أخبار الاردنواحة الثقافة

ملتقى النخبة يناقش ( الوحدة الإسلامية.. المفهوم.. وطموح التحقيق في ظل واقع الدول.. والنظام الدولي)

ضمن حوارات الثلاثاء لملتقى النخبة-elite.. كان حوار الليلة بعنوان..

((الوحدة الإسلامية.. المفهوم.. وطموح التحقيق في ظل واقع الدول.. والنظام الدولي))..

فنحن اليوم في واقع عالمي فيه تكتلات كبيرة وتجاذبات واستقطابات.. وله أثره على الدول غير المنضوية في عضوية اتحادات دولية.. ولعل محاولات تركيا المستميتة للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي مؤشر على ذلك..

ونحن في ملتقى النخبة-elite نحاول تحليل أي موضوع يهم الاردن.. لعلنا نضع بعض الإضاءات التي تسهم في توجبه البوصلة لدى أصحاب القرار..

وهذا يؤدي إلى طرح التساؤلات التالية:
– هل مفهوم الأمة الإسلامية ممكن التطبيق في هذا العصر ؟!..
– وهل يمكن إيجاد صيغة للوحدة الإسلامية تحقق مصالح الشعوب المسلمة؟!..
– هل المنطق والمصلحة تقتضي التدرج في تحقيق هذه الوحدة بالسعي لوحدة عربية.. أو تكتلات عربية أو إسلامية ثم دمجها بصيغة مناسبة.. لا تتعارض مع سيادة كل دولة ؟!..
– هل سيغير هذا المسعى نظرة وتوجه الجماعات الإسلامية ذات التوجه السياسي ويجعلها شريكا فاعلا في مجتمعاتها؟!..
– كيف نعمل لتحقيق خطاب عالمي يفيد ريادة هذه الأمة وسعيها للصدارة ؟!..
– ما هي الوسائل المناسبة لإظهار حاجتنا للتعايش مع الآخر.. ورفضنا لمبدأ الإقصاء؟!..
– في ظل سعي الغرب والصهيونية العالمية لمنع التكتلات القوية أو نهوض الدول.. هل مسعى التوحد والاندماج أو التعاون بين دول منطقتنا سيتعرض للتفشيل والإحباط؟!.. وما هي وسائل تفادي ذلك؟!..
– هل تكتل الهلال الشيعي سيقف حجر عثرة أمام تكتل المسلمين أو العرب.. أم نلغي هذا التحدي المتوقع من حسباننا ؟!..
-وأخيرا.. اذا ما حدث هذا الاتحاد أو التكتل بأي صيغة مناسبة وعادلة هل سيكون نواة عالمية لمفهوم جديد قائم على العدالة واحترام المبادئ والقيم وكرامة الانسان وحريته.. مع احترام تنوع الأفكار والمعتقدات.. وسيادة مبدأ التعاون والتعارف بدلا من التناحر والتسلط؟!..

فقد استهل الدكتور خالد الجايح بماخلة..

ان موضوع الوحدة بمفهومه التكاملي الحقيقي او اي تكتل حقيقي لأي دول من العالم الثالث في ظل الواقع الأممي الحالي هو ضرب من الوهم والخيال لعدة اسباب:
-وجود منظمة الأمم المتحدة الحالية التي تسيطر عليها دول كبرى، وفيها مجلس أمن يحق لتلك الدول فيتو..،
فهذا الأمر نوع من السخرية الحقيقية من شعوب باقي الدول وزعمائها وحكوماتهم الشكلية.
-ان جميع زعماء وحكومات باقي دول العالم موظفين تحت امر دولة أو أكثر من الدول الكبرى، وتحت امر اهم منظمة تابعة لهم وهي صندوق النقد الدولي. فهي لذلك لا تملك القرار.
-لذلك فإن اي تكتلات او وحدة قامت او ستقوم تحت هذه المعطيات فإنها تولد فاشلة او تفشل.
ومثال ذلك الوحدة بين بعض الدول العربية والتي تعددت وفشلت جميعها؛ مصر وسوريا، مصر والأردن واليمن والعراق، مجلس التعاون الخليجي الذي قاطع قطر لعدة سنوات، والوحدة الافريقية الهزيلة،
بل أمام هذا النظام العالمي المستبد فإن تكتلات دول كبرى لا تكاد تنجح، فهذا تكتل الصين وروسيا الذي لم تقدم فيه الصين شيئا ذا قيمة لروسيا، وهذا حتى الاتحاد الأوروبي الذي بدأ يتضعضع وإعلان فشله تبدو على الأبواب، ولذلك بدأت دوله واحدة تلو الأخرى تركع لامريكا.
اذن فما الحل والمخرج؟ هو واحد من اثنين:
الأول، وهو الحل الحقيقي الكامل، وهو بقيام الخلافة الإسلامية التي تضم تحت جناحها جميع الدول المسلمة بأمر من الله. كما تضم الان أمريكا دول العالم تحت جناحها بأمر القوة والسيطرة على جميع المنظمات الدولية.
والحل الثاني، وهو تكتلات محدودة حول قضايا جزئية؛ اقتصادية، امنية ( عسكرية )…، وتتم من خلال اتفاقيات ثنائية ثنائية ثنائية، كيف؟
يعني، تعمل الأردن مثلا اتفاقية ثنائية مع مصر، ثم تقوم بعمل نفس الاتفاقية الثنائية مع السعودية، ثم مع قطر، والبحرين، والامارات، والمغرب، وتركيا، وماليزيا، ومع الاتحاد الأوروبي، ومع روسيا، والصين، وبعض الدول الافريقية،
وهكذا تعمل كل دولة مع كل تلك الدول، وتكون بنود الاتفاقيات هي ذاتها تقريبا.
وهكذا تتحقق وحدة كبيرة واسعة، ولكن منظرها الخارجي العام غير مقلق للدول الكبرى فلا تسعى لإفشالها.
السياسة بحاجة إلى دهاليز فلا تخاطبوها بوضوح.

استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية.. د. طه الحراحشه.. كان له رأي استشرافي وعميق.. حيث قال..

موضوع معقد ؟،، يعكس طموح أمريكا وأوروبا للتعاون مع العالم الإسلامي لمواجهة الصين تحولاً في الديناميكات الجيوسياسية العالمية ،، ويمكن أن يشمل بالاضافة للتعاون الاقتصادي،، تبادل المعرفة وخاصة العسكرية لان الجهود الأمنية والعسكرية المشتركة هي ما تهمهم ، بالإضافة إلى التواصل الدبلوماسي واخذ تعهدات بالتقارب من اسرائيل وحمايتها ،، ومع ذلك قد يكون تحقيق الوحدة الإسلامية تحديا بالنظر إلى التنوع الثقافي والسياسي داخل العالم الإسلامي في ظل الوجود الايراني ،، وقد يطاح ببعض الانظمة وتسليم قيادات اسلامية وسطية الى متشددة ،، يتوسع الطموح عند السياسين الغرب نحو تحقيق الوحدة الإسلامية لمواجهة التحديات الصينية لمعرفتهم بأن هذه الدول من الصعب ان تهزم بهذه العقيدة وان العلمانية ستكون عاجزة ،، ويمكن أن يشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الإسلامية والدول الغربية من خلال خطوط برية وجوية وبحرية ،، وتعزيز التواصل الثقافي والتعليمي لفهم متطلبات وآفاق بعضهم البعض بشكل أفضل ،، وان الصين هي الخطر الحقيقي للدول الاسلامية ،، بالإضافة إلى ان تطوير التحالفات العسكرية والأمنية ستحقق الأهداف المشتركة في العالم ،، منها الباكستان وافغانستان ودول في الاتحاد السوفيتي السابق ايضا حتى دعم الاسلاميين في الصين نفسها وفصلهم بدولة مستقلقة ،، ولكن بعدم وجود حركات اسلامية او احزاب متطرفة تقود المشهد او تسيطر عليه ،، بعدها اعتقد ان الغرب سيبدأ الحرب العالمية الثالثة وستكون الدول الاسلامية اول المستهدفين ،،

اما نقيب المهندسين الاسبق.. م. عبدالله عبيدات.. فقد قال..

هناك جدليه متعلقه بوجوب توحيد المسلمين في دوله او اتحاد وهل هذا فرض على المسلمين وهل السعي نحو خلافه إسلامية لتطبيق الشريعه هو الهدف
لا شك أن هذا موضوع ديني شرعي سياسي فلسفي
هل سعي اي دوله قويه لاحتلال بلاد المسلمين او السعي لتفرقتها حتى لا تشكل اتحادا منافسا او متمردا يدل على أن المسلمين مستهدفين مما يدفعهم للسعي نحو تشكيل اتحاد يحميهم على الاقل
تاريخيا سعى الغرب للقضاء على الخلافه الاسلاميه وتقاسم بلادها واخضعها لهيمنته وهو يسعى إلى أن لا يكون بينها اي اتحاد او تضامن الا في إطار شكلي تحت مسمى منظمه المؤتمر الإسلامي التي تأسست اثر إحراق المسجد الأقصى وهي تشبه جامعه الدول العربية
اعتقد ان تشكيل اتحاد حقيقي وقوي غير ممكن في ظل الهيمنه الصهيوامريكيه على المنطقة ولن يتحقق الا في حالتين الأولى تراجع هذه الهيمنه او بروز دوله اسلاميه قويه تتمرد على هذه الهيمنه وتبدأ بضم دول اسلاميه اخرى بالاقناع او بالاجبار كما فعل صلاح الدين الأيوبي عندما حارب الممالك المتفرقه ووحدها

أ. د. ياسر الشمالي.. سلط الضوء على المعوقات لمعالجتها اولا..

مقومات الوحدة وعوائقها
المقومات موجودة ويعلمها الجميع
لكن من المناسب الحديث في معوقات الوحدة باختصار
لان معالجة المعوقات هو طريق الوصول لأحد اشكال التوحد او التعاون الجاد بين الدول العربية او الاسلامية
فمن المعوقات:

  • وجود الكيان الصهيوني في المنطقة
  • اختلاف انظمة الحكم في المنطقة بين ملكية وجمهورية. وامارات ونحو ذلك
  • التفاوت في الناحية الاقتصادية فهناك دول فقيرة ومديو نة ودول فاحشة الثراء
  • ارتباط بعض الدول باتفاقيات سلام او تعاون دفاعي مع دول غربية لا تريد للمنطقة النهوض او التوحد
  • ضعف الوعي. و ادراك المخاطر في التفرق والتشرذم

الخبير الدكتور أحمد الرشود.. نظر للامر من وجهة نظر اقتصادية وسياسية.. فقال..

يتجدد لقاء الأعزاء هذا المساء بمناقشة …. الوحدة الاسلاميه …المفهوم وطموح التحقيق ….
ربما يكون ذلك حلم ….لكن لا اعتقد انه قريب المنال في ظل عالم جديد تسيطر عليه المصالح وقوى اكبر من حجم الدول …. ستكون نظرتي للموضوع من وجهة نظر اقتصاديه وعوامل تفاعلها يشكل نظاما ديناميكيا للعلاقات الدوليه في هذ الزمن . أظهر تقرير البنك الإسلامي للتنمية لعام 2021 بأن حجم الناتج الإجمالي للدول الاسلاميه ال57 حوالي 8.5 ترليون دولار لعدد سكان بلغ حوالي 2 مليار مسلم واستحوذت التجارة البينيه على حوالي 18.4% من إجمالي تجارة هذه الدول من التجارة العالميه البالغه حوالي 3.7 ترليون دولار لنفس الفترة وبلغ حجم الدين لدول العالم الإسلامي حوالي 400 مليار دولار . وبلغت نسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الاسلاميه حوالي 97 مليار دولار وفيما يتعلق بطموح الوحدة فإنني اعتقد بصعوبة تحقيق هذا الحلم لأسباب ومؤثرات اهمها التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري والمالي وتدفقات الاستثمار فقد أبرزت المؤشرات توضع ملحوظ رغم القدرة على تشكيل تكتل اقتصادي عملاق عالميا والمؤسسات الثاني يرتبط بالامن المشترك وقوة التحالفات السياسية والعسكرية المرتبطة بالقوى العظمى كاولويه قصوى اما المؤثر الاخر قدرة العمل الجماعي الإسلامي في القضايا الدوليه الراهن وقدرتها على التصدي للتغير المناخير والبيئة والطاقه وغير ذلك وكذلك لن نقلل من أهمية المساهمة الاسلاميه الاسلاميه في التقدم التقني العالمي كما أن للجوانب الدينيه والروحيه والثقافية مؤثر قوي على دعم مفهوم الوحدة الاسلاميه وكل ما ذكرت ما زالت تبعد الحلم الذي يقرب للخيال …..اين نحن بالأردن وكيف نستفيد وكيف نحقق مصالحنا حيث تركيا تستحوذ على ما نسبته حوالي 26% من تجارة العالم الإسلامي وهل نستطيع فتح بوابات الصادرات الاردنيه لملياري مسلم …لاسيما ونحن نملك شرعيه روحيه تجمع بوسطيتها وارثها التاريخي . حفظ الله الاردن وحفظكم

أ. د. خليل الحجاج.. قال في مداخلته..

وحدة العالم الاسلامي
ظلت وحدة العالم الاسلامي في أواخر عهد الدولة العثمانية هدف لكل القوميات والاعراق التي احتكمت لنظام الشورى والخلافة الاسلامية العثمانية غير ان عوامل خارجية مدفوعة باسبابها قد منعت ظهور جامعة اسلامية وراحت تدفع نحو تنمية المشاعر القومية والثورة والانفصال حتى استطاعت تفتيت وحدة دولة الخلافة وانهاء نظام حكم الشورى الاسلامية في أعقاب ذلك شهدت مصر ظهور مصلحين دعوا الى اعادة الوحدة الاسلاميه ولكن دون جدوى وكان البديل مزيدا من التفتت والولاء للاستعمار الغربي الذي نشر ثقافته وعزز قيمها على القيم الاسلامية وقطع أوصال الامة وحولها الى اقطار متنافسة وبعيد انتهاء الحرب الثانية وتحديدا في آذار 1945م طرح مشروع الجامعة العربية ولكن قرارتها تم اجهاضها سلفا بشرط الاجماع عليها ومثل ذلك الفعل هي منظمة العالم الاسلامي الاضعف شأنا من الجامعة العربية مما يجعل السؤال قائما ويحتاج الى سؤال مفاده هل يمكن اعادة اصلاح المؤسسات التي من شانها الدفع باتجاه اعادة نهوض الامة واقعيا الاجابة على هذا السؤال سهلة لكنها معقدة وتحتاج للوصول إلى اجابة منطقية انهاء حالة الجهل والامية واصلاح الاقتصاد وانهاء الديون الهائلة التي ورط الغرب الدول العربية والاسلامية بها وجعلها اساس لاستمرار ها وممايؤسف له ان بعض الدول العربية الغنية كانت واحدة من ادوات الغرب في تعميق الفقر بين شقيقاتها من الدول لدرجة انها لاتسمح للعمالة العربية الاستفادة من تروتها بل وعلى العكس تخلت عن كل موروثها الاسلامي وتوجهت للحداثة للمحافظة على بقائها بدلا من تتجه للتعامل القومي الاسلامي وحتى العربي لحفظ امنها ولكن هذا لايعني ان تستمر الفرقة ولابد من اعادة ترتيب الاولويات وانهاء الاخطاء وتدارك الأخطار والقبول باعادة توزيع الثروة وانهاء الديون لتحرير سيادة الدول الاسلامية وحينها تبدوا المسالة ابسط اذا توافرت الارادة للتخلي عن التبعية المصلحية

السيد محمود ملكاوي.. كان رأيه كما يلي..

  • إنَّ الحدود الوهمية بين الشعوب الإسلامية لم توجد إلاّ لخدمة الغرب الاستعماري ، ومن صنيعه ، وللتفريق بين أبناء الأمة الواحدة ، لذلك تؤكد تجارب الأمم أنّ الإتجاه لإزالة الحدود هو المصلحة الحقيقية للشعوب ، فدول الاتحاد الأوروبي أزالت الحدود فيما بينها ، ويستطيع الأوروبي وغير الأوروبي الموجود في أوروبا أنْ يتنقّل بين هذه الدول دون أن يعيقه عائق ، وفي أمريكا نجد أنّ الحدودَ بين دول أمريكا الشمالية ليست أكثر من خطوط وهمية ، وأنَّ المواطنين الكنديين والأمريكيين والمكسيكيين يدخلون ويخرجون بدون تأشيرة دخول ، كما أن حركة تبادل السلع والبضائع تنساب بشكل سلس
  • إنَّ الوحدة بين الشعوب والدول الإسلامية سيكون لها أثر كبير على صعيد إلغاء الحواجز الجمركية وانتقال الأفراد بين الدول والأقاليم ، الأمر الذي سيكون له أثر اقتصادي كبير ، لأن سوقاً ستنشأ بين ما لا يقل عن مليار إنسان على هذا الكوكب ، فكم ستوفر هذه السوق من فرص العمل أمام الطاقات العلمية والتجارية والصناعية والشبابية!
  • إنَّ إيجاد التصور حول الوحدة وإطارها السياسي أمرٌ متروكٌ لأُولى الشأْن والاختصاص من رجال فقهٍ وقانون دستوري واقتصاد وسياسة وأمن وجيش ، كلٌ في مجالهِ واختصاصه ، فقد تكون الصيغة دولة فيدرالية ، أو كونفيدرالية ، أو اتحاداً ، أو حتى حِلفاً ، وقد يرى البعض اندماجاً ، وقد يرى البعض الآخر الحفاظ على أشكال من الدولة ضمن الاتحاد ، إلى آخر ما هنالك من تصورات قد تُطرح ويتم التوافق عليها فيما بعد
  • وتشير الدلائل أنَّ هناك إمكانية لامتلاك ناصية العلم والتقنية والقدرة والقوة على الصمود والتحدي ، ولكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي والى قيادة تعرف كيف تدير المواجهة مع الغرب المستكبر!
  • إن العالم الإسلامي يحتاج إلى وحدة سياسية تجعله قوياً وقادراً على مواجهة الحظر الغربي على العلوم والتقنيات ، وقادراً أيضاً على تبادل الخبرات بين دوله وشعوبه ، فلن يكون للعالم الإسلامي تقدم وتطور فعلي ما دام غير مستقل عن الإرادة الغربية ، والتجربة الإيرانية والمقاومة الفلسطينية في غزّة خير نموذج
    لكن في المقابل علينا أن نُدرك انَّ كل ما يشكل نموذجاً للتقارب والتآزر والوحدة في العالم الإسلامي يُعتبر في الأساس خطاً أحمر للأجهزة الأمنية الغربية تعمل بكل السبل والأساليب للحيلولة دون تحقيقه
  • إنَّ الحكومات الغربية صمّمت ونفّذت شكلاً وأسلوباً خاصّين في كل فترة من فترات التاريخ المعاصر ، بهدف استهداف وحدة المسلمين ، سواء عن طريق إرسال جواسيس بزي المبشرين الدينيين في القرون الماضية إلى خلق أزمات أمنية مزمنة مثل قيام داعش وتشكيل حركات إرهابية تكفيرية مسلحة في السنوات الأخيرة
    إذْ يسعى الغرب لاستهداف الخطاب الإسلامي الذي تشَكّل على أساس وحدة المسلمين وتقاربهم بخطابات مزيفة مثل ” الإسلام التكفيري ” و” الإسلام العلماني” !
  • إنّ تقارب المسلمين ووحدتهم يُعتبر مطلباً دينياً واستراتيجياً ، ولا بد من اتخاذ خطوات ثابتة وربما شاقة وطويلة في طريق تحقيقه النهائي

اما الدكتور علي المر.. فقط كان شرحه للموضوع كما يلي..

السلام عليكم
الوحدة الإسلامية ومفهوم الأمة
مفهوم الأمة مفهوم عربي إسلامي لم ترد في أي لغة أو فكر أو سياسة قبل الإسلام. في حين ذكرت في القرآن الكريم بتصريفاتها ومعانيها المختلفة حوالي ٥٠ مرة. ولهذا لا نستطيع سحب المفاهيم الغربية التي طرأت بعد الإسلام على ما يعنيه الإسلام بالأمة. يقول تعالى: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ”

في هذا التعريف القصير الصغير دلالات كبيرة؛ فهي أمة الخير والإيمان. وهو المعيار الأساس لتعريف الأمة وغاياتها. أما التفصيلات فهي متغيرة تبع الزمان المكان.

وفي المعنى الشرعي الأمة الإسلامية ممتدة في التاريخ من زمن آدم وحتى قيام الساعة. مرورًا بقوم نوح وقوم إبراهيم وموسى وعيسى وجميع الأنبياء عليهم السلام. كلهم مسلمون وأتباعهم مسلمون.

ومن هذا المعنى الإيمانيّ الخيري يطلق تعريف الأمة على الجماعة المؤمنة التي تعمل الخير لقوله تعالى: “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”

وحتى الفرد الواحد إن كان على الحق المتمثل في هذا التعريف ولم يجد من يكون معه فهو أمة لوحده يجب أن يحافظ على وجوده وغايته وهي الإيمان وعمل الخير. ولهذا وصف الله سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنه كان أمة: ‏”إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”

من هذه المقدمة نخلص إلى أن توحيد الأمة المسلمة واجب شرعي وليس خيارًا أو مصلحة دنيوية وحسب. وأن علينا أن نعمل له أفرادًا وجماعات ودول.

وهو ممكن من الناحية العملية وأقرب للتحقق من غيره من مفاهيم لما له من بعد وجودي ولكونه عبادة: إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ”. ولتعلقه بغاية الخلق المتمثلة في التكليف وطاعة الخالق: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً”.

إن أكبر عائق لتوحيد الأمة هو الانقسام بين المسلمين. فهنالك ٥٧ دولة مسلمة. وهذه يمكن أن تصبح ميزة باستخدام نموذج وحدوي قوي ومرن مثل نموذج الولايات المتحدة الأمريكية الإحدى والخمسين.

وكما بدأ الاتحاد الأمريكي بثلاث عشرة ولاية يمكن أن يبدأ الاتحاد الإسلامي بأي عدد من الدول مثل مجموعة الدول العربية أو أي تكتل غيرها أقل أو أكبر من العرب أو غيرهم.

إن قوة الفكر الإسلامي ومنهجه العلمي سوف يستقطب الأمم الأخرى فتدخل مع الأمة الإسلامية في شراكة من نوع ما لا نعرفها اليوم. ولكن نعرف أن الإسلام انتشر في كثير من بقاع الأرض بالإشعاع وبدون حروب مثل جنوب شرق آسيا وحتى إفريقيا وبعض المناطق في آسيا وأوربا.

وغير هذا النموذج هنالك فكرة تناسب الواقع المفروض. فهنالك ٥٧ حاكم عربي ومسلم بمسميات مختلفة ملك ورئيس وأمير وسلطان… والمشكلة أنهم قد لا يتنازلون عن الحكم. في هذه الحالة يمكن تشكيل مجلس حكم من هؤلاء الحكام بحيث ينتخبون من بينهم رئيسًا للاتحاد كل عدة سنوات وفق صيغة معينة يتفق عليها. ويكون هنالك وزارات سيادية تتبع الرئيس أو الخليفة المنتخب. وتدار باقي الولايات أو الدول التابعة للاتحاد بقوانين محلية. مثل الولايات الأمريكية.

أما المشكلة الأخرى المتمثلة في الانقسام المذهبي بين الشيعة والسنة فهي مشكلة ما دام المسلمون السنة ضعافًا ومتفرقين. فإذا ما التفتوا إلى أنفسهم وتوحدوا تلاشى تأثير هذه الانقسام لأن العدد الأكبر من المسلمين سنة. وسيجد الشيعة أن عليهم التعايش مع المحيط السني أو العيش منعزلين في جزيرة صغيرة أشبه بالفاتيكان في أوروبا.

الدكتور منصور المعايطة.. وجد بان الوحدة في هذا الزمن مجرد امنيات..

ان الشعوب التي تتبع الديانة الاسلامية توجد في دول متعددة بعضها دول عربية واخرى غير عربية وهذه الدول ذات انظمه سياسية مختلفه منها الملكي ومنها الجمهوري ومنها البرلماني ومنها الرئاسي وغيرها وهذه الدول لها تحالفات وارتباطات عالمية مختلفة واغلب هذه الانظمه غير منتخبه من الشعب الا م
ما ندر . فكيف في ظل هذه التعقيد والتركيب الغير متجانس لهذه الدول والأنظمة ان تلتقى وعلى اى قاعدة او اساس اذا استعدنا المصالح والاقتصاد والتجارة . وفي ظل غياب الحرية والراى الشعبي والقرار الشعبي الذي يؤخذ من خلال مؤسسات حقيقية في هذه الدول منتخبة من قبل الشعب ليقول كلمته في توجهاته ومستقبله وتخالفاته
والتكتلات التي يردها ستبقى كل مصطلحات الامة والاتحاد وغيرها من المسميات الجامعه للشعوب الإسلامية مجرد امنيات فقط .

