عن التكريم الملكي للأئمة والوعاظ
بلال حسن التل
من الأحداث المهمة التي شهدها شهر رمضان, والتي لابد من البناء عليها حدثان مترابطان ومتكاملان، أولهما تكريم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بمناسبة عيد الاستقلال لعميد الوعاظ وأكبرهم سناً،أعني به الشيخ أحمد مصطفى الخضري،بمنحه وساماً ملكياً تقديراً من جلالته للدور الذي لعبه ومازال هذا العَالم العارف, ثم الإفطار الملكي الذي أقامه جلالته لمجموعة من أئمة ووعاظ وزارة الأوقاف من مختلف مناطق المملكة، وهو حدث غير مسبوق،يجب أن يكون له مابعده،لأنه ليس مجرد إفطار رمضاني يجوز أن يمر مرور الكرام، فهذا الإفطار الملكي يشكل تدخلاً ملكياً لتصحيح الكثير من أوضاع المؤسسة الدينية الرسمية ومساراتها.
أول المسارات التي صححها تكريم جلالة الملك للأئمة والوعاظ في رمضان هو النظرة الاجتماعية اتجاه الأئمة والوعاظ فالأفطار الملكي معهم يعيدهم إلى مكانتهم الاجتماعية المتقدمة التي فقدت منذ زمن، وهو أيضاً تدخل ملكي لتصحيح مسار مهم من مسارات بناء الإنسان ومنظومته القيمية والسلوكية والحضارية، التي يساهم بها الوعاظ مساهمة كبيرة سلباً أوإيجاباً، لذلك فإن التدخل الملكي في هذا المسار عبر مائدة الإفطار التكريمية للأئمة والوعاظ هو إشارة لتحديد موقع ومكانة الوعاظ، في بناء منظومة القيم والتعريف بحقيقة الإسلام وقيمة الإنسانية المبنية على التسامح،وهو أيضاً تأكيد ملكي على دور الأئمة والوعاظ وقبل ذلك دور المسجد في حياة المجتمع وتوجهاته.
يمكننا القول أن مأدبة الإفطار الملكية التكريمية للأئمة والوعاظ هي تنبيه للجميع للسير على خطى جلالة الملك للاعتراف باهمية وخطورة الدور الذي تلعبه مؤسسة الوعظ،وبالدور القيادي للواعظ ومكانته الفكرية ودوره في بناء الرأي العام وتوجيهه، وهذه رسالة أعتقدأن جلالته وهو أعلى مرجعية في الدولة أراد توجيهها إلى سائر مكونات الدولة, لننخرط جميعاً في إعادة بناء جبهتنا الدينية،وإنصافها وتطويرها،من خلال معالجة نظرتنا إليها، ومن ثم معالجة الاختلالات التي أصابت أداء مؤسساتها، وفي الطليعة منها مؤسسة الوعظ التي هي أكبر وأوسع مؤسسات الاتصال والإعلام الجماهيري المباشر، التي لا يجوز أن نخسرها كما خسرنا وسائل الإعلام الأخرى، في زمان صار فيه الإعلام مكون أساسي من مكونات القوة الناعمة للدولة، وصار فيها الخطاب الديني عنصر حاسم في تشكيل المحاور السياسية على المستويين الإقليمي والدولي، وفي زمان صار فيه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين هو الصوت القيادي الوحيد الذي يقدم صورة الإسلام الحقيقية على المنابر الدولية، مواجهاً في ذلك موجات تشويه الإسلام والإسلاموفوبيا. لقد جاء التكريم الملكي للأئمة والوعاظ في رمضان منسجماً مع دور جلالته في الدفاع عن الإسلام في المحافل الدولية، ولكنه أيضاً تكريم يرتب على أكثر من طرف من أطراف الدولة الأردنية واجبات لابد من أن تؤديها لتحقيق الرؤيا الملكية، التي حملها حديث جلالته للأئمة والوعاظ في الإفطار الرمضاني وللحديث بقية.