بدل ان يكون مديحاً.. انقلب ذماً..
محمود الدباس – ابو الليث..
بينما كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في معتكفه.. كانت عنده زوجته صفية.. فخرج ليودعها.. فرآهما رجلان من الانصار.. فأسرعا في السير.. فهرع اليهما الرسول الكريم.. وقال لهما “إنها صفية بنت حيي”..
من هذا يعلمنا الرسول الكريم ان الشيطان يجري في الانسان مجرى الدم.. وعلى الرغم من مكانته وعدم شكهما فيه.. إلا انه آثر ان يخبرهما بمن هي.. حتى لا يقع الظن في نفسيهما..
في الماضي كانت العلاقات المنفتحة وخصوصا بين الجنسين شبه مقطوعة.. فكان الظن لا يتسلل الى النفوس الا اذا كانت بوادر الامر جلية واضحة..
اما في زماننا هذا.. ولكثرة الاختلاط بين الناس.. وطبيعة العمل التي اجبرت الناس للتعامل المباشر بينهم.. فقد يختلط الامر على الكثيرين..
من هنا وجب على الجميع التعامل بنوع من الحذر غير المبالغ فيه.. ولا المتصنع الذي يرقى الى حد التمثيل او التكلف..
فحتى في التعامل بين الجنس الواحد.. لماذا لا يكون للشخص كيانه وشخصيته وطبيعته التي يعرفه بها الجميع.. الامر الذي يمنع عنه القيل والقال.. وإن حدث ان ذكره احد بسوء.. فسرعان ما تجد من يدافع عنه في غيبته..فما بالنا لو كان ذات الامر بين الجنسين؟!..
ذكر لي احد الاصدقاء.. ان زميل له يتعامل مع الجميع على نفس الطريقة.. وانه لا يميز بين اي من زملائه من كلا الجنسين في التعامل الرزين الموزون.. حتى في سلامه وكلامه ووقفاته وتشكراته وطلباته ومعايداته وتعازيه..
وفي احد الايام ذكر احدهم سيرة هذا الزميل.. وانه على مسافة واحدة من الجميع.. وانه صورة جميلة للتعامل الواضح.. وانه غير عاتب عليه لانه لم يتصل ليطمئن عليه حين عمل حادث سير.. واثنى معظم الحاضرين على هذا الكلام..
فما كان من احدى زميلاتهم الحاضرة الا ان قالت كيف ذلك؟!.. انا عندما رقدت على سرير الشفاء كان يتصل بي يوميا ويطمئن على سلامتي.. ويبعث رسائل.. وقالت اخرى وانا ايضا في ايام الاعياد يبادلني التهاني والاتصالات.. واحيانا اذا رأني يحاول ان يسأل عن احوالي..
هنا كانت المفاجأة للجميع.. بأن هذا الزميل الراقي في التعامل.. والذي يتعامل مع الجميع بنفس الاسلوب.. فضحته جلسة كان اساسها مديح له.. فانقلبت كاشفة له.. على الرغم من ان تصرفاته قد تكون مبررة مع زميلتيه ولظرف محدد او انساني..
إلا ان سمته التي عود الجميع عليها.. جعلت من هذين الاستثنائين نقطة سلبية ومحل استغراب.. ولو ان غيره من قام بذلك التصرف لما ذكره احد.. لانه معتاد على ذلك مع الجميع..
في الختام علينا ان نتعامل بالقاعدة النبوية “رحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه”.. وذلك بتجنبنا مواضع وافعال قد تجلب الينا سوء الظن.. ولنكن مع من هم حولنا على مسافة واحدة.. ومن نريد الاقتراب منه اكثر.. فلينعلمه ان مكانته مختلفة عن الاخرين..