أقلام حرة

العودة إلى المدارس: بين تجارب إيطاليا وتحديات الأردن

بقلم: الدكتور محمد جودة

اخروها شوي ..

في الستينات كانت المدارس الحكومية في الاردن في اعلى المستويات و كنا نفخر بأنها في صفوف الثانوي بمستوى جامعات بعض الدول , كنا نذهب الى المدرسة في السنوات الابتدائية بفرح وبنشاط .. نجد اساتذتنا يستقبلونا بترحيب .. كنا نحبهم ونحترمهم وكانوا يحبوننا و يساعدوا كل محتاج في اي مجال من مجالالت الحياة او الدراسة , واذكر في يوم جاء لدينا تعيين لمدرس جديد وكنا والله اعلم في السادس الابتدائي و كان هذا شيء جديد لم يحدث من قبل فقد عرفنا طول فترة دراستنا جميع مدرسينا و عائلاتهم فكانان دخل علينا هذا المدرس للداء حصته .ز وكانت جيبه مليئة بالترمس وكان يقشره و يأكله و يرمي القشر علينا.. ولا استطيع وصف حالتنا نحن المدللين جميعنا في هذا الصرح التعليمي العريق .. وعندما خرجنا من المدرسة في نهاية الدوام وقف لنا على باب الخروج واخذ يضربتا بعصا على قفتانا بدون سبب .. فرأيت مدير المدرسة الله يرحم روحه يخرج من غرفته و يناديه وسمعناه يصرخ به .. اننا هنا نربي رجالا لا اغنام .. اذهب .. عد لمن ارسلك واخبره اننا لا نحتاج الى راعي زريبة .. نحن نحترم كل طالب في هذه المدرسة فهم قادة المستقبل لهذا الوطن…
رحم الله مدير مدرستنا و كل من علمنا درسا بقصد تثقيفنا و تربيتنا و جعل منا رجالا نحب الوطن وغرسوا فينا الانتماء لكل ذرة تراب فيه.
كانت المدرسة قمة في النظافة وكنا نحن نظيفين تربينا على النظافة ولم نكن نرمي ورقة في الشارع او في المدرسة و كانت المنافع مثال في النظافة وكنا نحترم الاذن وعامل النظافة ونحبهم كما نحب المدرسين.
وتوزعنا في انحاء المعمورة .. وغبت عن الوطن فترة طويلة كنت ازوره عندما استطيع بين الحين و الاخر ورأيت التطورات السلبية سنة بعد اخرى .. مدارس خاصة ليست في متناول الجميع.. مدارس حكومية في حالة غير مسرة ابدا.. فماذا حدث ؟!
عندما كنت أعيش في إيطاليا، كنت دائمًا ما أدهش من الطريقة التي تُدار بها الأمور هناك، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لموسم العودة إلى المدارس. في كل عام، كانت الحكومة الإيطالية تُعد خطة متكاملة تتناول جميع الجوانب المتعلقة بهذه العودة. من التنقل الآمن للطلاب إلى تجهيز المدارس والتأكد من جاهزية وسائل النقل، كان كل شيء يسير وفق استراتيجية مدروسة تضمن راحة الطلاب وأهاليهم.
لكن عندما عدت إلى الأردن، وجدت أن الوضع مختلف تمامًا. فمع اقتراب موعد العودة إلى المدارس، يبدو أن هناك نقصًا واضحًا في التخطيط والتحضير لهذه الفترة الهامة. الحكومة ووزارة التربية والتعليم لم تطرقا حتى الآن إلى الأمور الأساسية التي تسبق عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة. وكأن كل ما يُنتظر هو اليوم المحدد لتفتح المدارس أبوابها، دون أن تكون هناك أي استعدادات تذكر.

العودة في ظل التحديات الحالية :

لا يخفى على أحد أن الأردن يواجه حاليًا عدة تحديات تجعل من العودة إلى المدارس في 18 أغسطس خطوة غير محمودة. الحرارة الشديدة في هذا الوقت من العام، جنبًا إلى جنب مع الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسر، تجعل من هذه العودة أمرًا صعبًا. فالكثير من العائلات تجد صعوبة في تأمين المستلزمات المدرسية والرسوم في ظل الظروف الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النقل يشكل مشكلة أخرى. الانتقال بين المدارس الخاصة والحكومية أصبح واقعًا فرضته الظروف الاقتصادية، وزاد الأمر سوءًا أزمة المواصلات العامة التي تتفاقم كل عام مع بدء المدارس.
في إيطاليا، كانت الحكومات تتخذ قرارات تأجيل العودة إلى المدارس في حال كانت الظروف غير ملائمة، سواء كانت تلك الظروف اقتصادية أو اجتماعية أو حتى سياسية. وأرى أن الأردن اليوم بحاجة إلى تبني نفس النهج.
اقتراح تأجيل العودة إلى المدارس :
بناءً على كل هذه المعطيات، أود أن أقترح تأجيل عودة الطلاب إلى المدارس حتى بداية شهر سبتمبر، أو حتى بعد الانتخابات النيابية المقررة في 10 سبتمبر. هذا التأجيل سيتيح للحكومة وقتًا كافيًا لوضع خطة شاملة تضمن سلامة الطلاب وراحتهم. كما سيسمح للأسر بالتخفيف من الضغوط المالية وتجنب الذهاب إلى المدارس في ظل حرارة الصيف الشديدة.
كما أن هذا التأجيل سيكون فرصة للحكومة لتعزيز البنية التحتية للمواصلات وتحسين ظروف المدارس. إن إعطاء الأولوية لسلامة وراحة الطلاب ليس خيارًا بل ضرورة ملحة، ويجب على الحكومة أن تأخذ هذه الأمور بجدية قبل فوات الأوان.
اعيدوا لنا مدارسنا و حبنا لها و مدرسينا و مناهجنا ذات المستوى العالي منذ الصغر حتى نصل الى درجة في اخر سنة لا نحتاج فيها لاي امتحان توجيهي لا يثمن و لا يغني من جوع ولان يكون لكل طالب حق الخيار بما يريد ان يدرس و يلمع بتخصصه بدون معدلات ليس لها اي معنى و لا هي موجودة في الدول المتقدمة.

زر الذهاب إلى الأعلى