“الأورومتوسطي”: الانتهاكات ضد معتقلي غزة شملت القتل والتعذيب والحقن بمواد مجهولة
الشاهين الاخباري
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم الأربعاء، إنه تلقى شهادات جديدة من معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة مفرج عنهم من السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، تؤكد أن عمليات التعذيب وصلت إلى حد القتل والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والحقن بالإكراه بمواد مجهولة، وترك ندوب وعلامات فارقة على أجسادهم.
وقال المرصد في بيان له إن الشهادات أكدت استمرار الاحتلال ارتكاب جرائم التعذيب العنيف والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة بحق آلاف المدنيين على نحو منهجي ممن اعتقلوا في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وطالب، مؤسسات العدالة الدولية والمجتمع الدولي بالخروج من دائرة الصمت والتعبير عن مواقف صارمة واتخاذ خطوات جدية إزاء ما يتكشف من التعذيب الوحشي القائم على التمييز والانتقام الجماعي ونزع الإنسانية الذي يتعرض له المدنيون والمدنيات الفلسطينيون، والذي ، مشددًا على الحاجة لإلزام “إسرائيل” بإنهاء جرائمها كافة ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والاختفاء القسري الذي تمارسه بحق الآلاف منهم.4
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه تابع إفراج جيش الاحتلال عن عشرات المعتقلين الثلاثاء 11 يونيو/حزيران الجاري، من منطقة “زيكيم” شمال قطاع غزة، وخلال لحظة الإفراج عنهم، أطلق جيش الاحتلال النار تجاههم، وأجبرهم على السير والهرولة مئات الأمتار حتى يتمكنوا من الوصول إلى المناطق المأهولة، حيث وصلوا وهم في حالة يرثى لها نتيجة التعب الذي زاد من سوء الحالة الصحية التي يعانون منها أصلًا نتيجة تعرضهم للتعذيب والتعنيف على مدار مدة الاعتقال، وقد وصل 33 منهم لمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي القطاع لتلقي العلاج.
وفي إفادته لفريق الأورومتوسطي، أكد المعتقل المفرج عنه “سمير عبدالله جمال مرجان” (23 عامًا) تعرضه للضرب الشديد والصعقات الكهربائية والإهانات ومحاولة حقنه بمواد مجهولة.
وقال مرجان: “اعتقلني جيش الاحتلال الإسرائيلي في 11 مارس /آذار 2024، من حاجز النابلسي جنوب غربي غزة، أثناء محاولتي للنزوح إلى الجنوب، ونقلوني إلى مركز توقيف قبالة رفح مدة شهرين ثم نُقلت إلى سجن عسقلان وقضيت هناك شهرين.
وأضاف “في المردوان (الممر) عشت أنا والأسرى الآخرين أيامًا صعبة، يوميًا كنا نعذب بشكل وحشي من ضرب وإهانات بالإضافة لاستخدام الكلاب للهجوم علينا وتخويفنا واستخدام الكهرباء للتعذيب.
وتابع في شهادته:”في سجن عسقلان، الوضع كان أسوأ فكنت في زنزانة انفرادية وبقيت 12 يومًا بدون طعام، وفي التحقيق، كانوا يستخدمون الصعقات الكهربائية للحصول على الاعترافات ويسألونا عن حماس والأنفاق، وعندما أقول لا أعرف فأنا مدني ولا علم لي بالأمور الأخرى يتم ضربي. كان التحقيق مصحوبًا بالاعتداءات والتعذيب الوحشي وكنت نخضع للتحقيق كل 10 أيام. شهدت في السجن على معاناة آخرين تردت حالتهم الصحية وساءت، بل وأصيبوا بأمراض هناك دون اهتمام طبي، بالإضافة لقيام جيش الاحتلال بإعطاء بعض الأسرى حقن مجهولة. أنا رفضت أن يتم حقني بها وبسبب ذلك تم ضربي وتعريضي للتعذيب بالكهرباء”.
وأردف قائلاً:” التعذيب استمر طوال فترة الاعتقال. بالأمس وبسبب تأخري في الحمام، جاء أحد الضباط وقام بكهربتي، ومازالت آثار ذلك موجودة في جسدي، فحتى الحمام محسوب بوقت معين فإن تأخرت عن 4 دقائق سيتم تعريضك للكهرباء. تفاجأت عندما أخبروني ليلة أمس أنه سيتم الإفراج عني، ولم أستطع النوم من الفرحة، ثم أخذونا وأنزلونا عند زيكيم وأطلقوا النار محيطنا”.
وفي إفادة أخرى للمواطن عمرو عبد الفتاح العكلوك لفريق الأورومتوسطي الميداني، وهو من سكان قطاع غزة، وكان يتلقى العلاج في القدس واعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي ثلاث مرات منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، آخرها في 5 يونيو/حزيران الجاري، أكد من خلالها استشهاد معتقل آخر تحت التعذيب من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأفاد العكلوك: “صادفت قبل نحو 5 أيام معتقل اسمه “محمد الكحلوت” من سكان الفالوجا شمال غزة، أخبرني أن أتواصل مع أهله إن خرجت وأخبرهم أنه بخير، كان في الغرفة المقابلة لنا وكنت أتحدث معه من الشبك ولم أكن أعرف أني سأخرج. في اليوم التالي من حديثنا استشهد نتيجة تعرضه للتعذيب، ووضع جيش الاحتلال جثمانه في كيس بلاستيكي من أكياس الموتى ونقلوه لمكان لا أعلم أين.
وأضاف “خلال احتجازي، كانت هناك مجموعة من المعتقلين من قطاع غزة، وكانوا يصنفوهم أنهم أسرى أمنيون يتم قمعهم طوال اليوم وضربهم بشكل وحشي وعشوائي يُطال كل أنحاء الجسد حتى تسيل دماؤهم، محمد قُتل تحت التعذيب الذي كان يتعرض له في أوقات مختلفة طوال اليوم”.
وفي إفادة أخرى، روى المسن “س. ع” (65 عامًا) لفريق الأورومتوسطي تفاصيل عن اعتقاله من منزله بمخيم جباليا وتعرضه للتعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز في بركسات غير آدمية وما شاهده من تعذيب لشاب أبكم.
وأفاد المسن: “دخل الجيش الإسرائيلي إلى مخيم جباليا في شهر مايو الماضي، آثرنا البقاء في المنزل الواقع في حي القصاصيب، خلف عيادة وكالة مخيم جباليا. تقدمت الآليات إلى المنطقة التي نعيش فيها، ودخل جيش الاحتلال إلى المنزل المتواجدين فيه، أخرجونا جميعًا، واقتادني أنا واثنين من أولاد أخوتي، بعد أن رحلوا الباقين للمناطق الغربية. كان ذلك بتاريخ 21 مايو 2024، حينما اقتادونا إلى جهة مجهولة، منذ اللحظة الأولى كنا معصوبي العينين ولا نعرف أين نذهب ولا ماذا يحدث حولنا”.
وقال:” خلال فترة اعتقالنا التي استمرت قرابة 20 يومًا، كانت وكأنها 20 عامًا، كل يوم له حكاية من التعذيب والضرب والإهانة، حينما يأتي موعد النوم يبدأ الطرق على الأبواب وأصوات مكبرات صوت بموسيقى مزعجة. الطعام شحيح، وبالكاد يحصل الشخص على رغيف خبز وقليل من الجبن، الخروج لدورة المياه بصعوبة وطريقة التعامل مذلة. لم يراعوا أن عمري 65 عامًا، ولم أكن أكبر الموجودين، هناك شخص تعدى عمره السبعين عامًا”.
وتابع:” كنا متواجدين في مكان أشبه بـ “البركس”، لم يعلم أحد أين مكان تواجدنا، هناك الكثير من الأشخاص الذين يصلون هذا المكان الأشبه بمكان توقيف، ويعمل جيش الاحتلال على ترحيل الكثير منهم إلى أماكن لا يعلمها أحد. خلال فترة اعتقالنا، كان بيننا شخص لا يتكلم (أبكم)، استمروا في ضربه وتعذيبه عدة أيام، يريدون منه أن يجيبهم على أسئلة وهو لا يتكلم. الأصفاد في أيادينا منذ اللحظة الأولى للاعتقال، حتى عندما نأكل ونذهب لدورة المياه، كانت أيادينا مكبلة. أبلغونا مساء الاثنين الموافق 10 يونيو 2024، أنهم سيفرجون عنا، وهددني أحد السجانين لي: “لا تشكو شيئًا أمام الصحافة، وإلا سنصل لك مجددا”.
واردف: “أثناء إطلاق سراحنا ظهر الثلاثاء، الموافق 11 يونيو، في منطقة زيكيم المحاذية لبلدة بيت لاهيا على الحدود الشمالية الغربية، قال لنا أحد الجنود: “أمامكم 4 دقائق فقط للوصول إلى المناطق السكنية، وبعد ذلك من أشاهده سأطلق النار عليه”. بدأنا بالجري في ظل الأجواء الحارة، رغم وعورة الأرض وعدم وجود أي مساكن أمامنا على بعد مسافة بعيدة”.