السيد ابراهيم ابو حويله.. عنون مداخلته.. الفرد والجماعة والدولة والأمة..

لن تكون هناك جماعة قادرة على تحقيق أي هدف في الحياة إلا إذا كان هناك فرد يعرف تماما الفرق بين أن تكون فردا وأن تكون عضوا في جماعة ، ولن تقوم دولة تستطيع أن تحافظ على نفسها وأفرادها إلا إذا كان الجميع فيها أفرادا وقبائل وجماعات على قلب رجل واحد ، ولن تشكل مجموعة الدول أمة إلا إذا كان هناك أمر مشترك يجمعها ، ومجموعة من القيم توحدها ، وهذا ما تحظى به الدول الإسلامية جميعها فهي لديها أرضية مشتركة ولكن ينقصها شيء .

الهدف الأساسي للداعية اراه واضحا في الوقت الذي بدأت فيه الدعوة إلى الإسلام لم يكن سعي الرسول صل الله عليه وسلم إلى مال ولا ملك ولا قضاء ، كان سعيه “خلو بيني وبين الناس “، وفي قصة الوليد بن المغيرة التي يرويها إبن هشام وإبن كثير والتي عرض عليه فيها المال والملك والزواج والعلاج إن كان الذي به يستوجب العلاج ، ولكن رد النبي الصاعق كان آيات من القرآن الكريم من سورة فصلت تطلب تدبر وفهم هذا الكتاب العربي ، وتبين أن الرسول ما هو إلا بشير ونذير ملكف بتبليغ هذا الأمر لكم ، وإن إلهكم إله واحد يطب منكم الإستقامة وعمل الصالحات ، فإن أعرضتم فأنتم معرضون لصاعقة تصيبكم كما أصابت قوم عاد وثمود ، عندها وضع المغيرة يده على فم الرسول وقال كفى كفى .

نحن اليوم إلا من رحم ربي نزعم أننا دعاة ونحن في الحقيقة قضاة نصنف هذا وذاك ونقبل هذا ولا نقبل ذلك ، ونريد أن يكون الجميع صورة منّا لا صورة أخرى ولا فهم أخر ولا شيء أخر ، ونفعل كما فعلت أهل الملل السابقة ، نفسر آيات الله وفق فهم بعضنا وقدرتهم ونزعم أن هذا هو الحد النهائي وأن من خالفه فقد خالف دين الله .

ومن فارق هذه الجماعة أو تلك فقد فارق دين الله حسب فهمنا ، ونسعى للملك والجاه فهذه جماعة تريد الخلافة وتلك تريد السلطة وهذه تريد الطاعة المطلقة لولي أمرها عجبا لكم ، فرقتم الجمع وشتتم الشمل وجعلتم الحاكم يحارب الإسلام خوفا من تلك الجماعات التي تسعى إلى كرسيه ، وصنفتم البشر هذا إلى الجنة وذلك إلى النار وإن كان بشكل غير مباشر طبعا ولكنه مباشر .

هل نحن في الحقيقة من أضاع الدين بسعينا لهذه المفاهيم وحصر الدين في هذا الفهم الضيق أو ذلك ، هل حقا نتقبل الأخر والمخالف ، ونقول لمن ملكتهم أيدينا إذهبوا فإنتم الطلقاء ، هل حقا نسعى لفهم الدين بناء على مقاصده وعلى منهج منزله جل في علاه ، أم نريدها خلافة وحكما وملكا بصورة دينية ، وبالتالي سلطة تتحكم في حياة الناس ورقابهم وأموالهم وأعراضهم وفق فهمنا ورغباتنا ، بحيث أقتنع العامة أن بحث البعض هو عن عزة الدين وعودته إلى الحياة منهجا ، ولكن فعله في الحقيقة يساهم في محاربة الدين وعزله عن المجتمع كما شاهدنا في بعض مناطق التوتر ، وهنا أنا لا أتهم النيات ولكني أتهم التصرفات .

لقد خلقنا نزعة سلطوية إنتهازية بهذه الجماعات للأسف وأخرجنا مفهوم الدين عن حقيقته إلا من رحم ربي طبعا ، وهنا لا أقصد التصرفات الفردية ولكن منهج الأمة ودورها ، وبحيث أصبحت محاربة هذه الجماعات هي في الحقيقة محاربة للدين ، وحسب فهمي فإن هذه الجماعات هي سبب رئيسي فيما وصلنا إليه اليوم ، فقد صنفت وعزلت وحاكمت وجعلت هذا مقبول وذاك غير مقبول.

فإنتقل الأمر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة للدين حسب مقاصده وفهم علمائه إلى تقبل هذه الجماعة أو تلك ، وانتقل فهم الدين إلى فهم هذه الجماعة أو تلك ، وأصبحت هي القائمة عليه وصاحبة الولاية فيه ، وخرجنا من عباءة الأمة والإجماع والعلم والدين إلى عباءة الجماعات وتصنيفاتها فضيعنا وأضعنا .

لقد أخرجت الجماعات الدول عن مقاصدها ، وأخرجت الدول الأمة عن مقصدها ، وأصبح هذا حالنا ، نخاف من بعضنا ، ولا يأمن بعضنا بعضا ، وكل ما إتصل بالدين أو بعضه أصبح موضع تهمة وسؤال ، فأنحرف الفرد وإنحرفت الدول وإنحرفت الأمة عن مقصدها .

وصرنا غثاء كغثاء السيل ، وأصبحنا قصعة تتداعى عليها الأمم ، وضاعت بيضتنا وأضعنا هيبتنا ، فلو تنازع الصحابة على السلطة لضاعوا وأضاعوا الدين في مولده ، ولو تنازعوا الفهم لضاعوا أيضا ولكنهم تقبلوا الخلاف وسعوا الى مصلحة الأمة، فكانت حكمة أن تتنازل عن السلطة لأجل الحفاظ على الأمة ، وتتجنب النزاع والإختلاف لتحافظ على الأمة وهذا ما حدث في الاعم الأغلب.

فكان الدفع الحضاري لهؤلاء هو ما ساهم في أن تتجاوز هذه الأمة ألفا وأربعمائة عام ، وبعضها يحمل بعضا ، وعلماؤها يحملون همها ويجمعون شملها ، وأغلب حكامها يحرصون عليها ويحمون بيضتها ، ويلملمون ما تفرق من أمرها.

وهذا لا يخلو من تجاوزات ولكن في المجمل كان الأمر أقرب إلى الصواب ، وإلا لإندثرت هذه الأمة منذ زمن بعيد، وظل الأمر هكذا صعودا وهبوطا ، حتى بلينا بهذا الزمان بهذه الفئة التي ترى الفردانية منهجا والجماعة أمة ، فضاعت الدول وضاعت الأمة .

والمخرج من هذا كما يرى أكثر من باحث هو في الحفاظ على الدول بشكلها الحالي ، وتصويب أمرها وما أنحرف من منهجها ، وإحياء مفهوم الأمة على أساس التعاون الإلزامي بين هذه الدول بصورة تحالف أو إتحاد أو غيره ، بحيث تتم مراعاة الأمة منهجا ومقصدا وبيضة ومصلحة ومراعاة مصالحها ومصالح أفرادها.

ويحفظ لها ثرواتها وحدودها ودينها ويحفظ دين الأمة وما ضعف من دولها ، وهذا ما نراه في حلف الأطلسي او الإتحاد الأوروبي مثلا ، وهو ليس فكرة بعيدة ولا مستحيلة .

وبعيدا عن هذا فإن طريق وحدة الأمة في ظل هذه الظروف، لا يعدو كونه طريقا مستحيلا فضلا عن كونه قد يجر بلاء عظيما ، وما قامت به الجماعات التي تزعم أو تتصل أو تم تأسيسها بشبهة للإساءة للدين في مناطق التوتر أكبر شاهد على ذلك .

لا بد لهذه الدول بصورتها الحالية أن تجد طريقا لإحياء مفهوم الأمة الإسلامية ، وإلا ستبقى هيبتها منزوعة وقرارها مجزوء وضعيف وقابل للسيطرة عليه ممن شكل إتحادات ودولا عظمى وجيوشا جرارة .

فيما قال المهندس نهاد المصري..

الحديث في هذا الموضوع هو حلم كل عربي ومسلم.

في البداية يجب أن ينطلق مفهومنا إلى هذه النقاط من خلال التطوير الفكري للعقل البشري، هذا المسار ألذي يمكن للفرد من تجاوز القيود الذاتية وحالة عدم الرشد التي اختارها لنفسه حيث يعجز عن الاستفادة من قدراته العقلية دون الاعتماد على إرشادات الغير (ايمانويل كانط ).
هذه المقوله تتطلب منا الشجاعة الاستثنائية للتخلص من القيود التي اوجدها الغرب لنا، والتفكير بمستقبل الأمة بعيدا عن تأثيرات الآخرين، وأن نمتلك الشجاعة للمبادرة للتفكير بشكل عقلاني ومستقل، واتخاذ الخطوات اللازمة نحو الوحدة مما يمهد الطريق لفتح عصر جديد من الحرية الفكرية للوحدة وإرادة قوية لتحرر من الأفكار الغربية بالنسبة لوحدتنا، ونتجه نحو آفاق واسعة من الفهم والمعرفة بارائنا.

الخوف والتقاعس والوصاية تحت ظل الآخرين (دول الغرب )، يسهل عليهم الاستمرار في دورهم الإرشادي والوصي وحماة للاستقرار (الدول العربية )، لذا علينا علماء ومفكرين اتخاذ القرارات اللازمة نحو الوحدة وعدم الاتكال على الآخرين (الوحدة العربية والإسلامية ).

هذه الاستقلالية باتخاذ الخطوات تمنع الدول الوصية علينا ان تبقينا تحت حالة من الجهل والخوف من أي توجه نحو الوحدة المنشودة، وعدم الالتفات لتضخيم الامور والسقوط (الوحدة السورية المصرية) المصاحبة لهذه الوحدة، وأن نمشي بثقة وثبات بمفردنا دون توجيه من الآخرين.

إن فرصة قيام وحدة عربية ومن ثم اسلامية ممكنة وواقعية بشكيل كبير، بشرط توفير الحريات اللازمة دون هيمنة أو اوصياء، وإطلاق العقل الجماعي التي تأتي بها الجماهير الشعبية لتحقيق الوحدة.

من هنا يأتي دور علماء الأمو للتشجيع على اطلاق الحريات في اختيار طبيعة النقاشات العامة امام الجماهير بحرية دون تقييد، مما يسمح بتبادل الأفكار والنقاشات المفتوحة التي تسهم في تطوير الفكر وانضاجه نحو الوحدة.

ومن خلال السرد السابق نعرج على رجال الدين على أن يتبعوا ويعلموا مبادئ ديانتهم كما هي محددة، متقبلا ذلك كجزء من مسؤلياته، ويقدم للجماهير أفكاره ورؤاه في مجال الوحدة،
هذه هي الانطلاقة وتكون خارج الإلتزام بالمذهب او التوجه المذهبي، واستخدام هذا التوجه الديني نحو توحيد الصف ضمن التفكير الجمعي للوحدة.
وأن لا يكونوا هم الاوصياء على الأمة وهم الوحيدون يمتلكون الرؤى الوحيدة لوحدة الأمة. لذا عليهم التفكير والتجديد بالخطاب الديني في هذا العصر.
والله من وراء القصد.

الدكتور احمد زياد أبو غنيمة.. كان رأيه مبنيا على وثائق تاريخية..

