بين المشاركة والعبء.. حكايات فرح منسية..
محمود الدباس
في الماضي القريب.. كان الأردنيون يجتمعون في الأفراح بحماس وفرح غامر.. ليس فقط لتقديم التهاني بل لتعزيز روح التكافل الاجتماعي.. كانت الأعراس فرصة للقاء العائلات والأصدقاء.. وتقديم المساعدات العينية كالمال والأرز والسكر والاغنام لمساعدة أهل الفرح في تحمل التكاليف.. هذه العادة كانت جزءاً من نسيج الحياة الاجتماعية في المجتمعات الصغيرة.. حيث يعرف الجميع بعضهم البعض.. وكانت العلاقات أكثر قرباً وتماسكاً..
لكن الزمن تغير.. وزاد عدد الناس.. وانتشروا في مناطق مختلفة.. مما جعل مناسبات الأفراح تتزايد بشكل كبير.. ففي أسبوع واحد.. قد يجد الشخص نفسه مدعواً لعدة أعراس.. ومع الظروف الاقتصادية الصعبة.. وتآكل الدخول.. أصبحت المشاركة في هذه المناسبات عبئاً ثقيلاً على الكثيرين.. مع أن الناس يحبون مشاركة الآخرين في أفراحهم.. إلا أن “النقوط” أصبح مصدراً للقلق والحرج..
في بعض العائلات.. لا تزال هناك تقاليد تجعل من تقديم “النقوط” أمراً محرجاً.. ويصل الى حد الفرض.. إذ يجول العريس في صالة الفرح للسلام على الضيوف.. او يكون في مدخل صيوان العرس.. وخلفه شخص أو مجموعة يسجلون من دفع “النقوط”..
هذا التقليد يضع الضيوف في موقف حرج.. إذا لم يكن لديهم ما يكفي لتقديمه.. ربما من الأفضل أن نعود الى الماضب.. حيث يجلس العريس في مكان محدد.. ويترك الخيار للضيوف.. فمن يرغب في تقديم شيء.. سيفعل ذلك بهدوء ودون ضغوط..
في هذه الايام.. من ألطف وارقى ما يمكن أن يراه الشخص على بطاقة الدعوة هو عبارة “حضوركم تشريف.. دون أي تكليف”.. هذه العبارة تعكس رغبة أهل الفرح في مشاركة أحبائهم الفرحة.. دون تحميلهم أي أعباء إضافية.. إنها دعوة صادقة للفرح المشترك بدون أي اعتبارات مادية..
واجدني ختاما اقول.. الفرح الحقيقي ينبع من القلوب التي تلتقي بصدق ومحبة.. ومن الأيدي التي تمتد بالعطاء دون انتظار مقابل.. وليس من باب “كل شيء قرضة ودين.. حتى دموع العين”.. بهذه الطريقة يمكننا أن نحافظ على روح التكافل التي تميز مجتمعاتنا.. ونبني علاقات أكثر قوة وتفاهماً..