وقال الأورومتوسطي إن شهادات المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم تؤكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ماضية في نهج التعذيب الشديد والانتقامي من المعتقلين الفلسطينيين رغم إدراكها أنهم مدنيون.
ويرى الأورومتوسطي أن استمرار التعذيب هو نتيجة طبيعية للتفرد بالشعب الفلسطيني من “إسرائيل” في ظل حالة الصمت من المجتمع الدولي، بما فيها الهيئات المعنية في الأمم المتحدة.
وبين الأورومتوسطي ما أشار إليه تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، و”إسرائيل”، الذي نشر بتاريخ 12 حزيران، بما يتعرض له الفلسطينيون من قطاع غزة بشكل عام، والمعتقلين والمعتقلات الفلسطينيات بشكل خاص، من جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، والعنف الجنسي، بما يشمل الإجبار على التعري العلني، بما في ذلك أثناء تغميتهم وربطهم بكرسي وهم راكعون أو وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، واستجوابهم و/أو تعريضهم للإيذاء الجسدي والنفسي أثناء كونهم عراة، وإجبارهم على القيام بأفعال مهينة وهم عراة، مثل الرقص بدون ملابس أثناء تصويرهم.
وذكر بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية “كريم خان” تجاهل الجرائم الخطيرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي الأمنية والعسكرية ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية بشكل عام، بما في ذلك جرائم الحبس غير المشروع، والقتل العمد والتعذيب والاغتصاب والمعاملة اللاإنسانية والاختفاء القسري وتعمد إحداث معاناة شديدة من خلال الحرمان من الرعاية الطبية الضرورية، والحرمان من المحاكمة العادلة، وبخاصة في ظل وجود العديد من التقارير الدولية الموثوقة والمدعمة بالأدلة الصادرة عن المؤسسات الحقوقية والإعلامية التي تؤكد، وبناء على التحقيقات التي أجرتها، على ارتكاب التعذيب والعنف ضدهم بشكل واسع النطاق ومنهجي، بما في ذلك جرائم قتل وتعذيب، حيث وردت تقارير إسرائيلية عن مقتل 36 معتقلًا من قطاع غزة خلال 8 أشهر، إلى جانب مئات الشهادات المرعبة التي قدمها مفرج عنهم. كما وردت عشرات الشكاوى عن العنف الجنسي بما فيه التعرية والتحرش اللفظي والحسي، فيما تناولت تقارير أممية وصحافية 7 حالات اغتصاب على الأقل ضد نساء ورجال فلسطينيين معتقلين داخل سجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.
وجدد الأورومتوسطي مطالبته للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للمضي في التحقيق في الجرائم التي ترتكبها “إسرائيل” كافة ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجرائم لتشمل جميع المسؤولين عنها، والإسراع في إصدار مذكرات قبض بحقهم جميعًا.
ودعا الأورومتوسطي مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى الاضطلاع بدورها الحقيقي المنوط بها وفقًا لولايتها والالتزام بقواعد النزاهة والاستقلالية الخاصة بعملها، بما يشمل قيامها بالتحقيقات الفورية وإجراء زيارات قطرية لتقصي الحقائق فيما يتعرض له المعتقلون والمعتقلات من انتهاكات جسيمة وجرائم خطيرة، ورفع التقارير بشأنها، عوضا عن ترك الأمور لتقدير “الجهات الإسرائيلية”، وذلك لتمهيد عمل لجان التحقيق وتقصي الحقائق والمحاكم الدولية في النظر والتحقيق وإجراء المحاكمات بشأن الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين قطاع غزة.
كما دعا الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن جميع المحتجزين الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم تعسفا، وفي حال تم تقديمهم إلى المحاكمة أن يتم ضمان جميع إجراءات المحاكمة العادلة، ولإعادة رفات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين قتلوا في سجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية.
وجدد الأورومتوسطي مطالبته بضرورة الضغط على “إسرائيل” للتوقف فورًا عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، والكشف الفوري عن جميع معسكرات الاعتقال السرية، والإفصاح عن أسماء جميع الفلسطينيين الذين تحتجزهم من القطاع، وعن مصيرهم وأماكن احتجازهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه حياتهم وسلامتهم.
وطالب بالإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة خاصة بالجرائم المرتكبة خلال الهجوم العسكري المستمر على قطاع غزة، بالتوازي مع تمكين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة التي تم تشكيلها عام 2021 من القيام بعملها، بما في ذلك ضمان وصولها إلى قطاع غزة وفتح التحقيقات اللازمة في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك التحقيق في ظروف استشهاد جميع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين قضوا في السجون الإسرائيلية، وما تتعرض له النساء والفتيات الفلسطينيات من جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وأشكال العنف الجنسي كافة