تعتبر وثيقة كامبل بنرمان اخطر وثيقة استعمارية تخص الوطن العربي وكانت عام ١٩٠٧؛ ولعلها تكون المفتاح لفهم نظرة للغرب للإسلام عموما وللدول العربية خصوصا فيما يخص موضوع الوحدة سواء العربية منها او الإسلامية.
وتقول تفاصيل الوثيقة :
دعا حزب المحافظين البريطاني كلا من  فرنسا  وهولندا  وبلجيكا واسبانيا وايطاليا عام 1905 الى عقد مؤتمر سري  يهدف إلى إعداد استراتيجية أوربية، لضمان سيادة الحضارة الغربية على العالم، وإيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الغرب الاستعماري إلى أطول أمد ممكن.
ولما كان حزب المحافظين خارج الحكم، فقد قدم فكرة الدعوة إلى عقد المؤتمر إلى رئيس حزب الأحرار: هنري كامبل بنرمان رئيس الوزارة البريطانية آنذاك.
ودعيت إلى المؤتمر الدول الاستعمارية كافة وهي:
بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا، البرتغال..
افتتح « كامبل » المؤتمر بكلمة مطولة جاء فيها:
« إن الامبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى ثم تستقر إلى حدٍّ ما ثم تنحل رويداً رويداً ثم تزول والتاريخ ملئ بمثل هذه التطورات وهو لا يتغير بالنسبة لكل نهضة ولكل أمة، فهناك امبراطوريات : روما، أثينا، الهند والصين وقبلها بابل وآشور والفراعنة وغيرهم.
فهل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون سقوط الاستعمار الأوروبي وانهياره أو تؤخر مصيره ؟
وقد بلغ الآن الذروة وأصبحت أوروبا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت مصالحها، بينما لا يزال العالم الآخر في صرح شبابه يتطلع إلى المزيد من العلم والتنظيم والرفاهية، هذه هي مهمتكم أيها السادة وعلى نجاحها يتوقف رخاؤنا وسيطرتنا.. »
أنهت اللجنة أعمالها في العام 1907 وقدمت توصياتها إلى المؤتمر. خرج المؤتمر بوثيقة سرّية سميت « وثيقة كامبل » أو « تقرير كامبل » أو توصية مؤتمر لندن لعام 1907″، ولقد توصل المجتمعون الى نتيجة مفادها:
“نص وثيقة كامبل 1907”
“إن البحر الأبيض المتوسط  هو الشريان الحيوي للإستعمار،  لأنه الجسر  الذي يصل الشرق بالغرب،  والممر الطبيعي الى القارتين لآسيوية  والإفريقية،  وملتقى طرق العالم، وأيضا هو مهد الأديان  والحضارات، والإشكالية  في هذا الشريان  أنه يعيش على  شواطئه الجنوبية  والشرقية  بوجه خاص شعب واحد  تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان”.
وأبرز ما جاء  في توصيات هذا المؤتمر: 
1 ـ الإبقاء على شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة.
وهي استراتيجيّة أوروبيّة لضمان سيادة الحضارة الغربيّة، وطول أمدها، لذلك فهي ترى العالم من خلال ثلاث مساحات.
وعلى هذا الأساس  قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة اليهم الى ثلاث فئات كان نصيب الدول العربية منها هذه الفقرة :
الفئة الثالثة: المساحة الخضراء، دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية  ويوجد تصادم حضاري  معها وتشكل تهديداً  لتفوقها (وهي بالتحديد  الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام) والواجب  تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال  ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لإمتلاك العلوم  التقنية.
2 ـ محاربة أي توجه وحدوي  فيها.
ولتحقيق ذلك، دعا المؤتمر الى إقامة  دولة في فلسطين،  تكون بمثابة  حاجز بشري  قوي وغريب ومعادي، يفصل الجزء الإفريقي  من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي، والذي يحول دون تحقيق  وحدة هذه الشعوب هي دولة إسرائيل،  واعتبار قناة السويس  قوة صديقة للتدخل الأجنبي  وأداة معادية لسكان المنطقة.
فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما يبقي العرب في حالة من الضعف.
ولعل أكتشاف النفط في العالم العربي والى ظهور منافس قوي في هذا المجال ألا وهو الولايات المتحدة  قد سَرع في تنفيذ مقررات هذا المؤتمر من أجل السيطرة على هذه الثروة واحتلال العالم العربي وتقسيمه، وهو ما شهدناه في القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر، الامر الذي يجعل من الحديث عن اي نوع من الوحدة بين الدول العربية او الاسلامية هدفا بعيد المنال؛ طالما لم تنهض الشعوب وتعي ان كل ما مرت به الدول العربية في المائة عام الفائتة كان مخططا له، والمنفذون؛ كان الاستعمار في البداية ثم وكلاء الاستعمار الذين تركوهم في بلادنا العربية؛ والتي اصبحت من خلالهم مرتهنة في قرارها السياسي والاقتصادي والامني لما يريده الغرب.
مرجع الوثيقة: ( “ملف وثائق فلسطين” الهيئة العامة للاستعلامات في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر سنة 1969).

الشيخ عبدالله المناجعه.. شيخ عشائر المناجعه الحويطات.. قال في مداخلته..

بداية الوحده الاسلاميه متحققه في العقيده لكن سعت الدول الاستعماريه الي رسم حدود الأراضي الاسلاميه لتجعل الولاء للوطن المحدود واقنعت الجميع بأن هذا لايتعارض مع الدين وغدت كل دوله منفرده لوحدها والأولوية لها وليس للأمه وأخذت العلاقات تعزز التفرقه بحيث ان الشرق لايتبع الغرب وهذا طبعا ينطبق على الدول الاسلاميه التي أُظعفت حتى يتم السيطره عليها بحجة الاقتصاد واحيانا الحمايه لكن الهدف واحد هو أن لاتلتئم اي دوله مع الأخرى أضف لذلك انه لايوجد أراده حقيقه للوحده عند قادة الدول الاسلاميه رغم توفر مقومات الوحده غير ان النظام الدولي لايتحمل وحده اسلاميه لان هذه الوحده تعني انها قوه هائله لايمكن مقاومتها من كل النواحي عسكريا اواقتصاديا لأنها تملك التنوع في الخامات التي هي أساس كل صناعه غير التنوع الزراعي والحيواني من هنا كل السعي الغربي او الشرقي لتعزيز الانقسام غير الضغوطات الهائله على الجميع في عدم التطور او الأكتفاء الذاتي لكنهم حريصين على أن تبقى هذه الدول تلهث متخلفه بخطوتين حتى تصل وفي اغلب الاحيان تصل متأخره حينها يكون العالم استكشف ماهو جديد وهكذا نوع من الانهاك وتعطيل عجلة التطور وان حصل سيكون ناقصا لان المكمل لديهم يتحكمون به اما ونحن نشاهد العالم من خلال مواقع التواصل بالتأكيد ان الوحده لاتأتي الا بتغيير مفاهيم الوطنيه من الفرد للمجموعة ومن الوطن للأمه وان يبادر بذلك القاده بتنازلهم لاجل مصلحة الجميع والي ذلك الحين ستبقى المزاودات هي سيد الموقف.

اما الدكتور صلاح الدين الرّوّاد.. فقد وضع تساؤلا يمكن الارتكاز عليه..

فكرة الحوار …رائعة ..
سددكم الله…
و لكن السؤال هنا هل حقاً هناك تحالف خفي بين التشيّع الصفوي المطروح الان و اليهود و العولمة و الامبرياليه الغربيه …
هذا يندرج تحت ما يسمى فقه التحالفات …
الأردن مُهيئ للقيام بدور كبير ان وجدت الارادة و الشخوص المناسبه .. و اثمن ما في الوطن فِطر ابناؤه و عقائدهم لم تلوث بعد ….
الأمة مستهدفة ..
الامة تحتاج إلى تحالفات إنسانية عابرة للأديان و للطوائف و المذاهب

الدكتور محمد بزبز الحياري.. قال في مداخلته..

واذا اردنا ان ننطلق من ارضية مشتركة وواضحة ، فهل المقصود وحدة الامة على اساس ديني ام اساس سياسي،وهذا يقودنا الى تساؤلات اوسع، فاذا كان المقصود الاساس الديني فاننا نرى الامة المسيحية( نقصد الغرب المسيحي) وهي بالمجمل المتقدمة والاقوى لم تحظى بهذه الوحدة ولا اظنها تسعى اليها بالمعنى الحرفي في ظل كثرة المذاهب المسيحية وكذلك بالنسبة للامة الاسلامية لنفس الاسباب واكثر وحتى منظمة المؤتمر الاسلامي فهي مجرد هيكل لا يملك ادنى تأثير.
اما بالنسبة للوحدة على اساس سياسي فاظنها اصعب وتقارب المستحيل في ظل هيمنة القوى الغربية وعلى رأسها امريكيا التي تعمل جاهدة على المزيد من التفتيت للأمة الاسلامية بمشروعهم الذي يرقى الى الصراع الحضاري( وهو كذلك)يقابلة ضعف كبير بالمقاومة لهذه الهيمنة من قبل الامة ،وغياب مشروع اي مشروع للنهوض لا على مستوى الامة ولا على المستوى القطري.
تبقى مسألة وحدة الامة، على اي صعيد مجرد امنيات تداعب الخيال في الافق القريب والمتوسط ولا سبيل برايي الا للتحالفات السياسية التي يجمعها المصالح المشتركة،تخلقها وتعظمها وتتدرج بتنفيذها،مسبوقة بامتلاك اسس التقدم التعليمي ،التكنولوجي ،العسكري…الخ، الذي يقود بالمجمل ويؤسس لمشروع حضاري شامل في مواجهة واضعاف المشروع المقابل .
اما على المستوى الديني فنستبدل حوار الاديان باعتقادي، بحوار اكثر انتاجية وفاعلية ، وهو حوار المذاهب والطوائف داخل بيت الامة الاسلامية للخروج من هذا المأزق الذي نفذ منه الغرب ببراعة وكان عاملا قاتلا باسالة الدماء بين المسلمين وساهم بتشتيتهم وتناحرهم وكان السبب الاهم بضعف الامة الاسلامية وبالتالي وحدتها.

ملاحظة : مسيحيوا الشرق تاريخيا ومستقبلا كانوا وما زالوا جزء من الثقافة الاسلامية ومنخرطين بهموم الامة وداعمين ولم يشكلوا عائقا تجاه اي مشروع نهضوي اسلامي ،وخصوصيتهم وبنفس الوقت مصانة ومحترمة من قبل الوسط الاسلامي ،حتى ان المستعمر قديما حاول جاهدا النفاذ من خلالهم وفشل .

السيد عادل احمد النسور.. قال في مداخلة مقتضبة..

العالم. كله تكتلات. واتحادات. بالرغم من المتناقضات بينهم
لا لغة ولا دين ولا تاريخ ولا جغرافيا
ولا دم .
لكن ارادتهم لتقوية الروابط بينهم خاصتا الاقتصاديه والسياسيه.ومحاربة الإسلام بكل الوسائل.
بالمقابل. نحن العرب والمسلمين كل المقومات متوفره بدون اي استثناء الارض والجغرافيا واللغه والدين والدم والتاريخ لكن كل قراراتنا بكل اسف. بيد أعداءٍ الامه. والدين يعملوا. جاهدين باستمرار لاجهاض هذا الاتحاد. والتي عملت سابقا وانتهت مثل مجلس التعاون العربي.وبعض الاتحادات التي تتحول ضدهم يعملوا كل جهد لانهائها. بكل الوسائل..
نحن امه لن تكون عزيزه ولها مكانتها الا بالإسلام الذي يصلح لكل زمان ومكان بشتى مناحي الحياه
واعتقد لا يروق هذا الاتحاد. لبعض الانظمه العربيه

البروفيسور حسن عبدالله الدعجة.. أستاذ الدراسات الإستراتيجيّة بجامعة الحسين بن طلال – مستشار معهد الحزام والطريق بجامعة بكّين – الصّين عضو المجلس العالميّ لعلماء الدّراسات الصينيّة بكّين – تشنغدوا.. عنون مداخلته.. مفهوم الأمة الإسلامية..

