مدينة أم الجمال .. ” واحة سوداء ” وسط الصحراء تروي قصص من الحضارات والتاريخ
الشاهين الإخباري
في الصحراء الأردنية و على بعد ( 86كم ) من العاصمة عمان و أربعة أميال إلى الشمال من الطريق إلى بغداد تقع مدينة أم الجمال الأثريّة. ذلك الكنز والمعلم الأثري الذي يروي قصص وحكايات لحضارات تعاقبت على المكان.
عرفت أم الجمال بهذا الاسم بسبب موقعها التجاري في الصحراء حيث كانت عبارة عن واحة و محطة للقوافل التجارية التي تسير من الحجاز إلى دمشق، ولقبت مدينة أم الجمال بالواحة السوداء لأنها غنية بالصخور البازلتية البركانية ذات اللون الأسود بالإضافة إلى أنها بنيت بهذه الحجارة.
بنى الأنباط مدينة أم الجمال في منتصف الصحراء قبل ما يقرب من ٢٠٠٠ عام لتكون مركزًا زراعيًا مزدهرًا ومحطة على طريق القوافل من الحجاز إلى دمشق. و لتكون الرابط بين طرق فلسطين والأردن مع سوريا والعراق.
تبلغ مساحة مدينة أم الجمال الاثرية 5.500 دونم مسورة ولها سبع بوابات، ومنها ثكنتان عسكريتان. وتعتبر أم الجمال إحدى المدن العشر في حلف الديكابولس الذي أقيم أيام اليونان والرومان، وكان يضم عشر مدن في المنطقة الواقعة عند ملتقى حدود الأردن وسوريا وفلسطين. و يرجع تاريخها إلى العصر النبطي الروماني البيزنطي.
بـُنيت هذه المدينة في إحدى مستوطنات النبطيين القديمة من الطوب البازلتي الأسود المدعم بقوالب مستطيلة من البازلت وازدهرت في القرن الأول قبل الميلاد.
يعتقد أن الأمويين سكنوا هذه المدينة وبشكل كثيف. ويبدو أن هذه المدينة تعرضت لزلزال قبل أن ينتقل مركز الخلافة من دمشق إلى بغداد إبان الخلافة العباسية مما أدى إلى هجرها تدريجيًا.
خلال جولتك في ارجاء المدينة تشاهد بقايا حصون حضنت في داخلها كنائس عديدة بين كبيرة وصغيرة وأحواض ماء مسقوفة أو مكشوفة، فضلًا عن بقايا موقع عسكري روماني. إضافة الى العديد من أحواض المياه للاستخدام الخاص وسبب ذلك أن مدينة أم الجمال بعيدة عن مصادر المياه. وقد وجد حديثا بعض القنوات لجر المياه من تحت الأرض والتي ترجح أن سكان أم الجمال كانوا يحصلون على المياه عن طريق سحبها من أماكن بعيدة بواسطة هذه القنوات.
المدينة تحتوي على العديد من آثار لكنائس بيزنطية كما تم العثور على فسيفساء قديمة تمثل نهر الأردن وعلى جانبيه المدن والقرى التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس. خلال السنوات الثلاث الأخيرة تم الكشف عن العديد من المواقع الأثرية المهمة الجديدة فيها ، على رأسها المسجد الأموي وكنيسة القديسة مريم.
تتنوّع لغة النقوش المكتشفة في المدينة من نبطية إلى يونانية ولاتينية وصفوية وعربية شمالية ووجود نقوش ثنائية اللغة في ذات المكان يدل على أن بعض أبناء القبائل العربية الذين عاشوا في هذه المدينة ابّان القرون الميلادية الأولى قد كتبوا بأكثر من خطٍ ولغةٍ وكتبوا نقوشًا ثنائيةً أيضًا كما يظهر من كتاباتهم.