أقلام حرة

مواعيد الناطور لطالب العنب

كامل النصيرات

يُحكى أنّ هناك “ناطورًا” على كرم عنب، وأنّ “طالبًا للعنب” محرومًا منه ظلّ يلاحق الناطور على خُصلة منه.. والناطور يلعب معه لعبة المواعيد..

  • تعالَ غدًا الساعة التاسعة كي تظفر بي وحدي أنت دون سواك.
    يذهب طالب الخُصلة قبل الموعد بعشر دقائق. يجد عشرات الطالبين بذات الموعد.. فلا يرى الناطور منهم أحدًا ويظلّ يستمتع بكلّ العنب..! ثمّ يتكرّر الأمر.. المرّة تلو المرّة، نفس السيناريو بلا زيادة ولا نقصان.. يغضب “طالب الخصلة” فيتذمر؛ فقط يتذمر..! لكنّ غضب الناطور على الطالب كان أشدّ:-
  • أترى لا يوجد من الطالبين سواك.. أنت مسكون بالسلبية المفرطة ولا ترى ولا تقدِّر مهمّة الناطور.. على كلٍّ لأثبت لك عكس ما تعتقد؛ تعال غدًا وليس في التاسعة كما المواعيد السابقة؛ هذه المرّة تعال عصرًا وأنا بأمرك وحدك دون سواك.. مرّ عندي ولا يهمّك..!
    فرح طالب العنب.. تحمّم جيدًا.. ولبس ما على الحبل اليتيم.. ووضع بعشرين دينارًا بنزينًا كما السبع مراتٍ السابقة ومضى يشقّ عنان الطرقات؛ مُنتشيًا غير كلّ مرّة، فهذي المرّة سيعود بِخُصلة أو بنصف خًصلة أبو بحبتين من الخصلة.. موسم العنب سينتهي وهو لم يذق حتى قطرةً من حَبّة..!
    قال له مساعد الناطور: للأسف؛ أغلق الناطور الكَرْم ولا أعلم متى يعود..!
  • لكنه يا سيدي هو من استدعاني وحدّد لي اليوم والساعة وكلّ مرّة يجعلني أخسر عشرين دينارًا بنزينًا ومعها أخسر انتشائي..! ماذا سأقول للذين ينتظرون نتائج اللقاء؟ ماذا سأقول للذين حمّلوني سلاماتهم وأمانيهم وأحلامهم..؟ ماذا سأقول لأطفالي الذين نزلوا للحارة ليتفشخروا على أبنائها: بابا رايح للناطور..؟ ماذا سأقول لزوجتي التي خرمت آذان كل من تعرفهن بالموبايل: العذر منكِ لا أستطيع أن أراك فأنا مضطرة للطبيخ لزوجي بعد أن يعود مرهقًا من لقاء الناطور ..!
    قال له مساعد الناطور: هذه ليست مشكلتي.. احجز موعدًا تاسعًا..
    لم يعتذر الناطور، بل يرى نفسه لم يرتكب إثم شيءٍ.. والمشكلة أنه يطالب الذين طعنهم بالمواعيد ألّا يكونوا سلبيين رغم أن موسم العنب شارف على الانتهاء.. والمشكلة كل المشكلة أنني طالب. والحلّ الذي لم يلتفت له الطالب: لا تذهب للناطور مهما دعاك؛ ووفّر العشرين دينارًا التي تدفعها كلّ مرّة واشترِ بها عشرين كيلو عنب من عنب كل نواطير الكروم ما عدا الكَرْم سواه..!
زر الذهاب إلى الأعلى