مفهوم الأمة الإسلامية يشير إلى مجموعة المسلمين في جميع أنحاء العالم الذين يشتركون في العقيدة الإسلامية والهوية الدينية والثقافية. ومن الممكن التطبيق على هذا المفهوم في هذا العصر، ولكن يمكن أن يظهر بتحديات جديدة نتيجة للتقدم التكنولوجي والتغيرات الاجتماعية والسياسية.
في العصر الحديث، يمكن رؤية تطبيق مفهوم الأمة الإسلامية من خلال التواصل العالمي بين المسلمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، وكذلك من خلال التعاون والتبادل الثقافي والتجاري بين البلدان الإسلامية والمسلمين في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، قد تواجه فكرة الأمة الإسلامية تحديات مثل التنوع الثقافي واللغوي والاقتصادي بين الدول الإسلامية، وكذلك التمايز في الممارسات الدينية والفقهية بين مختلف المذاهب والتيارات داخل الإسلام.
بشكل عام، يمكن لمفهوم الأمة الإسلامية أن يظل قوياً ومفيداً في هذا العصر، مع الاهتمام بتحقيق التواصل والتفاعل البناء بين المسلمين على مستوى عالمي، وتعزيز الفهم المتبادل والتعاون في مواجهة التحديات الشائعة وتعزيز السلم والتنمية.
-يمكن إيجاد صيغة للوحدة الإسلامية تحقق مصالح الشعوب المسلمة
إيجاد صيغة للوحدة الإسلامية التي تحقق مصالح الشعوب المسلمة هو أمر مهم وتحدي في نفس الوقت. من الممكن أن تكون هناك عدة خطوات واستراتيجيات يمكن اتخاذها لتحقيق ذلك:

  1. تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري: يمكن للدول الإسلامية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينها لتعزيز الاقتصادات المسلمة وتحسين مستوى معيشة الشعوب المسلمة.
  2. تعزيز التضامن السياسي: يمكن للدول الإسلامية دعم بعضها البعض سياسيًا في المنتديات الدولية وتبني مواقف مشتركة تحقق مصالح الشعوب المسلمة.
  3. تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي: من خلال تبادل الخبرات والمعرفة وتعزيز التعليم والثقافة بين الدول الإسلامية، يمكن تعزيز الوعي الثقافي وتعزيز الهوية الإسلامية المشتركة.
  4. تعزيز حوار الأديان والثقافات: تشجيع الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة داخل العالم الإسلامي وخارجه، مما يساهم في بناء جسور التواصل والتعاون.
  5. مكافحة التطرف والتطرف العنيف: يجب على الدول الإسلامية التعاون في مكافحة التطرف والتطرف العنيف، ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف المسلح الذي يضر بمصالح الشعوب المسلمة والعالم بأسره.
    على الرغم من التحديات التي قد تواجه تحقيق الوحدة الإسلامية، إلا أن هذه الجهود يمكن أن تكون مفيدة في تحقيق مصالح الشعوب المسلمة وتعزيز الاستقرار والازدهار في العالم الإسلامي.
    المنطق والمصلحة تقتضي التدرج في تحقيق هذه الوحدة بالسعي لوحدة عربية.. أو تكتلات عربية أو إسلامية ثم دمجها بصيغة مناسبة.. لا تتعارض مع سيادة كل دولة
    نعم، يمكن أن يكون التدرج في تحقيق الوحدة الإسلامية من خلال السعي لتشكيل وحدة عربية أو تكتلات عربية أو إسلامية أولاً ثم دمجها بصيغة مناسبة بما يتوافق مع مصالح الدول المشاركة ولا يتعارض مع سيادتها.
    تشكيل تكتلات عربية أو إسلامية قد يكون خطوة إيجابية نحو تحقيق الوحدة الإسلامية بشكل أوسع. من خلال هذه التكتلات، يمكن للدول المشاركة تحديد المصالح المشتركة والعمل سويًا على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي والأمني.
    ومع ذلك، يجب أن يكون هذا الدمج بصيغة تحترم سيادة كل دولة عضو في التكتل، وتحترم التنوع الثقافي والسياسي داخل الدول المشاركة. يمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة مؤسسات تكتلية تعمل على أساس المساواة والاحترام المتبادل، وتعزيز الحوار وحل النزاعات بشكل سلمي. وبالتدريج وبالمصالح المشتركة، يمكن أن تتطور هذه التكتلات إلى تحالفات أو اتحادات أكبر تحقق الوحدة الإسلامية بما يخدم مصالح الشعوب المسلمة دون المساس بسيادة الدول الفردية.
    العمل لتحقيق خطاب عالمي يفيد ريادة هذه الأمة وسعيها للصدارة
    لتحقيق خطاب عالمي يفيد ريادة الأمة الإسلامية وسعيها للصدارة، يجب أن تكون هناك جهود متكاملة تشمل عدة جوانب، من بينها:

• التعليم والبحث العلمي: يجب الاستثمار في التعليم والبحث العلمي لتطوير المواهب والقدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وهذا يشمل توفير بيئة تعليمية محفزة وداعمة للمبتكرين والرواد.
• تعزيز ريادة الأعمال: يجب توفير الدعم والتشجيع لريادة الأعمال والابتكار في الأمة الإسلامية، من خلال توفير البنية التحتية والتمويل والمساعدة الفنية للشركات الناشئة والمبتكرين.
• تعزيز الثقافة الريادية: يجب تعزيز الثقافة الريادية والابتكارية في المجتمع الإسلامي من خلال التثقيف والتوعية وتشجيع الروح الريادية والاستعداد للتحديات والمخاطر.
• تعزيز التعاون الدولي: يجب السعي للتعاون والتبادل مع الدول الأخرى في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، وبناء شراكات دولية تعود بالفائدة على الأمة الإسلامية وتعزز مكانتها العالمية.
• تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية: يجب أن تكون الريادة مبنية على قيم إنسانية وأخلاقية قوية تعزز التعاون والتضامن وتساعد على بناء مجتمعات قوية ومزدهرة.
• التواصل والإعلام: يجب العمل على بناء خطاب عالمي قوي يعكس التنوع والتميز في الأمة الإسلامية ويبرز مكانتها ودورها الإيجابي في العالم، ويسهم في تعزيز الثقة بالنفس والتفاؤل بالمستقبل.
• من خلال هذه الجهود المتكاملة، يمكن تعزيز ريادة الأمة الإسلامية وسعيها للصدارة في مختلف المجالات وتحقيق تقدم وازدهار شامل لشعوبها.
في ظل سعي الغرب والصهيونية العالمية لمنع التكتلات القوية أو نهوض الدول.. و مسعى التوحد والاندماج أو التعاون بين دول منطقتنا سيتعرض للتفشيل والإحباط.
وما هي وسائل تفادي ذلك؟!..
في ظل سعي الغرب والصهيونية العالمية لمنع التكتلات القوية أو نهوض الدول، من الممكن أن يتعرض مسعى التوحد والاندماج أو التعاون بين دول منطقتنا للتفشيل والإحباط. يمكن أن تتبع هذه القوى سياسات وإجراءات تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتقويض الجهود التكتلية لتحقيق الصدارة والتقدم.
لتفادي ذلك، يمكن اتخاذ العديد من الوسائل والإجراءات، من بينها:

التضامن الإقليمي: تعزيز التضامن والتعاون بين الدول في المنطقة لمواجهة التحديات المشتركة والتصدي للضغوط الخارجية المتمثلة في سياسات الغرب والصهيونية.
تعزيز القدرة على الاستقلالية: تعزيز القدرة على الاستقلالية والتنوع الاقتصادي لتقليل التأثير السلبي لأي عقوبات أو ضغوط قد تفرضها هذه القوى الخارجية.
تعزيز الدور الدبلوماسي: استخدام الدبلوماسية الفعالة والمؤثرة للتفاوض والتواصل مع القوى الدولية وتوضيح مواقف الدولة والمنطقة وتعزيز العلاقات الدولية.
تقوية الانتماء الوطني: تعزيز الانتماء الوطني والوعي السياسي والتثقيف بأهمية الوحدة والتضامن الإقليمي في مواجهة التحديات الخارجية.
العمل على بناء التحالفات الدولية: بناء تحالفات دولية قوية تساهم في تعزيز التعاون والتضامن وحماية المصالح المشتركة للدول في المنطقة.
من خلال هذه الوسائل والإجراءات، يمكن للدول في المنطقة تفادي التفشيل والإحباط والحفاظ على جهود التوحد والتعاون بينها من أجل تحقيق التقدم والازدهار.
تكتل الهلال الشيعي سيقف حجر عثرة أمام تكتل المسلمين أو العرب
من الصعب تحديد بدقة ما إذا كان تكتل الهلال الشيعي سيكون عائقًا أم لا أمام تكتل المسلمين أو العرب، حيث إن هذا يعتمد على العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية.
على الرغم من وجود توترات وتحديات محتملة بين التكتلات الشيعية والسنية، إلا أنه يمكن للتعاون والحوار البناء بين الطرفين تجاوز هذه الاختلافات وتحقيق الوحدة والتكتل الإسلامي والعربي.
لتجنب أن يكون التحدي المتوقع مصدرًا للتوترات والصدامات، يمكن اتخاذ العديد من الإجراءات والخطوات، بما في ذلك:
تعزيز الحوار والتفاهم: تعزيز الحوار والتفاهم بين الطرفين لتبادل الآراء وفهم الاختلافات والعمل على إيجاد حلول توافقية.
تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي: تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين الشيعة والسنة لتعزيز الروابط وتخفيف التوترات.
التركيز على القضايا المشتركة: التركيز على القضايا المشتركة والمصالح الوطنية والدينية التي تجمع بين الشيعة والسنة والعمل على حلها بشكل مشترك.
تجنب التدخلات الخارجية: تجنب التدخلات الخارجية التي قد تزيد من التوترات بين الطرفين وتصعّب الحلول.
تعزيز الوعي والتثقيف: تعزيز الوعي والتثقيف بين الشعبين بشأن أهمية التعايش السلمي والتعاون المشترك لتجاوز الاختلافات وبناء مجتمعات مترابطة ومزدهرة.
باستخدام هذه الإجراءات، يمكن للتكتلات الشيعية والسنية أن تتعايش بسلام وتعمل معًا لتحقيق الأهداف المشتركة وتجاوز الصعوبات المحتملة التي قد تواجهها.

واختتم المفكر الاسلامي الدكتور مصطفى التل.. الحوار ببحث متكامل عن هذا الموضوع.. وعنونه..
الدويلة الوطنية التجزيئية في العالم الإسلامي.. الأزمة الشاملة.. محاولة تفكيك وفك اشتباك..

لا ننكر أن العالم العربي والإسلامي بات اسير فكرة الدولة الوطنية , واراق تحت رايتها الدماء أنهراً , وتناسى أن فكرة الدولة الوطنية كانت مرحلة انتقالية من الانتقال من مرحلة الصدمة بعد انهيار دولة الخلافة الإسلامية بعد سيطرة القوميون الاتراك عليها في آخر عهدها , واجبار المسلمين بكل توجهاتهم الى الاستنفار العام لتعديل مسار دولة الخلافة بعد فشل جميع الحلول السلمية مع القوميين الاتراك الذين سيطروا على مفاصل دولة الخلافة , وبين الحفاظ على ما تبقى من هوية هذه الأمة في ظل هجمة استعمارية شرسة لم ترحم أحدا من نير ظلمها , وسياط لهيبها .

هذه الدولة الوطنية كفكرة أصبحت واقعاً مقدساً , عليها يدور محور الوجود , وصيانة الدم والعرض والمال والحياة والكرامة ان وجدت , انتهجت نهجاً مزاوجاً بين قيم الدول الاستعمارية الغالبة ومفاهيمها الشمولية , ونهجها الاقتصادي والسياسي والعقيدة العسكرية الدفاعية والقتالية , وبين نهج العمق التشريعي لهوية هذه الأمة بأسرها , في محاولة منها للمزاوجة بين الواقع المرير للأمة وبين الغالب المسيطر عليها المهدد لها بسيف القهر والذل والتبعية , وقد ساند الدولة الوطنية العقل الجمعي للأمة جمعاء في سعيه نحو اعتقاده بأنه سينعتق من هذه التبعية في يوم من الأيام , ان أحسنت هذه الدولة الوطنية سياسة البناء والاقتراب من عمقها التشريعي لهوية الأمة . ممهدة لما تعلنه هذه الدولة الوطنية انها مجرد لبنة في جدار الوحدة المنشودة للأمة , والعاملة عليه بكل اخلاص وتفانٍ .

ما لم يكن بالحسبان في العقل الجمعي للأمة , ان تياراً تأدلج بأديولوجية خارجية للعالم الإسلامي برمته , كان قد ترسّخ بشكل جذري في مفاصل هذه الأمة , عمل على الإخلاص لفكر الغالب المستعمر لهذه الأمة , وانقلب بين ليلة وضحاها على تراث هذه الأمة وعمقها الوحدوي والتشريعي , آخذاً على نفسه عهداً , بأن ينتج واقعاً جديداً للأمة الإسلامية عجز عنه المستعمر نفسه .

هذه النخبة التي تمسك بمفاصل الدولة الوطنية في العالم الإسلامي , وتفرّخ كل يوم فرخاً جديداً , يتم تهيئته بشكل جذري في مدارس وجامعات وفلسفات العالم المستعمر للأمة الإسلامية , حتى أن أغلبهم لا يحسن نطق اللغة العربية ولا يعلم ما هو العمق التشريعي لهذه الأمة إلا من خلال مناهج تلقاها على يد مستشرقين أو أحفادهم في ذلك العالم السوداوي , ومنه ينطلق نحو العمق التشريعي للهوية برمتها للعالم الإسلامي , ويتطبّع بطابع الحداثة المصطنعة والحضارة المغايرة للعقل الجمعي للأمة .

