب الثقافة الفلسطينية في القدس”.

بدوره، قال الكاتب راسم عبيدات إن العدوان لم يتوقف عند الاعتداء على المنهاج الفلسطيني بل إن المسألة أبعد من ذلك، وتستهدف الثقافة والرواية والسردية الفلسطينية في مدينة القدس.

وأوضح أن الحرب التي تجري الآن على المكتبات وإغلاقها تأتي تحت حجج وذرائع تتمثل في بيع كتب متعلقة بالتاريخ والهوية الفلسطينية والزعم أنها تحريضية، وتتصاعد هذه الحرب باتجاه كل المكتبات.

وأضاف أن المكتبة العلمية تبيع الكثير من الكتب العالمية العلمية، والاستيلاء على العديد من الكتب حتى التي عليها صورة علم فلسطيني، يندرج في إطار الحرب الشاملة التي تستهدف الشعب الفلسطيني، وهي تستهدف المؤسسات الثقافية أيضا مثل الاعتداءات المتكررة على مركز يبوس الثقافي بحجة التحريض.

وأشار إلى أن الاحتلال يحارب أي مجسم فلسطيني في مدينة القدس، والمحال التجارية استهدفت بحجة وجود رموز فلسطينية فيها، وهذا يندرج في إطار محاولة كي الوعي الفلسطيني واستهداف للثقافة والرواية والوجود الفلسطيني والتاريخ الفلسطيني، وهي محاولة يائسة من قبل الاحتلال لتغييب الرواية والسردية الفلسطينية وادعاء أن مدينة القدس هي يهودية وأن المقدسيين دخلاء على المشهد في القدس، وهذا لن يحدث.

وأكد عبيدات أن الشعب الفلسطيني لن ينصاع لأوامر الاحتلال الذي يريد أن يخلق حالة من الخوف من قراءة وحمل كتب الشاعر الراحل محمود درويش وغيره ممن تحدثوا عن تاريخ فلسطين وعن الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، ويتوجب تشكيل لجان للحفاظ على الهوية والثقافة الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعي وفي الواقع العام في القدس.

وفا

زر الذهاب إلى الأعلى