الكيان الإسرائيلي وأمريكا.. رقصة المصالح.. على حافة الاستقلالية والتبعية..
محمود الدباس
منذ اللحظة التي وُلد فيها الكيان إسرائيلي على أرض فلسطين في عام 1948.. كان التفاعل بين هذا الكيان والولايات المتحدة محط أنظار الباحثين والمحللين السياسيين.. فالعلاقة بين إسرائيل وأمريكا ليست مجرد تحالف استراتيجي.. بل هي توازن دقيق من المصالح والتوجهات السياسية..
في هذا السياق.. لا بد من طرح التساؤل الكبير.. هل إسرائيل فعلاً دولة وظيفية خُلِقت لخدمة مصالح الدول الغربية؟!.. أم أنها كيان سياسي ذو إرادة مستقلة.. يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة.. بعيداً عن الضغوط الغربية؟!..
لا يمكن ان يكون دعم الولايات المتحدة للكيان الاسرائيلي عفوياً.. فهو جزء من سياسة مدروسة.. ترتبط بعلاقات تاريخية عميقة.. وجذور استراتيجية ممتدة.. الولايات المتحدة تجد في الكيان الإسرائيلي حليفاً استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط المتقلبة.. حيث تُستخدم إلكيان كقاعدة متقدمة تحمي المصالح الغربية.. وتؤمن استقرار المنطقة حسب نظرتها..
هذا الدعم يتجلى في المساعدات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تُقدَّم للكيان الاسرائيلي.. وهو ما يبرره باحثون من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS).. الذين يرون أن هذا الدعم يشكل عنصراً أساسياً في الاستراتيجية الأمريكية (CSIS, 2023)..
ومع ذلك.. فإن النظر إلى الكيان الإسرائيلي على أنه مجرد أداة لتنفيذ سياسات القوى الغربية.. يغفل جوانب مهمة من الواقع.. إذ يظهر الكيان إسرائيلي أحياناً استقلالية ملحوظة في اتخاذ قراراته.. خاصة في الأمور المتعلقة بأمنه القومي.. هذا الرأي يتعزز من خلال تقارير صادرة عن مركز ويلسون.. والتي توضح مدى استقلالية السياسة الخارجية الإسرائيلية.. رغم الاعتماد على الدعم الأمريكي (Wilson Center, 2021)..
فقد قام الكيان الاسرائيلي بخطوات استراتيجية.. مثل عمليات عسكرية ضد المفاعلات النووية في العراق وسوريا.. التي تُعبر عن قرار مستقل بعيداً عن توجيهات واشنطن..
الأمر لا يقتصر على تأثير الدعم الأمريكي وحده.. بل يشمل أيضاً قوة اللوبيات المؤيدة للكيان الإسرائيلي في الولايات المتحدة.. فلجنة الشؤون العامة الأمريكية-الإسرائيلية (AIPAC).. تُعتبر واحدة من أقوى اللوبيات السياسية في واشنطن.. وقدرة هذا اللوبي على التأثير في صناعة القرار الأمريكي.. تُظهر كيف يمكن للكيان الإسرائيلي أن يلعب دوراً في تشكيل السياسات الأمريكية تجاهها (Brookings Institution, 2021)..
في نهاية الامر.. نجد ان العلاقة بين الكيان الإسرائيلي.. والولايات المتحدة.. أنها علاقة متشابكة ومعقدة.. وليس من السهل تصنيفها في إطار تبعية أو استقلالية محضة..
بل إن العلاقة تعكس توازن المصالح المتبادلة.. والتي تؤثر على السياسات والإستراتيجيات لكلا الطرفين..
فالكيان الإسرائيلي.. رغم اعتماده الكبير على الدعم الأمريكي.. الا انه يسعى أيضاً لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.. بطرق قد تبدو مستقلة عن الضغوط الغربية.. وهذا التفاعل بين الاستقلالية والتبعية.. يُظهر أن العلاقة بين البلدين تتجاوز البساطة.. لتصبح جزءاً من شبكة معقدة من المصالح والتفاعلات العالمية..