أرشيف

التغير المناخي واقع ملموس في مختلف أنحاء فرنسا

الشاهين الإخباري

تفاقمت التداعيات الملموسة للتغير المناخي في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، في ظاهرة من المتوقع أن تتسارع… فباتت مدن فرنسية تزداد حرّا غير صالحة للسكن في الصيف، فيما تغمر مياه الأمطار في الشتاء مناطق عدة.

وفي تقرير صادم نُشر الخميس بعنوان “فرنسا تواجه تغير المناخ: جميع المناطق تتأثر” تُقدّم “شبكة العمل المناخي”، وهي منظمة غير حكومية، في خمسين صفحة نظرة عامة شاملة عن العواقب الملموسة لتغير المناخ في كل منطقة من مناطق فرنسا القارية وفي مقاطعاتها وراء البحار.

وعلقت كلارا سانيكولو، المشاركة في إعداد التقرير، أن “الهدف كان تجاوز فكرة تغير مناخي بعيد في الزمان والمكان من خلال تجميع أدبيات علمية موجودة بالفعل” فيما تخشى المنظمات غير الحكومية من اقتطاعات كبيرة في ميزانية التحول البيئي في مشروع قانون التمويل المقبل.

ويبلغ متوسط الاحترار المسجل في فرنسا +1,9 درجة مئوية إذا ما قورن العقد 2013-2022 بمعدل الفترة الممتدة بين 1850 و1900، ويمكن أن يصل إلى +4 درجات مئوية في عام 2100 في حال عدم إدخال تغييرات سياسية ملحوظة.

ومن الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية إلى حرائق الغابات الضخمة في الجنوب والأعاصير المدارية في أقاليم ما وراء البحار، أصبحت الظواهر المناخية المتطرفة “أكثر تواترا وشدة” لكنها تتجلى في أشكال مختلفة تبعا للمناطق.

ومع ذلك، تتأثر جميع المناطق بدرجات الحرارة التي تحطم الأرقام القياسية كل عام، وكذلك بتكاثر نوبات الجفاف.

ويشير التقرير إلى تسجيل “موجتي حر سنويا في المعدل في فرنسا منذ عام 2010، مقارنة بموجة واحدة كل خمس سنوات قبل عام 1989”.

وهي ظاهرة تتسارع مع “أكثر من 5000 حالة وفاة؛ بسبب الحرارة” لعام 2023 وحده، مقارنة بحصيلة “قاربت 33 ألفا” في المجموع بين عامي 2014 و2022، بحسب هيئة الصحة العامة الفرنسية.

كما تؤدي هذه الأحداث إلى زيادة التوترات على الموارد المائية، مما يؤدي إلى صراعات بين الاستخدامات المنزلية والزراعية والصناعية.

ومن الممكن أن يشهد نهر اللوار، وهو أطول نهر في فرنسا، الذي أقيمت بالقرب منه أربع محطات للطاقة النووية، “انخفاضا بمقدار النصف” وفقا لبعض التوقعات.

50 درجة

وتُظهر خريطة المخاطر أن ظاهرة الجزر الحرارية تطال معظم المدن الكبرى، في حين أن الواجهات البحرية جميعها تواجه مخاطر الغمر بالمياه.

وتطال مخاطر حرائق الغابات جنوب فرنسا ووسطها وشرقها، حيث يتوزع خطر التعرض للفيضانات في كل مكان تقريبا من الأراضي، رغم وجود خطر أكبر في شمال البلاد.

ولهذه الظواهر أيضا عواقب “متتالية” ترتبط بصلاحية الأراضي للسكن، وفقدان التنوع البيولوجي، وحركات الأنواع الحيوانية، وانخفاض المحاصيل الزراعية، والتعديل الملحوظ في المناظر الطبيعية أو حتى التدمير المحتمل لقطاعات معينة من الاقتصاد (منها صيد الأسماك والسياحة).

ويسرد التقرير أيضا الخسائر على صعيد “التراث الطبيعي والثقافي” إذ إن المدن الساحلية ستصبح في نهاية المطاف “مهددة بارتفاع منسوب المياه” مثل سان مالو، وهي جزيرة في منطقة أوليرون معرضة لخطر “المحو من الخريطة” وغابة لاند التي تواجه خطر الحرائق، أو حتى اختفاء بعض الشواطئ على سواحل المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.

وتؤكد “شبكة العمل المناخي” أن هذه التأثيرات “ستستمر في الزيادة بمعدل يعتمد على انبعاثات غازات الدفيئة في المستقبل” مشددة على أنه في نهاية المطاف، يمكن أن تصبح السنوات الحارة جدا مثل 2022 أو 2023 “شائعة” مع إمكان بلوغ الحرارة 50 درجة مئوية.

واعتبرت المنظمة في التقرير أنه “أصبح من الملحّ إزالة القيود المفروضة على الاستثمار المحلي من أجل المناخ” داعية إلى “إعادة تطوير المدن للحد من الجزر الحرارية الحضرية” وإلى “ترشيد استخداماتنا للمياه لمنع الجفاف”.

أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى