حديثي للشرفاء.. وأعلم أن بعض الفاسدين سيقرأون..
محمود الدباس _ أبو الليث..
لا تكاد مناسبة تمر على غالبيتنا الا ويتم ذكر حادثة او حوادث فساد.. فساد مالي او اداري او اجتماعي او اي من انواع هذه الآفة العفنة..
فمن اسمها لمرتكبيها نصيب.. فهي فساد وعفونة ونتونة وخزي وخسة وانحطاط ودناءة وبعدٌ عن الإيمان والاخلاق وعلة ومرض..
حدثني صديق من احدى الدول التي يرتع فيها الفاسدون.. انه وفي احدى مشاريع حوسبة لمؤسسة رسمية.. وبحكم الاطلاع على الانظمة واللوائح.. جلب انتباهه بند للسفرات الرسمية.. حيث ينص على انه يعطى رئيس تلك المؤسسة مصروف جيب يومي بمقدار 250 دولار.. ويعطى 1000 دولار اذا سافر بصفة رئيس وفد.. وقال بانه قرر البحث اكثر.. فبحث في السجلات المالية لسنتين سابقتين.. فوجد ان ذلك الرئيس لم يغادر البلد الا بصفة رئيس وفد.. حتى لو اصطحب معه مدير مكتبه او المراسل..
وتابع بقوله.. انه تواصل مع صديق له في جهة تعنى بمكافحة الفساد تشبه هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في بلدنا.. واخبره بذلك.. فرد عليه.. ان هذا الامر معروف جدا ومنذ زمن.. ولكن من الصعب او المعيب ان نخاطب مؤسسات مرموقة في دول كبرى لنستفسر عما اذا كان من ضروري ان يحضر ذلك المسؤول على رأس وفد او منفردا.. والمصيبة ان يظهر عند السؤال انهم لا يعلمون انه جاء بوفد اصلا..
من هنا اقول بأنه اصبح ليس من العبث ان يتم الحديث عن اي امر فساد ومحاولة كشفه وتسلبط الضوء عليه.. لا بل من مضيعة للوقت والجهد وتحطيم للنفسية بالاضافة الى مناصبة العداء للكثيرين من المنتفعين من هذه الامور.. وذلك لحماية وتحصين حالات الفساد والفاسدين انفسهم بالكثير من الامور القانونية.. وبالتالي ليت الامر سيتوقف عند “تيتي تيتي”..
فالفساد المالي بعيد كل البعد عن السرقة مثلا.. لان السرقة تكون بطريقة بدائية ومن السهل كشفها واثباتها والامساك بفاعليها.. وتقديمهم للقضاء..
بينما الفساد يكون محميا بانظمة وقوانين وقرارات للجان مختصة محكمةٍ ودقيقة ولا يمكن الطعن فيها.. فمن يقرها يكون على دراية تامة بكيفية تعامل اجهزة الرقابة مع هكذا فعل.. بحيث لا يمكنها النفاذ اليهم بالشكل القانوني.. والانكى من ذلك فقد يقومون وبكل صلف ووقاحة باتهام من نبش عش دبابيرهم بانه يقدحهم او يذمهم او يتبلى عليهم.. وانهم هم الشرفاء الاتقياء الانقياء المتفانون في خدمة الوطن والساهرون على مصلحته.. ومن نعتهم بالفساد وسلط الضوء عليهم.. هم الذين لا يريدون الخير والاستقرار للبلد.. ويسعون لاثارة القلاقل والفتن.. ويصطادون بالماء الفساد..
دائما ما اكرر واقول.. بان الفساد منظومة..
من الصعب الامساك والاستفراد بمكوناتها.. حتى وإن كنتَ معتقدا بوجود فسادهم كدرجة اعتقادك بوجود الشمس والقمر.. فانك ستجد بدل الدليل الف دليل على وجود الشمس والقمر..
الا انك لن تجد دليلا واحدا على فساد منظومة فساد واحدة..
فميزتهم انهم.. يغطون بعضهم.. ويدافعون عن بعضهم.. ويحمون بعضهم.. ولا يُفرِّطون ببعضهم.. ولا يبتعدون عن بعضهم.. ويزكون بعضهم.. فبعضهم متلاصق ببعضهم..
حتى اصبحوا بعضا من بعضهم..
في الختام اضع هذا السؤال..
في ظل هذه الممارسات المحكمة.. والتي يشاهدها ويسمع فيها المثيرون في مختلف دول العالم.. هل سيتوقف شرفاء العالم عن تسليط الضوء على مَواطِن الفساد في بلدانهم خوفا من الوقوع في شراك الفاسدين؟!..
ام انه سيأتي اليوم الذي يتم الامساك بهم بقرار سيادي غير تقليدي.. ويتم استضافتهم في منتجع “ابو سبع نجوم” ومحاسبتهم واعادة كل ما اخذوه وحتى اجرة الاستضافة في المنتجع.. غصبا عن انوفهم؟!..