هذا الواقع أنتج دولة وطنية مأزومة على كافة الصعد الداخلية والخارجية , تحت وطأة التفكيك والانهيار , وصراعات داخلية لا تنتهي على المستوى الفكري والنهج والانسجام والاتحاد الداخلي لهذه الدولة الوطنية , وصلت في أحيان كثيرة الى حروب أهلية داخلية طاحنة أطاحت بهذه الدولة الوطنية في غياهب الجب المظلم .

العلاقات البينية بين هذه الدول الوطنية في العالم الاسلامي , تمتاز بالعزلة والقطيعة التامة بينها , وصلت الى حد الحصار والحروب الطاحنة في كثير من الأوقات , فضلا عن المسارات الدولية التي انغمست بالتبعية التامة للخارج , ورهن مستقبل هذه الدولة الوطنية او تلك وجودا وعدما بالدولة الخارجية , وجعلها محور وجود هذه الدولة او تلك من عدمه .

هذه التبعية الوجودية اشتبكت بالمسارات الثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية , مما اوجد صراعاً ثقافية وجوديا بين هذه الدول الوطنية على المستوى الداخلي , قبل أن يكون على المستوى الخارجي .

هذا الواقع المرير , استفزّ مفكري الأمة الاسلامية وعلمائها بمختلف تخصصاتهم العلمية والانسانية , الى الدعوة الى اعادة النظر في ظروف تشكيل الدولة الوطنية في العالم الإسلامي ودورها العام في اطار الوحدة الإسلامية , والتحديات التي تواجهها , وإعادة النظر في التأسيس العام لهذه الدولة الوطنية في ظل هذا التنافر الظاهر بين العمق التشريعي العام للأمة الإسلامية وأهدافها الرئيسية وبين هذه الدولة الوطنية .

بطبيعة الحال , هذه الأصوات للآن لم يتم الاستماع اليها , بحكم ان الرسمي في هذه الدول الوطنية , يعتقد أن جميع علماء ومفكري الامة الإسلامية هم عبارة عن مجموعة مظلمة رجعية يجب التقليص من تأثيرها , ذلك ان الرسمي يعتبر هؤلاء العلماء من الداخل الإسلامي بمختلف تخصصاتهم هم جزء من الاشكالية العامة التي تواجه الدولة الوطنية الحديثة .

*النشأة المشوّهة والمشبوهة للدولة الوطنية …

مقالات سابقة كنت قد خضت فيها في النشأة للدولة الوطنية في العالم الاسلامي مع تشوّهه, وتم نشرها بحمد الله تعالى , شرحت جزء من هذا التشوّه للوجود , ولكن بالمحصلّة العامة نستطيع تلخيص الأمر بسطور بسيطة .

الدول الاوروبية نشأت على مبدأ الامة التي جُمعت في دولة واحدة , فالأمة الالمانية والامة الفرنسية والامة الجرمانية , هذه الأمم توحدّت خارجيا و أنشأت عصبة الأمم الاوروبية التي تعتبر الرحم الأول لولادة ( الامم المتحدة ) .
الامم الاوربية تقاسمت تركة الدولة الاسلامية فيما بينها , بعد غدر واضح بالعالم الاسلامي , واحتلته برمته , في أشنع هجمة استعمارية على مر التاريخ الاسلامي , واكبرها على الاطلاق .
القضية الجوهرية في نقل تجربة اوروبا على مستوى الدولة بمفاهيمها الاوروبية هي ان كل دولة اوروبية تشكل امة بحد ذاتها , قائمة على اسس جغرافية وحدود , في حين ان العالم الاسلامي الذي يمثّل أمة بحد ذاته , والتي تم نقل المفاهيم الاوروبية اليه على مستوى تشكيل الدولة الوطنية مما أدى الى بالتراجع والتفتيت الداخلي وزيادة النفور والصدام بين ابناء الأمة الواحدة .

على كل حال , تمثلّت التيارات التي تعاملت مع المفاهيم الاوروبية في العالم الاسلامي للدولة الوطنية والمدافعة عنها بتيارين رئيسيين :
التيار الأول: هو التيار المدافع عن الدولة الوطنية لفكرة ( الدولة الأمة ) , بمعنى كل شعب من شعوب هذه الدولة الوطنية الجديدة هو أمة مستقلة بحد ذاتها , تماشيا مع النمط الاوروبي للدولة الوطنية .
التيار الثاني : هذا التيار اختار المسايرة مع النظام الاوروبي في الوقت الراهن للإنشاء والتكوين , واعتبار كل دولة هي قطر في مجموع الامة الاسلامية , وبالإمكان الانتقال منه الى الوحدة الشمولية بعد اكتمال الانشاء والتكوين , بحكم أن الامة لا زالت موحدة ضمن مفهوم الهوية والعمق التشريعي , وهذا التيار فشل فشلاً ذريعا في تحقيق أي نتيجة على المستوى العام , وجميع مشاريعه للآن باءت بالفشل ابتداءً من محاولات فاشلة في التوحد والاندماج إلى ايجاد هياكل فاشلة عديمة التأثير على مستوى الامة مثل ( منظمة المؤتمر الاسلامي ) أو ( جامعة الدول العربية ) وما شابهها من هذه الهياكل غير المؤثرة على مجموع الامة الاسلامية بكافة أقطارها .

التيار الاول وفق مفهوم (الدولة الأمة ) , ساد النمط العام من هذه الدولة الوطنية التجزيئية في جسد الامة الاسلامية , وعلى أساسه تم الانضواء في القانون الدولي ومؤتمراته ومنظماته مثل الامم المتحدة وغيرها .
سيادة هذا التيار في جسد الامة الاسلامية لم يأتي من باب الضغط الاستعماري المباشر فقط , بل لعب الدور الأكبر فيه اولئك الذين تشبّعوا بمدارس اوروبا الفلسفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية , والذين استلموا مفاصل القرار في هذه الدولة الوطنية على امتداد جسد هذه الأمة , بحيث لو نظر الناظر لبيئتهم الداخلية التي يعيشون فيها وسط هذه الامة , لوجدهم متفردون بعادات وتقاليد ونمط عيش وتفكير منعزل تماما عن هذه الأمة وتراثها , وان ادّعوا انهم امتداد لتراث هذه الامة وعمقها التشريعي والهوايّاتي , فنمط عيشهم اوروبي بكل حذافيره , رؤيتهم لهوية الأمة وامتدادها هو امتداد للرؤية الأوروبية لهذه الأمة , علاقاتهم البينية الفردية هو ذات طبيعة اوروبية خالصة , من حيث التصرف والتقليد وانماط التفكير , والادارة الخاصة والعامة , يتمتعون بقدر عالٍ من الانعزالية والتقوقع داخل بيئتهم الخاصة , التي جعلوها حكَماً على مجموع الأمة , ويجب ان تكون الأمة بأسرها تبعٌ لما قرروه أنفسهم أنهم المتفردون به , وهم يمثلون الحقيقة المطلقة لهوية هذه الأمة , وهي تشريعاتها وسياستها العليا الجمعية .

المفارقة الجوهرية بين الدولة الوطنية الاوروبية التي ضمت أمة متكاملة تحت جناح هويتها , والدولة الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي , أن الدولة الوطنية الاممية الاوروبية بنيت على أساس تحقيق الوحدة الداخلية أو ما يعرف بالجبهة الداخلية وتوحيدها وصهرها في بوتقة الدولة التي تمثّل الرسالة العليا لهذه الأمة الاوروبية , وتجاوز التفكيكات الداخلية التي كانت تعصف ببنية هذه الامة الاوروبية من باب المحافظة على اللغة والدين المشترك لهذه الأمة , بما تم التصالح عليه بعد الاضطرابات الحادة في اوروبا بين الكنيسة ونزعة التحرر من سلطتها , وتحصين هذه الامة الاوربية بمجموعة اسلحة قومية للأمة الواحدة تواجه بها الافكار والعقائد واللغات السائدة خلف حدود تلك الدولة الاوربية الاممية , من مجموع بقية الامم الاوروبية ,مع الانفتاح الدولة الأمة الاوروبية , على غيرها من الدول بنفس المنظومة الاوروبية مشروط بالمحافظة على خصوصية كل أمة داخل حدود دولتها .

تم تعميم ذلك النموذج على شعوب الامة الاسلامية , وتم نقله بحذافيره من الرسمي الاسلامي لدول العالم الاسلامي الوطنية , ولكن بتجاهل اللغة المشتركة والغالبة , والدين المشترك , واستبعاد العمق التشريعي والهوية العامة للأمة الاسلامية , وارجاعه للدرجة الثانية.

المنظومة الفكرية للدولة الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي وصلت بانحدارها العام الى جعل العروبة على سبيل المثال مناقضة للمفاهيم الإسلامية الشمولية ( غلاة القوميون العرب ) , وهذا الأمر ادى في النهاية الى منظومة تفكيكية داخل الدولة الوطنية التجزيئية الواحدة على مستوى الجبهة الداخلية على أساس العرق والدين , وهو الاساس الذي كان ولا زال شعلة الصراع في الجبهة الداخلية لهذه الدولة الوطنية على امتداد العالم الاسلامي الشامل والعالم العربي بشكل خاص مع مَن يسمونهم بالمجموعات العرقية الأخرى داخل جسم الدولة الوطنية الواحدة , كما هو حال الصراع بين الكرد والعرب في العراق وسوريا , والصراع بين الأمازيغ والعرب في المغرب العربي , وغيره الكثير .

بالإضافة الى أن هذه المنظومة الفكرية التي جرى تجذيرها في العالم الاسلامي على مستوى الدولة الوطنية الواحدة التجزيئية , حاولت ولا زالت تحاول بكل ما استطاعت أن تعلي منظومات اخرى جزئية داخل الدولة الوطنية الواحدة على منظومة الأمة الفكرية والهويّة التشريعية , كما يجري الآن على قدم وساق اجراء إحلال منظومة الليبرالية والعلمانية بكل اشكالها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الدينية الفردية , مما أدى في النهاية الى اعلاء البراغماتية ذاتها للدولة الوطنية التجزيئية على مفهوم الوحدة الشمولية للأمة وهويّتها العامة وعمقها التشريعي ورسالاتها الأعلى التي تنادي بها جميع الشعوب في هذه الدول الوطنية , فرأينا مناصرة الهند ضد باكستان , ومناصرة اسرائيل نفسها ضد الفلسطينيين في فلسطين من بعض هذه الأنظمة داخل بعض الدول الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي نفسه .

كنتيجة طبيعية لما أسموه ( سياسة الواقع ) هو نشوء دويلات وطنية تجزيئية داخل جسد الأمة الواحد , كلن منها تدعي الاستقلال وأنها هي الأمة بحد ذاتها , ففرضت الحدود في مواجهة الدويلة الوطنية الأخرى , واصبح لهذه الدويلات الوطنية نظمها السياسية المتعددة , ونظمها الاقتصادية , النظم الاجتماعية , الأخلاقية , ورسالاتها العليا , وما يوّحد هذه الدويلات الوطنية التجزيئية داخل جسد الامة الإسلامية هو انتمائها لأحد المعسكرات العالمية خارج جسد هذه الأمة الواحدة , بحكم انضوائها تحت سلطة المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وما شابهه , من منظمات دولية تُجبر هذه الدويلات الوطنية على انتهاج نهج الدولة الأمة في مواجهة الدويلة الوطنية الأخرى والتي هي بدورها مجيرة أن تتعامل مع غيرها من الأمة الاسلامية بحجم ( الدولة الأمة ).

فمن الطبيعي جدا أن تكون علاقات هذه الدويلات الوطنية التجزيئية ببعضها البعض علاقات قطيعة و تعادي , وان تمر هذه العلاقات بالقنوات الدولية الخارجية , وبالتالي قواعد ادارة الصراع والمواجهات بين هذه الدويلات هي نفسها التي تدار بها صراعات الامم الاخرى المنضوية تحت دولة واحدة , ولكن الفرق ان هذه الصراعات الوطنية لهذه الدويلات , موجهة ضد بعضها البعض , بينما قواعد ادارة الصراعات لدى الدول الخارجية موجهة من أمة ضد أمة اخرى .

*الدولة الوطنية التجزيئية والأزمة الشمولية بين التوازن الخارجي والداخلي.

الدولة الوطنية التجزيئية ظلّت تراوح مكانها , في انفصام واضح بين هويتها العامة وعمقها التشريعي ومشروعية وجودها واستمرارها , وبين تطورات متلاحقة داخلياً وخارجياً , فلم تستطع مجاراة تطوّر شعوبها من حيث الوعي بالهوية العامة للأمة الاسلامية والعمق التشريعي , الامر الذي فرض مواجهات متعددة المستويات والطبقات بين أنظمة هذه الدويلات الوطنية وبين شعوبها الرافضة لأي منظومات تفرض عليها من الخارج تكون عنوان مواجهة بين الشعوب وهويتها وعمقها التشريعي , ولم تستطع هذه الدويلات الوطنية مجاراة التطورات الخارجية بحكم ضعفها وتقوقعها على ذاتها , وعدم قدرتها على الوقوف دولياً بدون مساندة دول خارجية لها , على حساب هويتها وعمقها التشريعي , الذي اصطدم مع وعي شعوبها العام , وتململه حول حال هذه الدويلة الوطنية التجزيئية .

فالأطر العامة الدولية التي شكّلت هذه الدويلة الوطنية التجزيئية , والضوابط الدولية والقواعد الآمرة للقانون الدولي ومنظماته , تفرض عليها أن تكون دويلة وطنية أمة , في مواجهة دويلة وطنية أمة أخرى على حدودها , مما أرغمها بالاستمرار بالدفاع عن وجودها واستمراريتها على الرغم من ضعفها الواضح في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية .

الأمر الذي ارغمها عن التخلف إلى الاستجابة السريعة والفاعلة في بناء الدولة ومشروعيتها وتطورها الداخلي , الذي بدوره تخلّف عن وعي الشعوب نفسها والذي كان أسرع تطوراً من الاستجابة الفعلية لهذه الدويلة الوطنية التجزيئية على مستوى العالم الاسلامي برمته .

في النتيجة الحتمية أدى الى تقوقعها عن مجاراة التوازنات الدولية المتسارعة على النطاق الخارجي , والمحافظة على سيادة الدويلة الوطنية التجزيئية بالمفهوم الشمولي , مما أدى الى تعرض الكثير من هذه الدويلات الوطنية التجزيئية الى ضربات خارجية أدت الى اجهاض هذه الدويلة الوطنية وتراجعها الى مستوى الدول الفاشلة على مختلف المستويات , واصبحت مجرد هياكل دولية يتصارع عليها ابنائها من اجل البقاء على قيد الحياة .

هذه الدويلة الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي , وضمن المفهوم الشمولي للدولة الأوروبية الاممية الشاملة , اصبحت مثقلة بعدة تحديات وجودية من حيث مشروعية وجودها , واستمراريتها الداخلية والخارجية , ومن حيث تحديد هويتها العامة وعمقها التشريعي الذي يحكم رسالتها العليا وعنوان وجودها في هذا العالم .

بالعموم نستطيع تقسيم هذه التحديات الوجودية للدويلة الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي الى اربعة تحديات رئيسية , ان لم تستطع الدويلة الوطنية التجزيئية مواجهتها , فسيكون الانحلال والتفكك هو مصيرها:

أولى التحديات: على مستوى البناء الداخلي للدويلة الوطنية التجزيئية:
الحركة الاستقلالية التي استخدمت هوية الأمة العامة وعمقها التشريعي في الجهاد وغيره لتحريك عجلة الاستقلال عن المستعمر , سارت وفق مفاهيم شمولية كانت مبطنة منفصلة عن الشعوب الاسلامية , حيث أنها بنت استراتيجيتها على استراتيجية الغرب وحضارته أو الشرق وحضارته , مبتعدة عن الحضارة الاسلامية وقواعدها البنائية , وتحذو حذو الامم الاخرى المستعمرة لها حذو القدة بالقدة .

النخب التي بنت نفسها خلال فترة الاستعمار المباشر للعالم الاسلامي , تسلّقت على المفاهيم العامة للحضارة الاسلامية والهوية الاسلامية , وبدأ المسلمون يستشعرون الخلاص على ايديهم بحكم انهم الأقدر على أداء ضرورات المرحلة , وسيكونون المُثل العليا في بناء الاجهزة المختلفة للدولة الاسلامية والسير نحو الوحدة المنشودة من خلال مناورات ضرورية مع المستعمِر, بعد مواجهات دامية امتدت على طول امتداد الجسد الاسلامي على رقعته الجغرافية الممتدة , من الشرق إلى الغرب , ومن الشمال الى الجنوب , كلهم يرفعون الاسلام شعارا وحكماً ونظاماً وهويةً , أرخصوا دمائهم تحت رايته في سبيل تحرر العالم الاسلامي من ويلات هذه الهجمة الأشرس في تاريخ العالم الاسلامي بامتداد تاريخه الطويل .

بالمقابل , النخب جذبت اهتمام المستعمر نفسه , وبدأ يركز عليها باعتبارها الأقرب له من الشعوب الاسلامية , وبدأ بالتلميع عن طريق الترهيب والترغيب في آن واحد , واقتنع المستعمر ان هذه النخب هي المؤهلة للسيطرة العامة على المسلمين في مرحلة ما بعد الاستعمار المباشر بعدما أيقن انه لا يمكن الاستمرار باستعماره , وهي اليد الرئيسة في بناء الداخل الإسلامي , والسيطرة على هذه الشعوب المتفجّرة في وجهه .

بدأت مراحل كسب ولاء هذه النخب التي أصبحت متصارعة مع نفسها ومع بعضها البعض , كما ان الوعي لدى هذه النخب بدأ بالنضوج نحو مصالحها الخاصة , اذ انها أدركت ان وجودها على رأس المرحلة المقبلة مرتبط ارتباطاً رئيسياً بالمستعمر نفسه , وبما يقدمه لها من منح وتسهيلات عامة تحت عنوان ( اعادة التأهيل والتشكيل لهذه الدويلة الوطنية ) هذا من جانب , ومن جانب آخر ترسّخ لدى هذه النخب أن بقائها على سدة الأمر ومصالحها لا يستقيم مع مبدأ الوحدة الاسلامية ككل , اذ أن الوحدة ستنتج لزاما نظاماً اسلامياُ حاكماً مركزياً , لن يسمح لمثل هذه النخب بالبقاء في مركزها المؤثر , كهمزة وصل بين الخارج والداخل الاسلامي , وبالتالي سيتم ازاحتها عن المشهد العام لصالح نظام هم يعرفونه جيداً , ويعرفون مدى جديته في ترشيد المصالح والحكم العام , الأمر الذي سيسحب البساط من تحت ارجلهم , ويرجعهم مواطنون عاديون داخل الدولة الاسلامية ككل , لا ميزة لهم ولا تأثير , إلا ما تقرره سيادة القانون الموحد داخل الدولة الاسلامية .

بالعموم , ورثت الدويلة الوطنية التجزيئية بعد حصولها على ما اسمته ( استقلال ) عن المستعمر الخارجي , ميراثاً متأصلاً في النخب التي وضعت نفسها وصية على البناء الداخلي لهذه الدويلات الوطنية المستقلة حديثا عن الاستعمار الخارجي , هذا الميراث عنوانه ( لا نستطيع البناء الداخلي إلا بمساعدة الخارجي ) , مما أوجد اختراقا عظيماً لهذه النخب على مستوى الفكر والاقتصاد والسياسة والاجتماع , وصل الأمر الى المنظومة الفكرية الشمولية والأخلاقية لهذه النخب , الأمر الذي أوجد اقتناعاً عاماً لدى العقل الجمعي لهذه النخب على امتداد العالم الاسلامي ضمن دويلاتهم الوطنية التجزيئية , بأن الدول المستعمرة هي التي تملك الخبرة اللازمة للبناء الداخلي , وان منظومتهم العامة الفلسفية السياسية ومدارسهم هي المعيار الرئيس لهذا البناء الداخلي , والمؤسساتي بكل جوانب الدويلة الوطنية التجزيئية .

النُخب أهملت بالعموم , الشعوب الاسلامية داخل دويلاتها الوطنية , باعتبار أن الارتباط بالخارج هو عنوان الوجود والدعم المطلق , وأن العقل الجمعي لهذه الشعوب الاسلامية لا زال رجعيا مظلماً , ينادي بأنظمة بائدة اسمها ( اسلامية) , ستؤدي حتماً الى مواجهات خارجية طاحنة على المستوى الاقتصادي والسياسي والفكري وحتى العسكري , لا يحمد عقباها لهذه النخب ولمركزهم العام من حيث المصالح الضيقة .

على ذلك جرى اهمال البناء النبيوي الداخلي بين النخب والشعوب الاسلامية , مما اوجد صراعاً ملتهباً دائراً بين هذه النخب وعموم الشعوب الاسلامية , الامر الذي ادى الى تراجع الحركة البنائية الداخلية لصالح هياكل خارجية مهمتها الحفاظ على النخب الموجودة والتمسك بها باعتبارها المدخل الوحيد للولوج للداخل الاسلامي وبقاء السيطرة موجودة , مما يعني استقرار مصالح هذه الامم الخارجية في الداخل الاسلامي ككل , ان استقرت هذه النخب ومصالحها الضيقة في الدويلات الاسلامية الوطنية التجزيئية .

بالنتيجة العامة , لم تعمل تلك النخب المسيطرة على القرار في دويلات العالم الإسلامي الوطنية على تشكيل نظم سياسية قادرة على حشد قوة المجتمعات . وهي لم تنجح في إحداث تنمية مستقلة. وفي حين ظهرت حركات شعبية تطرح المحتوى الحضاري للاستقلال (لا السياسي فقط) وجرى الصدام الدامي معها ، وكانت في أغلبها حركات نخبوية. غير أن السنوات الأخيرة، شهدت تنامياً في دور حركة الشعوب للعودة للهوية والعمق التشريعي للأمة ، كما حدثت اختراقات واسعة في بُنى المجتمعات الثقافية والمذهبية (دولياً وإقليمياً)، واندلعت حركات تمرد في المجتمعات، كما حدثت نشاطات تفكيكية، وهو ما جعل تلك الدول في وضع حرج أو خطير.

ثاني التحديات: السيادة الفعلية للدويلة الوطنية التجزيئية في العالم الاسلامي .
الدويلة الوطنية التجزيئية على امتداد العالم الاسلامي , كانت منقسمة بالنسبة للوضع الدولي بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي , كل نظام سياسي في تلك الدويلات الوطنية التجزيئية , يتبع احد المعسكرين , ويناصب الدويلة الوطنية التجزيئية الاخرى العداء , وان كانت مشتركة بالحدود معها , حسب انضوائها تحت أحد المعسكرين , اختلفت الدويلات الوطنية التجزيئية في استجاباتها للمعسكرين الشرقي والغربي وتضاربت المصالح والرسائل العليا لكل دويلة وطنية على امتداد العالم الاسلامي.

خلال الحرب الباردة انقسمت المواقف والاستجابات , وأصبحت كل دويلة وطنية تقع فعلياً تحت حماية قطب من أقطاب الحرب الباردة , تأتمر بأوامره , وتنتهي بنهيه وتتأطر بسياسته وفلسفته الشمولية الوجودية , فما كان إلا زيادة الصراع بين الدويلات الوطنية على امتداد العالم الاسلامي , ولكن في نهاية الحرب الباردة , تم خلط الأوراق وتناثرها , وأصبحت جميع الدويلات الوطنية في خطر شديد , من حيث السيادة الوجودية لأي دويلة وطنية على امتداد العالم الاسلامي برمته .

مفاهيم العولمة بعد الحرب الباردة , لعبت الدور الحاسم الخطير على تلك الدويلات الوطنية , اذ اعتبرها المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة القطب الواحد للعالم , فرصة سانحة لإعادة تشكيل تلك الدويلات الوطنية التجزيئية , من حيث البنى العامة لمفهوم تلك الدويلات وتوجهاتها والانظمة السياسية فيها مع الاقتصادية والاجتماعية مرروا بالمنظومة الفكرية العامة , مبنية على مقولة ( نهاية التاريخ ) , واعتماد الليبرالية الغربية كمفهوم وحيد أوحد لتلك الدويلات الوطنية .

صندوق النقد الدولي , البنك الدولي , منظمة التجارة العالمية , ادوات المعسكر الغربي في اعادة تشكيل مختلف القوالب العامة للبنى الاقتصادية لهذه الدويلات الوطنية داخل العالم الاسلامي , واخضاعها للمصالح الاقتصادية تحت نماذج غربية صرفة , كما كان ولا زال للثورة التكنولوجية والرقمية والتي تخلّفت عنه تلك الدويلات الوطنية , الدور الأبرز في انهاء مفهوم السيادة للدولة المستقلة لتلك الدويلات الوطنية , سواء على اقتصادها أو مجتمعها أو منظومتها الفكرية العامة , بل تعدت على وجودية تلك الدويلة الوطنية التجزيئية .

