موظفو “الواق واق” يلاحقونني في أحلامي..
محمود الدباس – ابو الليث..
يريدوننا ان نعطي ليس فقط ما نستطيع.. وانما فوق طاقتنا.. وهم لا يقومون بجزء يسير مما هم مسؤولين عنه.. وعند مطالبهم تفتح خزائن قارون.. وعند مطالبنا البسيطة نصبح مَن تسبب في ضياع المقدرات..
هذا ما رايته في حلم الليلة بعد صلاة الفجر.. حيث قاله مجموعة من إحدى مؤسسات بلاد الواق واق التي تئن من الواسطة والمحسوبية والشللية وغياب الادارة الواعية الرشيدة عن دورها.. وانكفائها على التركيز لتسخير المؤسسة لكسب اكبر قدر لمصالحها الشخصية..
الامر الذي دعاني لكتابة هذا الموضوع..
في كل نظريات الادارة يكون التركيز على كيفية جعل الموظف في اعلى مستويات العطاء.. وكيف يمكن استغلال طاقاته العقلية والجسمية في تحسين جودة وكمية الانتاج او الخدمة للمؤسسة.. واهم ما تركز عليه نظريات الادارة في مختلف الازمان هو الانتماء للمؤسسة لكي يكون العطاء امرا ذاتيا غير مربوط بظروف المؤسسة الاقتصادية..
وفي عصرنا الحديث ظهر مفهوم القيادة التحويلية.. وهي مفهوم اداري يسعى لتحقيق كامل اهداف الادارة بطرق فعالة.. وبالتالي رفع مستوى الموظف والمؤسسة على حد سواء..
حيث استطيع تعريف القيادة التحويلية بأنها الاسلوب الاداري لجعل المرؤوسين يخرجون اقصى ما لديهم من اجل التطوير والابتكار.. وليس الاستقرار..
فتجد المدير القائد يسعى بكل ما بوسعه لتطوير قدرات المرؤوسين من خلال التدريب الممنهج لكل ما هو جديد.. وخلق الحافز الذي يجعل الموظف يقوم باداء دوره على اعلى وجه.. ويعزز مبدأ الثواب والعقاب بشكله الشفاف والفعال.. وبالتالي تجد المؤسسة تعمل بتناغم من اجل العمل على التطوير والابتكار وعدم الثبات على حالها.. فيتم خلق بيئة عمل متطورة ومتجددة جاذبة للجميع.. بعيدة عن الروتين والثبات القاتل..
وبنظرة سريعة لما حولنا.. نجد ان دولا قامت وازدهرت وتقدمت بتطبيق هذا المبدأ القيادي على كافة مستويات الدولة.. فكان المدير القائد يسعى بكل ما لديه للصالح العام.. وبث روح الفريق بين افراد مجموعته.. وغرس مفهوم النجاح والمكسب للجميع.. ومحاربة الأنا بكل اشكالها.. وعدم الاستئثار بنصيب الاسد.. وترك الفتات -إن ترك فتات اصلا- لغيره..
وللاسف الشديد نجد في بعض الدول التي تتغنى بوضع الخطط والأهداف للترقى وتسابق غيرها.. ليتها فقط لا تقوم بأقل القليل من هذه المبادئ.. وانما تعمل على العكس تماما من ذلك..
فتركز كل التركيز على بعض المدراء ممن لهم السند وتربطهم علاقات متينة مع مسؤولين كبار واصحاب نفوذ لاستصدار قرارات واستثناءات لهم في وضح النهار.. ورغما عن كل اجهزة الرقابة واقلام وألسُن الشرفاء..
ويتم ترقية من لا يستحق الترقية.. ويتم تهميش من عنده حب العمل والانتماء الفطري له..
ويتقدم الركب المنافقون.. وكل من يطأطئ رأسه ويغمض عينه عن افعال مديره..
ويتم خلق طرق واشكال من التنفيعات للمحسوبين لم تخطر على بال ابليس وهو في غاية السلطنة..
وبعد هذا كله.. يريدون من الموظف الذي يطالب بزيادة مرتبه عشرين دولارا مثلا.. ويتم الرد عليه بان الوضع المادي لا يسمح.. وان المؤسسة بالكاد تسير اعمالها.. ان يعمل ويجد وينتمي ويبتكر ويضحي..
وبالمقابل يشاهد بأم عينه مديرا لا يلتزم بدوامه.. ولا يبتكر ولا يطور من نفسه ولا من موظفيه.. وعلى العكس تماما تجد الترهل في ادارته.. والتراجع في مستوى موظفيه وانتاجيتهم جراء ضعفه المهني والاداري.. وعدم اكتراثه بعمله لانشغالاته الخاصة.. وتتم زيادة راتبه بحوالي الضعف.. وبقدرة قادر يتم ايجاد المخصصات لهذه الزيادة.. والتي لا تؤثر على الوضع المادي الصعب لتلك المؤسسة..
اختم بقول رب العزة..
“احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)”..