أقلام حرة

زيارة مبادرة الأردن يدعم فلسطين إلى القصور الملكية العامرة

العنود أبو الراغب


من رغدان إلى عمان
من رغدان إلى عمان صهلت الفرسان، وبدأت مسيرة وطن قاده الهاشميون على مر الزمان. على شرفة رغدان ترى عمان الشامخة بجبالها الشماء، وترى الأردن مرسومًا بخيوط الأزمان؛ إذ يأخذك القصر في رحلة عبر الزمن مع إنجازات وطن كُرّست في سجل الشرف والخلود والهاشميين الذين هم تاريخ العروبة ومجد الوطن. دخلنا القصر وقُدمت لنا الضيافة القهوةَ العربية الهاشمية الأصيلة، والفواكه المقطوفة من الجنة كأنها، والحلويات التي لها طعم يختلف عن كل شيء. هنالك ألقيت قصيدتي بالفخر كله، قصيدتي المعنونة بـــ”نور الوطن”.
ثم سرنا في القصر إلى الشرفة الزجاجية المرسومة بالألوان الزاهية، ورأينا جدران القصر المبنية على الفن الإسلامي والأسقف المزركشة، ثم صعدنا إلى قاعة العرش، هذا المكان البهي الذي يجلس فيه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، هو مكان مهيب تشعر كأنك في حضرة الملك، فتنحني تأدبًا واحترامًا وحبًّا. وترى فيه علم جلالة الملك حيثما يكون يكون العلم على يمينه، وكذلك ترى هنالك كل ما هو هاشمي، فتشعر بالقرب منهم. هكذا تستنشق عبق الشجاعة والحرية والأمن والأمان.
وعندما دخلنا إلى المتحف رأينا البندقية التي أطلقت الرصاصة الأولى في الثورة العربية الكبرى، ورأينا بطولة الشريف الحسين بن علي الذي سعى إلى الوحدة الوطنية وعدم تجزئة البلاد العربية، فهو شمس الأمل التي أضاءت منذ فجرها دروب الحرية، وهو الذي رسّخ لنا إنجازات الهاشميين التي شهدها الأردن والتاريخ حاملًا معه انتصارات وشعارات الفخر والكرامة.
ثم عندما دخلنا إلى المتحف الخاص بجلالة الملك المؤسس عبد الله الأول، رأينا مقتنياته ومكتبه وأوراقه والأوسمة الكثيرة والصور. وإن الملك عبد الله الأول صانع الاستقلال، هو شاعر مميزٌ مطلع على الأدب العربي كما يعرف المثقفون جميعهم. وهنالك رأينا مكتبته في القصر ممتلئة بالكتب القيّمة، وأنصتْنا إلى شرح وافٍ عنها، وعن كتاب الآثار الكاملة لجلالة الملك المؤسس.
ولقد كان جلالة الملك المؤسس قد أطلق اسم الشرق العربي على الإمارة الأردنية والجيش العربي على الجيش الأردني لينطق بالوحدة العربية. وبفضل حنكته السياسية حقق الهدف الأسمى وهو استقلال الإمارة الأردنية، فكانت المملكة الأردنية الهاشمية. وهنالك استذكرنا بالفخر كله الملك طلال بن عبد الله واضعَ الدستور الذي كان دائمًا غيورًا على الكرامة العربية، ويسير نحو حياة دستورية سياسية ترسخ منهجية الحياة الديمقراطية.
ثم دخلنا إلى متحف الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه، ورأينا مقتنياته ملابسه وأوسمته وصوره ومذكراته وقلم الرصاص وعلبة الكبريت. وإن هذا يعلمنا التواضع، ناهيك بشخصيته التاريخية الشجاعة، وبمسيره على نهج الوسطية والاعتدال والعدل والمساواة، وبنهوضه بالأردن إلى مراحل طموحة وبتحقيقه الأهداف الكثيرة للنهوض والرفعة، فقد أمر بتعريب قيادة الجيش.
وهنالك زرنا مكتبه الذي ما زال كما هو بكل تفاصيله الدقيقة الجميلة، ورأينا تمثاله فكأننا نرى الملك الحسين رحمه الله. ورأينا سيوفه وأوسمته ومقتنياته وملابسه العسكرية والمدنية. وإن هذا القائد العظيم الذي قاد الأردن إلى الرفعة والكرامة في عهده وقعت معركة الكرامة الخالدة وقُهر الجيش الذي لا يقهر، وحقق النصر. وهكذا حظي بحب العالم جميعه ولا سيّما الشعوب الحرة، فقد كان أسطورة تاريخية وعملاقًا في السياسية، وقائدًا محنكًا وملكًا عظيمًا.
ثم سرنا إلى مكتب جلالة سيدنا عبد الله الثاني ابن الحسين الملك المعزز الذي قاد الأردن إلى الرفعة والتطور، وحقق الكثير من الإنجازات في المجالات كافة، والمعروف باهتمامه بالموارد البشرية، وبدعمه الدائم للشباب، وبتطلعاته نحو المستقبل. فرأينا هنالك مكتبه والهدايا المتبادلة من الدول الشقيقة، ورأينا أماكن جلوسه والعلم الخاص به الكائن على يمينه دائمًا، ورأينا كرسي العرش الذي يجلس عليه سيد البلاد، بل رأينا الأردن في حضرته مزدهرًا مزهرًا مخضرًّا، فنحن نراه القائد العظيم والملك الإنسان والأب الحاني، ونراه القدوة والسند.
هو عبد الله الثاني ابن الحسين، ذلك القائد الذي علمنا كيف يكون انتماؤنا للأردن انتماءً خالصًا. فهو الذي طرح شعار “الأردن أولًا” الذي يعني لنا الكثير؛ فالأردن أولويتنا جميعًا وأغلى من كل شيء عندنا. ونحن رأينا، في هذا الشعار، كيف تتدفق منه مشاعر الحب والولاء إلى وطن تسمو فيه الديمقراطية والعدالة والمساواة. والجمع يعرف، من عرب وعجم، أن ملكنا قد عزز العلاقات الأردنية الدولية، فأصبحت علاقات أخوية وطيدة، فهو ملهمنا الذي نسير على خطاه ونتباهى به في أنحاء العالم. وهكذا يظل الأردن يلمع ويتألق بمليكه المفدى وبشعبه المخلص منه وإليه، وهكذا سيظل حرًّا عزيزًا كريمًا آمنًا مطمئنًا معه وبه.
وسرنا بعد ذلك إلى ساحة الراية ومضارب بني هاشم، ثم إلى العهدة الملكية. وتشرفنا بهدية تذكارية هي وسام جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين. فكان لهذه الزيارة عظيم الأثر في نفوسنا. ولا أنسى أننا، في النهاية، توجهنا إلى الأضرحة الملكية بُغية قراءة سورة الفاتحة على أرواح الملوك الهاشميين الأحرار، رحمهم الله جميعًا وأسكنهم فسيح جناته. وحفظ الله قائدنا المفدى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وحفظ الله الأردن حرًّا عزيزًا كريمًا آمنًا مطمئنًا في ظل سيدنا أبي الحسين.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى