أقلام حرة

ارحلوا.. ولكن دون كذب..

محمود الدباس – ابو الليث..

اتصل بي صديق عزيز.. وطلب ان نلتقي في احدى المقاهي في مدينة عمان.. اقترحت عليه مقهى آخر.. قريب مني ومنه.. إلا انه اصر على اختياره.. فوافقته..

وحين وصلنا.. ذهب باتجاه طاولة معينة.. وكان واضحا انه قد حجزها مسبقا.. فأصابني الفضول وسألته عن سبب اختيار المقهى والطاولة.. فأجاب سأروي لك قصتي..

فبدأ بالحديث وتركته دون مقاطعة لشعوري أنه يريدني مستمعا..
فقال لي.. تعلم انني رجل متزوج وعندي ابناء.. واسافر كثيرا.. واعمل مع شركة تزود بعض الشركات الاردنية باحتياجات زبائنها.. ومنذ فترة ليست بقصيرة.. أصيبت زوجتي بمرض جعلها غير قادرة على تلببة احتياجاتي.. واستأذنتها بالزواج.. فوافقت بشرط عدم اعلامها عن الزوجة الجديدة.. اي ان يكون الزواج بالسر عنها وعن اقاربي..

وعلى الرغم من ان ذلك لم يسعدني.. الا انني وافقت.. وبدأت ابحث عن الشريكة الجديدة.. واهتديت الى إحدى الإناث في إحدى الشركات التي اتعامل معها.. وحين سألت بطريقة غير مباشرة عنها.. علمت انها سيدة ارملة.. واستطعت بطريقتي ان احصل على رقم هاتفها.. وتواصلت معها.. واعلمتها بوضعي كاملا.. وبعد فترة بسيطة.. وافقت.. على ان تكون هناك فترة ندرس بعضنا..

خلال تلك الفترة.. وجدنا اننا متوافقان لدرجة انني شككت بأننا نعرف بعضنا منذ سنوات.. وكرجل شرقي.. ولأنني لست بالشاب المراهق.. ولا هي ايضا.. ولأنني أعلم طبيعة وبيئة العمل التي هي فيها.. فان بعض الامور الصغيرة.. لها مكان في طريقة حياتنا المستقبلية..
فأبدت تفهما غير عادي في كل ملاحظاتي.. حتى انها قالت بانها هي هكذا قبل ان تعرفني.. وان ما اقوله هو بمثابة المبادئ الراسخة التي تربت عليها..

وبدأت العلاقة بالتقدم الى اتجاه الاعلان عنها بشكل واضح.. وفي هذه الاثناء.. ولأن المدة تجاوزت الستة اشهر.. تخللها بعض الملاحظات التي اجدها تخرج من طبيعتها وذاتها ومن عقلها الباطن.. فكانت تدخل الشك في داخلي.. وحين اواجهها كانت تستشيط غضبا.. وتلومني وتبين بأنني مذنب في حقها..
ولأنني انوي الشيء السليم في العلاقة.. ولانني اعلم ان الانسان لا بد له من هفوات.. كنت اتعامل معها بمبدأ التنبيه والتحرز وليس الاتهام..

وحين زادت الأمور.. طلبت من صديق عزيز لي يعمل معها في نفس الشركة.. بأن يعطيني انطباعه عنها.. لانني انوي التقدم لها.. ولم اخبره بأنني اعرفها..
فقال لي صديقي.. بانها إمرأة جيدة.. ليس عليها ملاحظات.. ولكنها منذ فترة اصبحت تتعامل معنا بشيء من الرسمية.. وحديثها ومجاملاتها لنا قلت.. والكل لاحظ ذلك.. إلا انها منذ فترة بسيطة.. عادت الى ما كانت عليه.. ولكن بصورة اكبر من السابق.. فحتى زياراتها الميدانية للزبائن والتي كانت شبه مقطوعة.. وتتعامل معهم بالبريد الالكتروني والفاكس واحيانا عبر الهاتف.. اصبحت تلتقيهم مباشرة وتعرض عليهم منتجاتنا.. واعطاني بعضا من الامثلة..

هنا كان لا بد وان اواجهها ببعض الامور وخاصة عن مدير احدى الشركات الذي قالت لي انه كان ينوي الزواج منها بعد ان توفيت زوجته.. وطلبت منها حينها بان تترك التعامل مع تلك الشركة.. وساعوضها بشركة اخرى اكبر واقوى.. الا انها للأسف لم تترك تلك الشركة.. وإنما زادت في التعامل معها.. ومع مديرها.. وعن بعض المكالمات التي كانت تاتيها خارج اوقات الدوام وانا معها ولا ترد عليها.. بحجة انها غير مهمة.. او انه زبون لا يعرف الادب في التعامل..

فما كان منها الا ان خرجت عن طورها المعتاد بشكل شراسة وبصوت مرتفع.. وبدأت تغير كل ما قالته لي.. ولم تنفِ اي شيء شجعني على الارتباط بها.. فحسب.. بل قالت ان تلك الامور هي من شخصيتها..
وبدأت تظهرني بان أي شيء قد يمس بشخصيتها او بسمعتها.. هو مني انا وليس منها.. واولها لقاءاتنا في المطاعم او المقاهي -وهذا المقهى وهذه الطاولة تحديدا هي من اختيارتها- او حتى دور السينما التي كانت هي السبب في ذهابنا اليها.. وانني والله لم اذهب لسينما في حياتي غير مرتين مع اصدقاء..

هنا قاطعته وقلت يكفي ولا تكمل.. فقد وصلت الرسالة.. ويجب ان تقطع فصول هذه المسرحية.. فهذه السيدة حاولت ان تغير من شخصيتها للظفر بك.. ولكنك بطول مدة التعارف.. وتدقيقك على الأمور التي جعلتها تصاب بفقدان التركيز في السيناريوهات التي نسجتها.. ولحرصك على بناء علاقة سليمة مبنية على الاصول والتقاليد للرجل الشرقي.. جعلتها تتراجع عن هذا الارتباط الذي لا يتوافق مع طبيعتها ومع المبادئ التي ادعت انها متشربتها قبل معرفتك.. ولن تستطيع الاستمرار في التمثيل اذا ما اصبحت زوجة لك وتتعامل معها ليل نهار..

في الختام اقول لكل من يقرأ لي.. ان العلاقات النظيفة.. يجب ان تكون مبنية على الصدق والمكاشفة والشفافية.. التي هدفها التقويم.. ولا مانع من ان يعترف الواحد منا انه معتاد على امر.. وانه سيغيره للافضل.. لا أن يبدي بأنه متأصل فيه وعليه.. وهو كاذب..

وإذا ما وجد الواحد منا انه لا يستطيع الاستمرار في علاقته.. أكانت زواج او صداقة او حتى تعامل في بيئة زمالة.. فليكن فراقه سليما باعترافه انه لا يقوى على الاستمار او التغيير.. ولا ان يختلق الاكاذيب والافتراءات على الاخر.. ليبرر بها تصرفاته غير السوية.. ويقنع نفسه انه على صواب.. وكما يقولون من اراد الرحيل فسيجد الف طريقة لذلك.. ولكن إياك ان تختار طريق الكذب وقلب الحقائق..

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page