الدويلات الوطنية , كان لها هامش مناورة , باعتبار ان العالم منقسم لقطبين متكافئين , ولكن هذا الهامش انتهى بانتهاء الحرب الباردة , مما عرّى هذه الدويلات الوطنية امام شعوبها , وأظهر عجزها التام عن صيانة سيادتها الوطنية , وللحق , فإن الدويلات الوطنية التي كانت تحت حماية وادارة القطب الشرقي , هي الدويلات التي وقعت تحت ضغط هائل لإعادة تشكيل بُناها وقوالبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومنظومتها الفكرية الشمولية حسب الديمقراطية الليبرالية الغربية , مع ضغط مماثل على تلك الدويلات الوطنية التي كانت واقعة تحت حماية القطب الغربي وادارته .

توّج القطب الواحد جهوده , بالسماح لنفسه بالتدخل العسكري الجبري في اجبار تلك الدويلات الوطنية على امتداد العالم الاسلامي , على تطبيق قواعد الديمقراطية الليبرالية الغربية , بمفهومها الشامل لجميع اركان مفاصل تلك الدويلات الوطنية , وبُناها الأخلاقية والاقتصادية والسياسية والمنظومة الفكرية العامة لتلك الدويلات الوطنية.

التدخل الدولي الخارجي في شؤون هذ الدويلات الوطنية الداخلية , اصبح هو الأصل لا الاستثناء , مما أنهى مفاهيم السيادة التقليدية على اقليمها وحقوقها في مدى حريتها في تشريع قوانينها الداخلية , وتنظيم السلطات الثلاث فيها من السلطة التنفيذية الى السلطة التشريعية وليس انتهاءً بالسلطة القضائية , وانهى حريتها النسبية في تحديد نظامها الاقتصادي الداخلي , واصبحت مجرد هياكل لدويلات وطنية فارغة المضمون من حيث ماهية الدويلة الوطنية على امتداد العالم الاسلامي .

التحدي الثالث : العلاقات البينية بين هذه الدويلات الوطنية منعزلة , وعدم قدرتها على تشكيل منظومة فاعلة على المستوى الخارجي فضلاً عن المستوى الداخلي .

الدويلات الوطنية المختلفة على امتداد العالم الاسلامي وظروف نشأتها في ظل حركة تفكيكية تحت ظل عوامل أكبر من قدرتها وارادتها , ومدى تعلقها وارتباطها العضوي في النظام العالمي واقطابه , وتحت وطأة استيراد مفاهيم شمولية كانت الارضية العامة لتشكّيل هذه الدويلات الوطنية , مع التجاور مع بعضها البعض , بالتزامن مع انقسام حاد في الانتماء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمنظومة الفكرية الشمولية بين الشرق والغرب , اصبحت هذه الدويلات الوطنية على امتدا د العالم الاسلامي في حالة صراع دائم , وعجز مستحكم لتشكيل أي منظومة فاعلة بينها .

تعمّقت الحالة في ظل الحرب الباردة بين الشرق والغرب , مما انعكس على مصالح تلك الدويلات الوطنية من خلال تعارض افكارها وسياساتها ومنظوماتها الفكرية في كل شيء , الامر الذي أبقى على حالة التعمّق العام في هذا الانقسام بعد انتهاء الحرب الباردة لدى النُخب في تلك الدويلات الوطنية المنتشرة في جسد هذه الأمة الواحدة .

محاولات متعددة جرت لجمع تلك الدويلات الوطنية في هياكل اشبه ما تكون دولية مستقلة لرسم سياستها ونظمها الداخلية وتحديد رسالاتها العليا , تحكم علاقاتها الخارجية والداخلية , إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع , نتيجة تصارع النُخب في تلك الدويلات , ومحاولة تجيير هذه الهياكل لصالح هذه النُخب حسب توجهاتها الفكرية الشمولية والتي انقسمت بين نظام شرقي وغربي , ومصالح مرتبطة ارتباطاً عضويا بدول كبرى تُشكل بالمجموع العام النظام الدولي القائم , مع تزاحم مفرط حول مَن هي الدويلة الوطنية التي تمثّل هذه الدويلات الوطنية في علاقات العالم الاسلامي الخارجية والداخلية .

الامر الذي ابقاها على هامش العالم , متلقية للتعاليم والأوامر العالمية في تشكيل مختلف بُناها العامة الهيكلية والتنظيمية الداخلية, بعيداً عن هويتها العامة ومرجعيتها العليا , مستمرة بالصدام القاتل مع شعوبها , مما استنزف ما تبقى من هذه الهياكل الدولية المسماة بالدويلات الوطنية في العالم الاسلامي .

التحدي الرابع : التكتلات الدولية الكبرى وسياسة الأحلاف المتشكلة حديثاً:
بينما تتشكل تكتلات دولية كبرى , وتحالفات استراتيجية على مستوى العالم أجمع , انشغلت هذه الدويلات الوطنية على امتداد العالم الاسلامي في احتمالات تفككها وتهديدها على المستوى الوجودي في هذا العالم.
كثير من الدول الفقيرة نهضت واصبحت اقطابا اقليمية او دولية أوجدت لها موطئ قدم على المستوى الدولي لتحقيق مصالحها ورسالتها العليا , في تعزيز مفهوم شمولي للاستقلال والقدرة على المواجهة الشاملة , وهي ظاهرة تتوسع يوماً بعد الآخر , في اتجاه واضح عالمي نحو تعدد الأقطاب العالمية .
وسط هذا السير الحثيث لدول العالم نحو الأحلاف وبناء تكتلات عملاقة دولية , لا تزال الدويلة الوطنية في العالم الاسلامي عاجزة عن السير قدماً في هذا الطريق الذي أصبح طوق النجاة لها من التفكك , بل كثيراً من هذه الدويلات الوطنية التحقت بأحلاف عالمية قائمة فعلاً , في إعادة لمشهد الحرب الباردة الى الأذهان , امعاناً في الخطوة التفكيكية على مستوى العالم الاسلامي , دون القدرة على تشكيل أي تكتل لها يحفظ لهذه الدويلات الوطنية أي استقلال أو سيادة فعلية على أراضيها وانظمتها الداخلية فضلاً عن قدرتها في التأثير العالمي .
الدويلة الوطنية في العالم الاسلامي , لم تستطع اغتنام فرصة الاضطرابات العالمية التي حدثت في فترة الانتقال من الحرب الباردة للقطب الواحد في محاولة الانعتاق من السيطرة للشرق أو الغرب عليها لإجراء محاولة تقارب بين هذه الدويلات , ولم تغتنم فرصة العولمة التي انتقصت من سيادة هذه الدويلات الوطنية على امتداد العالم الاسلامي , لتشكيل هياكل تجميعية تحمل طابع دولي لتُشكل فعالية عالمية في عالم مضطرب .
بل جاء الامر صادما , بحيث اتجهت هذه الدويلات الوطنية الى اعلان الحرب على بعضها البعض , والزحف على أراضي بعضها البعض , مثل احتلال العراق للكويت , بينما هذه المرحلة شهدت تطورات كبرى على الساحة الاوروبية والتي توّجت ببناء نظام أوروبي موحد , يحتل موقع الفاعلية العالمية .

وشهدت هذه المرحلة كذلك تصاعد قوة الدولة الوطنية الأمة على المستوى العالمي مثل الهند والصين والأرجنتين والبرازيل وجنوب افريقيا , وروسيا نفسها العائدة بقوة للمشهد العالمي .
جميع تلك القوة العالمية العائدة للمشهد العالمي عادت الى هويتها الحضارية وعمقها التشريعي العام , فروسيا عادت من باب هويتها الوطنية التي مزجتها بالأرثوذكسية الشرقية , والهند قامت على هندوسيتها التي مزجت جميع الهند بطابعها العام , وجعلتها معيارا لقوة الدولة الوطنية الامة , ولو ادى ذلك الى الصدام مع المسلمين وغيرهم داخل الهند نفسها , المهم عند الهند هو عمقها التشريعي والهوية العامة للدولة الوطنية الأمة , والاتحاد الاوروبي عاد من بوابة اليمين بمختلف انتمائهم المذهبي والعقدي والديني , تحت ظل الدولة الأمة .

*إعادة التأسيس والتفكيك للدويلة الوطنية الإسلامية بين الخارج والداخل :
خلال العقدين الماضيين تتلخص مجريات الاحداث داخل العالم الاسلامي في قاعدة ( اعادة التأسيس والتفكيك ) , في مختلف النظم الحاكمة من داخلها نفسها من خلال اعادة تموضعاتها العامة ومركزها داخل الدويلة الوطنية , أو على المستوى الاقتصادي متزامن مع الاجتماعي والأخلاقي , متضافر مع السياسي , وصولاً للمنظومة العامة للفكر العام للأمة الاسلامية , على مختلف الصٌعد الرسمية والشعبية , مما انعكس على الحراك الخارجي للدويلة الوطنية على امتداد العالم الاسلامي.

النخب بما فيها تلك الحاكمة وما يدور في فلكها من مختلف المستويات في هذه الدويلات الوطنية , تتحرك لإعادة التشكيل استجابة للضغوطات الغربية المتمثلة بالنظام الديمقراطي الليبرالي .
بينما الشعوب الاسلامية تبحث عن اعادة التأسيس من خلال محاولة اعادة التفكيك لتجد موطئ قدم لها في سعي عام محموم نحو الهوية والمرجعية العليا العامة المتمثّلة في العمق التشريعي الحافظ لهذه الشعوب هويتها وحضارتها وتميّزها في نظمها العامة عن الخارج , في وقت يسعى الحراك الخارجي الليبرالي الى اعادة التأسيس عن طريق اعادة التفكيك لإيجاد كيانات جديدة ليبرالية من خلال اعادة انتاج شمولية للمنظومة الفكرية العامة على مختلف الصعد الداخلية للدويلة الوطنية الاسلامية .

هذه التفاعلات والحراكات المستميتة لإعادة التفكيك والتأسيس على المستوى العام للدويلة الوطنية على مستوى العالم الاسلامي , يطرح عدة قضايا جوهرية , ستحكم مصير هذه الدويلات الوطنية الاسلامية في المرحلة القادمة من حيث المصير الوجودي لها , وطريقة تفاعلها العالمي والمحلي , وهي بالإجمال:

– مشروعية وجودية لهذه الدويلات الوطنية الاسلامية بمختلف توجهاتها العامة الفكرية والمنظومة العامة لتشكلاتها الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية , ومظلة هذه المشروعية من حيث المرجع الأعلى للشعوب الاسلامية وهويتها العامة , حيث بدأت هذه الدويلات الوطنية بمواجهة مصيرية بينها وبين شعوبها بدأت نذرها تطل برأسها على هيئة تمردات عامة على المنظومة العامة للدويلة الوطنية الاسلامية على امتداد العالم الاسلامي , وصلت ببعضها الى حافة الحرب الأهلية الداخلية , بينما دويلات وطنية أخرى آخذة بالتفكك الفعلي , منفصلة الى كيانات جديدة كانفصال جنوب السودان عن شماله , الامر نفسه الآن يجري في أندونيسيا .

– المؤسسية في بناء أجهزة الدويلة الوطنية الداخلية من خلال المرجعية العليا للهوية العامة لهذه الدويلة الوطنية على امتداد العالم الاسلامي , والقدرة على ترسيخ التطوير لهذه الأجهزة بناءً على استراتيجية معمقة ضمن خطط تنفيذية قادرة على التطبيق الفعلي للتطوير على المستوى الداخلي والخارجي, اذ عانت هذه الدويلات الوطنية على مدار وجودها من عدم القدرة على بناء وتطوير مؤسسي في أجهزتها الداخلية , مما أدخلها في اضطرابات قاتلة مهددة وجودية هذه الدويلات الوطنية بشكل فعلي .

– هوية الدويلة الوطنية على امتداد العالم الاسلامي , وعلاقة هوية الدويلة الوطنية مع هوية المجتمع القائم في هذه الدويلة الوطنية , بما ينسجم مع مضامين استقلال حضاري متفرد عن غيره الخارجي , منبثق من هذه الهوية وعلاقتها بالمجتمع سياسات واستراتيجيات عامة ضمن منظومة موحدة من حيث الهوية العامة منسجمة مع المرجع الأعلى لهوية المجتمع نفسه الحضارية والتشريعية , اذ أن هذا الأمر هو عنوان المرحلة الراهنة في ظل التحولات العالمية الجذرية , اذ حالة الهوية العامة للدويلة الوطنية في العالم الاسلامي أصبحت اساساً في تحديد الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمنظومة الفكرية العامة التي تنطلق منها هذه الدويلة الوطنية في العالم الاسلامي لتحديد أهدافها العليا التي تعمل على تحقيقها على النطاق الداخلي والخارجي على حد سواء .

زر الذهاب إلى الأعلى