ملكة الكيمياء و سيدة السموم
الشاهين الإخباري – عَرين أبو شاهين
وضح الباحثون كيف واكبت أجاثا كريستي خلال مشوارها الكتابي الممتدّ أكثر من خمسين عاماً، التغيّرات الهائلة في صناعة الأدوية، حيث تراجع استعمال مركبّات الستركنين والزرنيخ طبياً، وازداد الاعتماد على وصفات الباربيتورات بشكل كبير، حيث اختارت في روايتها الأولى سمّاً يتكون من ثلاثة مركّبات كيميائية وليس واحدا.
أظهرت أجاثا كريستي معرفة كيمائية واسعة خلال عملها في صيدلية بأحد المستشفيات في جنوب انجلترا خلال الحرب، فعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية تطوعت أجاثا للعمل في قسم الصيدلة في أحد مستشفيات الحرب التي أعدتها الحكومة البريطانية لجنودها الجرحى، ومَنَحها هذا العمل معرفة وخبرة بالعقاقير والسموم استفادت منها في رواياتها.
زجاجة سّم “غريبة” كانت أهم أدواتها لصنع جريمة مثالية ولغز يحيّر القراء والنقاد على حد سواء، كانت “القضية الغامضة في ستايلز” بداية لمهنة طويلة و ناجحة بلا شك.
استخدمت الروائية سم الستريكنين في حبكة روايتها الأولى “قضية ستايلز الغامضة” وذكرت كريستي : كان ذلك خلال فترة عملي في الصيدلية، قفز إلى مخيلتي كتابة رواية بوليسية وأن عملي الحالي يوفر الظرف والفرصة المناسبة، لاسيما بأنني محاطة بأنواع مختلفة من السموم.
كانت تحضر أسرار هذه الرواية في مختبر كيميائي، حتى أنها تشكّل نموذجاً مثالياً ليدرسه طلاّب الصيدلة، حيث اهتمامها بأدق التفاصيل قادها إلى كتابة حبكة متقنة، ولكنها راكمت في الوقت نفسه كتيباً يساعد العديد من القتلة المحتملين في ارتكاب جرائمهم.
كما استخدمت أيضاً الزرنيخ في قصّتها التي تحكي عن لوك فيتزوليم “محقّق الشرطة” الذي عاد إلى بلده بعد مهامّ عمل شاقة خارج البلاد، ويلتقي بالصدفة في رحلة العودة بسيدة عجوز تقيم في قرية هادئة من قرى الريف، وتخبره بأنها في طريقها للإبلاغ عن قاتل مجنون يعيث فسادًا في قريتها الهادئة، لم يكترث كثيرًا “لوك” بما قالته، مخمّنًا أنها أوهام وتخيلات سيدة عجوز لا أكثر، ولكنه يُفاجأ بمصرع هذه السيدة في اليوم نفسه تحت عجلات سيارة مسرعة، بل والأكثر أنّه يكتشف وجود عدة وفيات غامضة في نفس العام في هذه القرية، لذلك يُقرر أن يستطلع على الأمر بنفسه فيصطدم بالعديد والعديد من المفاجآت المذهلة التي لم يكن يتخيّلها في هذا المكان الهادئ.








