دولي

اتفاق أوروبي «تاريخي» على نظام الهجرة واللجوء

الشاهين الإخباري

بعد مناقشات دامت سنوات طويلة، ومفاوضات في اللحظة الأخيرة، استمرت طوال الليل الماضي، توصّل النواب الأوروبيون والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، صباح أمس، إلى اتفاق بشأن مسألة شائكة تثير قلق الحقوقيين وهي إصلاح نظام الهجرة.

وأشادت رئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، بهذا «الاتفاق التاريخي» حول ميثاق الهجرة واللجوء. وأعربت رئيسة البرلمان الأوروبي روبيرتا ميتسولا، عن فخرها، معتبرة «أنه على الأرجح أهم اتفاق تشريعي» في ولايتها.

وكتب رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، على «إكس»، مهنئاً: «الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، على توصلّهما إلى اتفاق سياسي حول الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء.. هي خطوة إيجابية بدرجة كبيرة.. فلننتقل الآن إلى التنفيذ.. والمفوضية الأممية مستعدة لتقديم المشورة وتوفير الدعم».

لقيت المبادرة، إشادات من ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، واليونان، وهولندا، فضلاً عن إيطاليا، التي اعتبرت أن هذا الإصلاح يجعل البلدان التي هي في الخطوط الأمامية في مواجهة تدفّقات المهاجرين «تشعر بأنها ليست وحيدة».

في المقابل، دحضت المجر، المعارضة لتدابير التضامن المنصوص عليها في الاتفاق، «بشدّة» الميثاق الجديد للهجرة واللجوء، الذي لا يتطلب اعتماده سوى أغلبية مؤهلة.

وللمصادفة، تمّ التوصّل إلى الاتفاق بعد إقرار البرلمان الفرنسي ليل أول من أمس، قانوناً مثيراً للجدل حول الهجرة، أحدث شرخاً في معسكر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بسبب تأييد اليمين المتطرّف المبادرة الأوروبية.

تضامن إلزامي

ويشكّل الميثاق الذي قدّمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2020، محاولة جديدة لإعادة صياغة اللوائح الأوروبية، بعدما فشلت محاولة سابقة عام 2016، في أعقاب أزمة اللاجئين.

والهدف هو إقرار مجمل النصوص بشكل نهائي قبل الانتخابات الأوروبية المقرّر تنظيمها في يونيو المقبل، علماً بأن مسألة الهجرة تتصدر النقاش السياسي في عدّة بلدان أوروبية، على خلفية تصاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية.

وينص الإصلاح الذي يتضمن سلسلة من خمسة نصوص، على مراقبة معزّزة لعمليات وفود المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي، وإقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود، لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلاً عن آلية تضامن إلزامية بين البلدان الأعضاء، لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطاً كبيرة.

بينما ينبغي أن يحصل الاتفاق السياسي، رسمياً، على موافقة كل من المجلس (الدول الأعضاء)، والبرلمان الأوروبي. ويبقي الإصلاح على القاعدة المعمول بها حالياً، مفادها أن أول بلد يدخله طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي هو الذي يتولى متابعة ملفه، مع بعض التعديلات. لكن، بغية مساعدة البلدان المتوسطية التي تصل إليها أعداد كبيرة من المهاجرين، يعتمد نظام تضامن إلزامي في حال اشتدت الضغوط عليها.

كما ينبغي للدول الأعضاء الأخرى تقديم المساعدة، إما من خلال تولي طلبات اللجوء (نقل أصحاب الطلبات إلى أراضيها) أو من خلال تقديم دعم مالي أو مادي. وينص الإصلاح أيضاً على «فرز» المهاجرين عند وصولهم، وعلى مسار معجّل عبر «آلية على الحدود» للمهاجرين الأقل أهلية مبدئياً، للحصول على حق اللجوء، تسمح بإعادتهم في أسرع وقت إلى بلد الأصل أو العبور.

وسوف تطبق هذه الآلية على الوافدين من بلدان تقل نسبة منح حق اللجوء لمواطنيها عن متوسط 20 % في الاتحاد الأوروبي. فيما شدد المجلس الأوروبي على أن يشمل الإجراء أيضاً العائلات مع أطفال دون الثانية عشرة، ما يقتضي وضع هؤلاء في مراكز احتجاز بالقرب من الحدود أو المطارات.

وحصل البرلمان الأوروبي بهذا الصدد على ضمانات بشأن آلية لمراقبة الحقوق الأساسية في سياق هذه الآلية على الحدود، وظروف إيواء العائلات التي لديها أطفال صغار، وحصول المهاجرين على مشورة قانونية مجانية، وفق ما أوضحت النائب الأوروبية الفرنسية، فابيان كيلير، (رينيو يوروب)، وهي المقرر المعني بأحد هذه النصوص.

ومن النصوص الأخرى التي تم التوافق عليها، تسوية بشأن حالات الأزمات والقوة القاهرة بغية تنظيم الرد في وجه تدفق كثيف للمهاجرين إلى دولة في الاتحاد الأوروبي، كما حصل وقت أزمة اللجوء عامي 2015 و2016.

وينص الميثاق في السياق، على مبدأ التضامن الإلزامي بين الدول الأعضاء واعتماد نظام استثنائي أقل حماية لطالبي اللجوء من الإجراءات الاعتيادية، مع احتمال تمديد فترة الاستبقاء عند الحدود الخارجية للتكتل الأوروبي.

انتقادات حقوقية

ويثير إصلاح نظام الهجرة في الاتحاد الأوروبي انتقادات منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان. ووجهت نحو 50 منظمة غير حكومية، بينها: «أوكسفام»، و«كاريتاس»، و«أنقذوا الأطفال»، رسالة مفتوحة إلى المفاوضين لتحذيرهم من تحول الميثاق إلى «نظام سيئ التصميم، ومكلف، وقاسٍ». واعتبرت «كاريتاس» أن الاتفاق من شأنه أن «يقوض سبل اللجوء وحقوق هؤلاء الذين ينشدون الحماية».

بينما ندد النائب الأوروبي الفرنسي، داميان كاريم، من حزب «الخضر» عبر «إكس»، بميثاق «معيب لأجمل قيم أوروبا»، وكتب «خرجنا بنص هو أسوأ من الوضع الحالي.. سنموّل جدرانا، وأسلاكاً شائكة، وأنظمة حماية في كل أنحاء أوروبا».

جاء في بيان صادر عن مجموعة من 15 منظمة غير حكومية، تعنى بعمليات الإغاثة في البحر أن «الاتفاق يشكل فشلاً تاريخياً، وإكراماً للأحزاب اليمينية الأوروبية»، مع الإشارة إلى أن «الاتحاد الأوروبي فوّت عليه مجدداً الفرصة مع الاتفاق. وكانت هناك وسائل بديلة لإنقاذ الأرواح البشرية».

أ ف ب

زر الذهاب إلى الأعلى